موسوعة البحـوث المنــبرية

.

   تربية الأبناء: خامساً: كيفية بناء الجوانب الشخصية لدى الأبناء:        الصفحة السابقة              الصفحة التاليـة             (الصفحة الرئيسة)

 

خامساً: كيفية بناء الجوانب الشخصية لدى الأبناء:

1- البناء العلمي:

يقول ابن الجوزي ناصحاً ابنه: "فينبغي لذي الهمّة أن يترقّى إلى الفضائل، فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سيره وسير أصحابه والعلماء من بعدهم، ولا بدّ من معرفة ما يقيم به لسانَه من النحو، ومعرفة طرف مستعمل في اللغة، والفقه أصل العلوم، والتذكير حلواؤها وأعمّها نفعاً"[1].

والبناء العلمي يكون بالأمور التالية:

ـ التنويه بفضل العلم ومكانة العلماء، وغرس ذلك في نفوس الأبناء.

ـ تعليمهم آداب طالب العلم.

ـ تركيز الأبناء على التخصّص العلمي حسب استعداداتهم وميولهم.

ـ تعليمهم المنهجية في الطلب[2].

2- البناء الاعتقادي:

قال ابن قدامة: "فإذا بلغ الصبيّ فأول واجب عليه تعلّم كلمَتَي الشهادة وفهم معناهما، وينبغي أن يتعلّم الإيمانَ بالبعث والجنة والنار..."[3].

ويكون البناء الاعتقادي بالآتي:

ـ تعليم الأبناء المسائل الإيمانية والمباحث العقدية.

ـ استخدام الأدلة العقلية والحقائق العلمية في دعم المباحث العقدية.

ـ تكوين عاطفة قوية دافعة إلى السلوك الحسن لدى الأبناء بموجب العقيدة الصحيحة.

ـ توضيح آثار التربية الإيمانية على الفرد المسلم للأبناء[4].

3- البناء الأخلاقي:

قال ابن القيم: "ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه؛ فإنه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره"[5].

ويتمثل البناء الأخلاقي في الآتي:

ـ   تعريف الأبناء بأهمية الأخلاق وغرسها في قلوبهم.

ـ   الوقوف بهم على معالم الأخلاق وحدودها وضوابطها.

ـ   تنشئة الأبناء على القيم الأخلاقية في جميع المراحل العمرية، مع استخدام كافة الأساليب التربوية في ذلك.

ـ  تنمية روح الالتزام والإرادة الأخلاقية[6].

4- البناء التعبّدي:

قال أبو الوليد الباجي لابْنيْه موصياً لهما: "وتنقسم وصيّتي لكما قسمين: فقسم فيما يلزم من أمر الشريعة؛ فأما القسم الأول فالإيمان بالله عز وجل... والتمسك بكتاب الله... وإقام الصلاة فإنها عمود الدين... ثم أداء زكاة المال لا تؤخّر عن وقتها... ثم صيام رمضان فإنه عبادة السرّ وطاعة الربّ... ثم الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً..."[7].

ويتركز البناء التعبّدي فيما يلي:

ـ   تنمية روح المحبة للعبادات بالتعريف بها وذكر فضلها وأهميتها.

ـ   تنشئة الأبناء على العبادة منذ المراحل الأولى، وتدريبهم عملياً عليها بالأساليب التربوية.

ـ   تحلية نفوسهم بالنيات الحسنة، وتطهيرها من النيات السيئة.

ـ  تكوين الوعي الكامل لدى الأبناء بالآثار التربوية للعبادات[8].

5- البناء الاجتماعي:

قال القاسمي: "الوقت الذي تمضيه في أداء الواجبات الاجتماعية ليس بوقت ضائع؛ لأن حبّ الغير ومعاونته والعمل على نشر العلم وتقليل وطأة الفاقة كلها من دلائل السعادة"[9].

