|
||
. | ||
النفاق: خامساً: خوف السّلف من النفاق: الصفحة السابقة الصفحة التاليـة (الصفحة الرئيسة) |
||
|
||
خامسًا: خوف السّلف من النفاق: 1- عن حنظلة رضي الله عنه قال: لقيَني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكّرنا بالنار والجنة حتى كأنّا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولادَ والضيعات، فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله، إنا لنلقى مثلَ هذا. فانطلقتُ أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما ذاك؟)) قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكّرنا بالنار والجنة حتى كأنّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن ـ يا حنظلة ـ ساعة وساعة))[1]. قال النووي: "قوله: (نافق حنظلة) معناه: أنّه خاف أنه منافق حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا، وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافَه من الشرّ، فخاف أن يكون ذلك نفاقا، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بنفاق، وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك. ((ساعة وساعة)) أي: ساعة كذا وساعة كذا"[2]. 2- وعن حذيفة رضي الله عنه قال: دُعي عمر لجنازة فخرج فيها أو يريدها، فتعلّقتُ به فقلتُ: اجلس يا أمير المؤمنين، فإنّه من أولئك ـ أي: من المنافقين ـ، فقال: نشدتك الله، أنا منهم؟ قال: لا، ولا أبرئ أحدا بعدك[3]. 3- وقال ابن أبي مليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل[4]. 4- وعن الحسن: "ما خافه ـ أي: النفاق ـ إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق"[5]. 5- وعن المعلى بن زياد قال: سمعت الحسن يحلف في هذا المسجد: "بالله الذي لا إله إلا هو، ما مضى مؤمن قطّ ولا بقي إلا هو من النفاق مشفِق، ولا مضى منافق قطّ ولا بقي إلا هو من النفاق آمن"، قال: وكان يقول: "من لم يخف النفاق فهو منافق"[6]. 6- وعن أبي عثمان قال: قلت لأبي رجاء العطاردي: هل أدركت ممن أدركتَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشون النفاق؟ وكان قد أدرك عمر رضي الله عنه، قال: نعم، إني أدركت منهم بحمد الله صدرا حسنا، نعم شديدا، نعم شديدا[7]. قال ابن القيم: "تالله، لقد مُلئت قلوب القوم إيمانًا ويقينًا، وخوفهم من النفاق شديد، وهَمُّهم لذلك ثقيل، وسواهم كثير منهم لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، وهم يدّعون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل"[8].
[1] أخرجه مسلم في التوبة (2750). [2] شرح صحيح مسلم (17/66-67). [3] أخرجه البزار في مسنده (2885)، وأبطله ابن حزم في المحلى (11/225)، وقال الهيثمي في المجمع (3/42): "رجاله ثقات". [4] أخرجه البخاري تعليقًا في الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ووصله الحافظ في تغليق التعليق (1/52). [5] أخرجه البخاري تعليقًا في الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ووصله الفريابي في صفة المنافق من طرق متعددة وألفاظ مختلفة. [6] أخرجه الفريابي في صفة المنافق (87). [7] أخرجه الفريابي في صفة المنافق (81)، وأبو نعيم في الحلية (2/307). [8] مدارج السالكين (1/388). |
||
. |