|
||
. |
||
ذم التشبه بالكفار: أولاً: تعريف وبيان: الصفحة السابقة (عناصر البحث) الصفحة التالية |
||
|
||
أولاً: تعريف وبيان: 1- تعريف التشبه لغة واصطلاحًا: التشبه لغة: قال ابن فارس: "(شبه) الشين والباء والهاء: أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لونًا ووصفًا، يقال: شِبْه وشَبَه وشَبيه، والشّبَهُ من الجواهر الذي يشبه الذهب"[1]. وقال ابن منظور: "الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المثل، والجمع أشباه، وأشْبَه الشيءُ الشيءَ: ماثله، وفي المثل: من أشبه أباه فما ظلم... وبينهما شَبَه بالتحريك, والجمع مَشابِهُ على غير قياس... وأشْبَهْتُ فلانًا وشابَهْتُه واشتبه عليّ وتشابه الشيئان واشتبها: أشبه كل واحد منهما صاحبَه... وتشبّه فلان بكذا، وتقول: في فلان شَبَهٌ من فلان، وهو شِبْهُهُ وشَبَهُه وشبيهُهُ"[2]. إذًا التشبه لغة: مصدر تشبه، يقال: تشبه فلان بفلان إذا تكلف أن يكون مثله[3]. والتشبه مأخوذ من المشابهة، وهي المماثلة والمحاكاة والتقليد[4]. التشبه اصطلاحًا: قال الغزي: "هو عبارة عن محاولة الإنسان أن يكون شبهَ المتشبَّه به وعلى هيئته وحليته ونعته وصفته، أو هو عبارة عن تكلّف ذلك وتقصُّده وتعلّمه، وقد يعبر عن التشبه بالتشكل والتمثل والتزيِّي والتحلي والتخلق"[5]. وقيل: "هو تمثُّل المسلم بالكفار في عقائدهم أو عباداتهم أو أخلاقهم أو فيما يختصون به من عادات أو خضوعه لهم بشكل من الأشكال"[6]. قال ابن تيمية: "التشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر, ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير. فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبّهًا نظر، لكن قد يُنْهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة"[7]. والمقصود بالتقليد الأعمى هو: ما سلكه المسلمون ـ من غير إدراك ولا وعي ولا تمحيص ـ من اتباع الكفار، والأخذ منهم، والتشبه بهم في شتى ألوان الحياة وأنماط السلوك والأخلاق وأشكال الإنتاج؛ في الاعتقاد والتصور والفكر والفلسفة والسياسة والاقتصاد والأدب والفن والثقافة والنظم والتشريع, من غير اعتبار للعقيدة والشريعة الإسلامية والأخلاق الفاضلة، ومن غير إلزام للمنهج الإسلامي الأصيل[8]. وهي مشاركة أحد الشخصين للآخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو اعتقاد أو غير ذلك، سواء أكان ذلك من أجل ذلك الآخر أم لا لأجله[9]. فالموافقة بهذا الاعتبار أعم من التشبه. قال ابن تيمية: "الموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في الكثير، وهنا جنس الموافقة يلبس على العامة دينهم، حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر"[10]. [1] مقاييس اللغة (3/243). [2] لسان العرب (7/23-25)، وانظر: القاموس المحيط (ص 1610). [3] الموسوعة الفقهية الكويتيه (12/5). [4] رسالة (من تشبه بقوم فهو منهم) د.ناصر العقل (ص 7). [5] حسن التنبه لما ورد في التشبه (ق 2/2) مخطوطة بدار الكتب الظاهرية بدمشق والمكتبة السليمانية بتركيا، مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, والنقل عنه بواسطة: التدابير الواقية من التشبه بالكفار (1/49). وقد ذكر أكثر الباحثين المعاصرين أنهم لم يعثروا ـ في حدود اطلاعهم ـ عند العلماء المتقدمين ولا المتأخرين على تعريف اصطلاحي للتشبه بالكفار يبين ماهيته، باستثناء تعريف نجم الدين الغزي, وإنما اكتفوا ـ رحمهم الله ـ ببيان أحكام التشبه بالكفار، معتمدين في ذلك على وضوح معناه اللغوي، وعلى فهمهم الدقيق لمقتضيات النهي عن التشبه بالكفار. انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار (1/48). [6] التدابير الواقية (1/50), وانظر: من تشبه بقوم فهو منهم (ص7). [7] اقتضاء الصراط المستقيم (1/271). [8] انظر: التقليد والتبعية وأثرهما في كيان الأمة الإسلامية، د.ناصر العقل (ص 47-48). [9] انظر: إحكام الأحكام للآمدي (1/172). [10] اقتضاء الصراط المستقيم (1/547). |
||
|
||
. |