والبناء الاجتماعي يكون بالآتي:

ـ   تنمية روح الأخوة الإيمانية لدى الأبناء.

ـ   تعريفهم بمقاصد الوحدة الإسلامية والتكافل الاجتماعي.

ـ  تعليمهم الحقوق الاجتماعية[10]، مع بيان أهميتها في بناء كيان المجتمع.

ـ  تكوين شخصية اجتماعية مراعية لضوابط الخلطة الاجتماعية[11].

6- البناء الصّحي:

قال السعدي: "أولى الناس ببرّك وأحقّهم بمعروفك أولادك؛ فإنهم أمانات جعلهم الله عندك، ووصّاك بتربيتهم تربية صالحة لأبدانهم وقلوبهم... فإنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم فأنت قائم بالحقّ مأجور"[12].

ويتمثل البناء الصحي في الآتي:

ـ   تعليم الأبناء الالتزام بقواعد الصحة العامة.

ـ   تبصيرهم بأن الفرائض والسنن الإسلامية تساعد على صحة البدن.

ـ   تعويدهم على ممارسة الرياضة البدنية وفق الضوابط الشرعية.

ـ  تبصيرهم بآداب البناء الجسمي[13].

7- البناء الفكري:

قال السعدي: "وينبغي للوالد أن يشاور أولاده في الأمور المتعلقة بهم، ويستخرج آراءهم، ويعوّدهم على تربية أفكارهم وتنمية عقولهم"[14].

والبناء الفكري يكون بالأمور الآتية:

ـ   تعويد ذهن الأبناء على الاستنباط واستخراج المسائل العلمية من النصوص.

ـ   تنميتهم على استدامة التفكير والنظر المعتبر في مخلوقات الله عز وجل.

ـ   إبعاد ذهن الأبناء عن التفكير في الأمور الفاسدة.

ـ  ترويض أذهانهم على تدبر وتفهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية[15].

8- البناء العملي المهني:

قال جمال الدين القاسمي: "خليق بالآباء ـ وإن كانوا في غنىً أو جاه ـ أن يربّوا أولادهم على مبدأ الاعتماد على النفس والاستقلال بأن يستعدّ في حياة والديه للعمل؛ لأن الحياة لا تقوم إلا بالحركة والسعي والعمل والتدبير"[16].

ويتمثل البناء المهني في الآتي:

ـ   تبصير الأبناء بفضل العمل وأهميته، وتنمية ذلك في نفوسهم.

ـ   تعليم الأبناء أخلاقيات العمل وآدابه.

ـ  تعليمهم الفنون الاقتصادية حسب رغباتهم وقدراتهم[17].


[1] لفتة الكبد إلى نصيحة الولد (ص30–34).

[2] ينظر: علم النفس التربوي في الإسلام ليوسف القاضي ومقداد يالجن (ص282–291).

[3] مختصر منهاج القاصدين (ص20).

[4] ينظر: علم النفس التربوي في الإسلام (ص241–267).

[5] تحفة المودود (ص146).

[6] ينظر: علم النفس التربوي في الإسلام (ص356–360).

[7] الوصية للباجي (ص28–30).

[8] علم النفس التربوي في الإسلام (ص306–334).

[9] جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب (ص16).

[10] الحقوق الاجتماعية: كحق الوالدين، والحقوق الزوجية، وحق الجوار... الخ.

[11] ينظر: علم النفس التربوي في الإسلام (ص363–379).

[12] بهجة قلوب الأبرار، المجموعة الكاملة: قسم الحديث (128).

[13] ينظر: علم النفس التربوي في الإسلام (ص385–394).

[14] الرياض الناضرة، المجموعة الكاملة: قسم الثقافة (1/415).

[15] ينظر: جوانب التربية الإسلامية لمقداد يالجن (ص83–134).

[16] جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب (ص47).

[17] ينظر: أصول التربية الإسلامية للحازمي (ص171–128).

 
.