|
||
. |
||
ذم التشبه بالكفار: رابعًا: حكمة النهي عن التشبه بالكفار: الصفحة السابقة (عناصر البحث) الصفحة التالية |
||
|
||
رابعًا: حكمة النهي عن التشبه بالكفار: ذكر العلماء حكمًا وأسبابًا كثيرة في النهي عن التشبه بالكفار، ومنها ما يلي: 1- أن أعمال الكفار مبناها على الضلال والفساد: قال ابن تيمية: "إن نفس ما هم عليه من الهدْي والخلق قد يكون مضرًا أو منقصًا، فينهى عنه، ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص، لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال، ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملاً قط. فإذًا المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم، حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرًا بأمر الآخرة، أو بما هو أهم منه من أمر الدنيا، فالمخالفة فيه صلاح لنا"[1]. 2- أن مخالفة الكفار تحقِّق مجانبتهم ومباينتهم والبعدَ عن أعمالهم: قال ابن تيمية: "إن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض الذي ضرره أشدُّ من ضرر أمراض الأبدان"[2]. 3- أن التشابه يوقع شيئًا من المشاكلة: قال ابن تيمية: "إن الله تعالى جَبَل بني آدم, بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط. ولما كان بين الإنسان وبين الإنسان مشاركة في الجنس الخاص كان التفاعل فيه أشد, ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط، فلا بدّ من نوع تفاعل بقدره، ثم بينه وبين النبات مشاركة في الجنس البعيد مثلاً، فلا بد من نوع ما من المفاعلة، ولأجل هذا الأصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم، واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة والمشاكلة... فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي"[3]. وقال أيضًا: "إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلاً بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوعَ انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد من نفسه نوع تخلّق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيًا لذلك، إلا أن يمنعه مانع"[4]. قال ابن تيمية: "إن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، وتحقيق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين"[5]. 5- تمييز المسلمين عن غيرهم من الكفرة والملحدين: قال ابن تيمية: "إن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميّز ظاهرًا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين"[6]. |
||
|
||
. |