.

   تحريم الأنفس المعصومة: سادساً: حرمة دم الذميّ والمعاهد:         الصفحة السابقة     الصفحة التالية   (عناصر البحث)

 

سادسا: حرمة دم الذميّ والمعاهد:

قد يخفى على كثير ممن قلَّ نصيبه من العلم حرمة دم المعاهد، ولذا جاءت الشريعة الإسلامية بالتحذير الشديد من قتل المعاهد, وهو كلّ من له عهد مع المسلمين بعقد جزية أو هدنة من حاكم أو أمان من مسلم[1]، إلا أن ينقض العهد فيكون حلال الدم.

1- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما))[2].

2- وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة, وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما))[3].

وعن رفاعة بن شدّاد[4] قال: كنتُ أقوم على رأس المختار بن أبي عبيد[5] الكذّاب مدَّعي النبوّة، فلمّا تبيّنتُ كذبَه هممتُ ـ والله ـ أن أسلّ سيفي فأضرب به عنقَه، فأمشي بين رأسه وجسده، حتّى ذكرتُ حديثًا حدّثنا به عمرو ابن الحمِق رضي الله عنه[6] قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أمَّن رَجلاً على نفسه فقتله أُعطيَ لواءَ الغدر يوم القيامة))[7]، وفي لفظ: ((من ائتمَنه رجلٌ على دمِه فقتله فأنا منه بريء وإن كان المقتول كافرًا))[8]، وفي لفظ: ((أيّما رجل أمّن رجلاً على دمه فقتله فقد برِئت من القاتل ذمّة الله وإن كان المقتول كافرًا))[9].


[1] انظر: فتح الباري (12/259).

[2] أخرجه البخاري في الجزية (3166).

[3] أخرجه الإمام أحمد (17378), والنسائي في القسامة, باب: تعظيم قتل المعاهد (4668) واللفظ له, وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2453).

[4] هو رفاعة بن شداد بن عبد الله القتباني أبو عاصم الكوفي، من كبار التابعين، وثّقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، قتل سنة 66هـ، قيل: قتله المختار بن أبي عبيد. انظر: تهذيب التهذيب (3/251).

[5] المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، يكنى: أبا إسحاق، ولم يكن بالمختار، كان أبوه من جِلّة الصحابة. ولد المختار عام الهجرة، وليست له صحبة ولا رؤية، وأخباره غير مرضية، يقال: إنه كان في أول أمره خارجيا ثم صار زيديا ثم صار رافضيا. انظر: الإصابة لابن حجر (6/349-351).

[6] هو عمرو بن الحمق بن كاهل بن حبيب الخزاعي الكعبي، هاجر بعد الحديبية، سكن الشام ثم الكوفة ثم قدِم مصر، شهد مع علي حروبه، وقتل بالحرَّة سنة 63هـ، وقيل: سنة 50 هـ، وقيل: سنة 51 هـ. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2/532، 532)، وتهذيب التهذيب (8/21).

[7] أخرجه أحمد (5/223، 224، 436)، والنسائي في الكبرى (5/225)، وابن ماجه في الديات (2688)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2345)، والبزار (2306)، والطحاوي في شرح المشكل (1/77)، وقال البوصيري في الزوائد (3/136): "إسناده صحيح، رجاله ثقات"، وهو مخرج في السلسلة الصحيحة (440).

[8] أخرجه أحمد (5/224، 437)، والبزار (2308)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/202)، والطبراني في الأوسط (4252، 6655، 7781)، وأبو نعيم في الحلية (9/24)، والقضاعي في مسنده (164)، قال العقيلي في الضعفاء (2/215): "أسانيده صالحة"، وقال الهيثمي في المجمع (6/285): "رواه الطبراني بأسانيد كثيرة، وأحدها رجاله ثقات"، وهو في صحيح الجامع (6103).

[9] مصنف عبد الرزاق (9679).

 
.