|
||
. | ||
عقيدة اليهود: خامسًا: عقيدة اليهود في اليوم الآخر: الصفحة السابقة (عناصر البحث) |
||
|
||
خامسًا: عقيدة اليهود في اليوم الآخر: 1- خلو التوراة من ذكر اليوم الآخر: قال ابن حزم: "إن التوراة التي بأيدي اليهود ليس فيها ذكر ما لنعيم الآخرة أصلاً، ولا الجزاء بعد الموت ألبتة"[1]. وقال ابن تيمية: "التوراة ليس فيها تصريح بذكر المعاد، وإن كان ذكر المعاد موجودًا في غير التوراة من النبوات، ولهذا كان أهل الكتاب يقرون بالمعاد وقيام القيامة الكبرى"[2]. 2- زعم اليهود أنهم هم أهل الجنة: قال الله تعالى: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ} [البقرة:111]. وحاجهم سبحانه بقوله: {قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ % وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} [الجمعة:6، 7]، وقوله: {قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَـٰدِقِينَ % وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّـٰلِمينَ} [البقرة:94، 95]. قال ابن تيمية: "فأخبر عن اليهود أنهم لن يتمنوا الموت أبدًا، وكان كما أخبر، فلن يتمنوا اليهود الموت أبدًا، وهذا دليل من وجهين: من جهة إخباره بأنه لا يكون أبدًا، ومن جهة صرف الله لدواعي اليهود عن تمني الموت مع أن ذلك مقدور لهم، وهذا من أعجب الأمور الخارقة للعادة، وهم مع حرصهم على تكذيبه صلى الله عليه وسلم لم تنبعث دواعيهم لإظهار تكذيبه بإظهار تمني الموت"[3]. 3- دعوى اليهود أن عذابهم في النار مؤقت بأيامٍ معدودة: قال الله تعالى: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً} [البقرة:80]. فقد روي أن اليهود كانت تقول: "لن نعذّب سوى سبعة أيام، فإن الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يومًا، ثم ينقطع عنا العذاب"، وقيل في رواية أخرى: أن اليهود قالوا: "لن ندخل النار إلا الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين، فإذا انقطعت انقطع عنا العذاب"[4]. وقد كذبهم الله بقوله: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ % بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيّئَةً وَأَحَـٰطَتْ بِهِ خَطِيـئَـتُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} [البقرة:81]. سبق النقل عن ابن حزم وابن تيمية أنه لا يوجد نص صريح في التوراة على ذكر المعاد، وخاصة الأسفار الخمسة، إلا أنه توجد بعض النصوص في بقية أسفار العهد القديم تشير إلى إيمان اليهود باليوم الآخر بصورة صحيحة تتفق والحق في بعض حقائقه، وصرحت نصوص أخرى باضطراب عقيدتهم في قضية البعث وانحرافها إلى مذهب الفلاسفة والتناسخية، وهذا تناقض في إيمانهم باليوم الآخر، ومما لا شك فيه أنه خروج عن الإيمان الصحيح باليوم الآخر[5]. يصرّح الدكتور هربري لوي اليهودي بأن اليهود لا يشيرون إلى حياة أخرى بعد الموت يخلد فيها الإنسان، وأن غاية اعتقادهم بأن الجنة على الأرض، وأن كل ثواب وعقاب هو في الدنيا[6]. والحقيقة أن هذا الاعتقاد بأن الجنة على الأرض إنما تعتقده إحدى طوائف اليهود، وهم الفيريسيون، ولعلها تشير إلى الجنة التي عاش آدم وحواء فيها قبل الخطيئة[7]، إذ ليس هناك أي دليل ينصّ على أنها جنة الخلد التي سينعم المؤمنون فيها في اليوم الآخر بعد البعث والحساب، كما أنهم يطلقون كلمة جنة على كل بستان كما جاء عنهم ذلك[8]. أما الحديث عن الحياة الأخرى والجنة والنار بعد البعث فليس في الأسفار الخمسة ذكر صريح جلي، ومما يؤكد هذا إقرار الأسفار الخمسة بالثواب والعقاب الدنيوي فقط، إذ تجعل مناط الطاعة والمعصية هو الإثابة والعقوبة في هذه الحياة الدنيا المتمثل في البركات واللعنات المادّية التي تصيب الإنسان، وتبرز واضحة جلية أهم الدعائم التي ترتكز عليها بركات الرب للمطيعين من بني إسرائيل في تمكينهم واستعلائهم على غيرهم من الأمم، وتأييدهم ونصرهم بتحقيق الوعد لهم بتلك الأرض المقدسة، الأرض التي خططوا ونفذوا لاستيلائها[9]. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،
[1] الفصل في الملل والنحل (1/207). [2] الجواب الصحيح (2/79). [3] الجواب الصحيح (2/76). وانظر: مجموع الفتاوى (12/469). [4] انظر: جامع البيان، للطبري (2/277). [5] جهود الإمامين (ص 518). [6] انظر: المخططات التلمودية لأنور الجندي (ص 21). [7] انظرر: سفر التكوين (2: 10، 13: 10). [8] انظر: قاموس الكتاب المقدس (ص 275). [9] جهود الإمامين (ص 515-516). |
||
. |