.

اليوم م الموافق ‏22/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

منابع الفكر التكفيري

5725

أديان وفرق ومذاهب, موضوعات عامة

جرائم وحوادث, فرق منتسبة

يوسف بن أحمد القاسم

الرياض

جامع الشيخ عبد العزيز الرواف

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- أهمية الأمن. 2- جهود الدولة المباركة في مقاومة الفئة الضالة. 3- الردّ على المصطادين في الماء العكر. 4- الإرهاب عام في الملل والنحل. 5- أخطر أسباب الإرهاب والتطرف. 6- ضرورة تجنيد الطاقات لمكافحة الإرهاب.

الخطبة الأولى

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى.

أيها الإخوة في الله، الأمن والغذاء هما شريان الحياة, ولهذا حين أمر الله تعالى المؤمنين بالعبادة في قوله: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ [قريش: 3] ذكّرهم بما امتنّ عليهم بقوله: الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش: 4]، ودولة لا تنعم بالأمن والاستقرار فإنها تعيش في قلق دائم وفي انزعاج مستمر.

والغريب حقًا أن يسعى بعض أبناء جلدتنا لزعزعة الأمن في بلادنا! ومع هذا لم تزل قواتنا الأمنية ببلادنا المباركة تحقق نجاحات متتابعة بأسلوب مثير للإعجاب في تمشيط معاقل الفئة الضالة ـ وهي التسمية الشرعية لهذه الفئة ـ، والمثير أن الدولة تقوم بهذا الإنجاز العظيم وبصمت! إلا أن الغريب حقًا هو عدم صمت بعض الكتاب والمثقفين وأنصاف المتعلمين ممن يستغلّ هذه الأحداث لتصفية بعض الحسابات الفكرية مع هذا الفكر أو ذاك! فانظر ـ أخي الكريم ـ إلى هذه المعادلة: دولة تعمل بصمت لمقاومة هذه الفئة الضالة, وتجند كلّ قواها لمواجهتها بالقوة, وبمقارعة الفكر بالفكر من خلال برامج المناصحة المختلفة, وكتّاب ومثقفون لا يصمتون عن استغلال الحدث استغلالاً مقيتًا, ولا يجيدون إلا لغة الهمز واللمز, فيجيّرون هذه الأفكار التكفيرية للنيل من مناهجنا الدراسية ومن المراكز الصيفية ومن حلقات تحفيظ القرآن الكريم! وفي تقديري أن هذا التجيير غير مقبول ولا منطقي بكل المقاييس, والوقائع تقاس بأشباهها كما عند علماء أصول الفقه, بل وعند عقلاء العالم, وهنا أقول:

لنأخذ مثالاً بسيطًا لدولة مجاورة عانت من التنظيمات المتطرفة سنوات عديدة وهي مصر, فقد أثقل كاهلها بالعديد من عمليات الاغتيال وتفجير المنشآت واستهداف الآمنين, ولا يخفى على مطّلع أن مصر لم تكن تحفل بالمراكز الصيفية, ولا بحلقات تحفيظ القرآن الكريم, ولا بالدروس والمحاضرات في المساجد... إلخ, بل كان كثير من هذه البرامج الدينية والعلمية المختلفة من الأنشطة المحظورة إبان تلك الحقبة المشحونة بالتنظيمات المتطرفة، ومع هذا فقد عانى أهل مصر ما عانوا, إذًا فهل يليق ببعض مثقفينا أن يعلقوا هذا التنظيم الضالّ على شماعة البرامج الدينية؟!

أيها الإخوة في الله، إن الإرهاب ليس له مذهب ولا دين, وإلا فماذا نقول عن تفجير أو إحراق بعض العناصر اليهودية أو النصرانية أو الوثنية أو غيرها لبعض المراكز التجارية أو المعابد الدينية في البلاد الشرقية أو الغربية التي يتوارى فيها الدين تحت هيمنة الفجور وفوضى العري؟! كتفجير مركز التجارة الدولية بنيويورك عام 1993م, وتفجير المبنى الفدرالي بأوكلاهوما والذي اتهم فيه الإسلاميون بعملية التفجير, ثم ظهر المجرم الحقيقيّ, وأنه نصراني متطرف أمريكي، وكحادث الحريق الذي نفذته عناصر يهودية متطرفة في المسجد الأقصى, وكحادث غاز السارين السام في أنفاق مترو طوكيو، والذي ساهمت في تنفيذه جماعة "أوم شينريكيو" اليابانية، والذي أدى إلى وفاة واختناق الكثيرين، وكحوادث القتل والتمثيل التي نفذتها عناصر كثيرة من الصرب ضدّ مسلمي البوسنة والهرسك، وتطرف وإرهاب السيخ والهندوس ضد مسلمي الهند وكشمير، وتطرف وإرهاب الشيوعيين ضد كل من يظهر المخالفة أو يبيّتها في ولايات الاتحاد السوفيتي في عصر الشيوعية الحمراء، كل هذا يدل على أنه لا هوية للإرهاب, والتطرف الصهيوني اليوم في فلسطين المحتلة خير شاهد على الصور الإرهابية البشعة التي تمارسها عصابة يهودية وبرعاية غربية.

ومن هنا فإنه يجب علينا أن ننظر في أسباب وجود هذه الفئة الضالة بيننا, وبشكل منصف ومحايد, بعيدًا عن تصفية الحسابات.

أيها الإخوة في الله، وإذا أردنا أن نسلط الضوء على أخطر هذه الأسباب فهو فيما جاء في تقرير رسمي نُشر في الجريدة الاقتصادية قبل أيام على لسان الاستخبارات السعودية, بأن عدد المواقع الإلكترونية التي تنشر الفكر التكفيري أكثر من سبعة عشر ألف موقع، كلها تصدّر الفكر التكفيري من أقصى الدنيا إلى أقصاها, فتتسلّل إلى كل بيت, وتطرق كلّ باب, ويقع في شراكها من لا يرد يد لامس، ولا ريبَ أنه يقف وراء هذه المواقع التي تبثّ هذا الفكر السام ويمولها من لا يريد الخير لشبابنا, وهنا نتساءل: من هؤلاء؟ إنهم بكل بساطة من لا يريد الخير لشبابنا وبلادنا، ومن هنا فإنه يجب أن تجنّد الطاقات الفكرية المعتدلة لمقارعة هذا الفكر الضال, وهذا مما يحسب للجهات المسؤولة التي أعطت هذا الموضوع جانبًا من الرعاية والاهتمام, ولذا أصبحنا نسمع عن تراجع أعداد كبيرة من أصحاب هذا الفكر الضال, وفي تقديري أن من لديه وطنية حقيقية يفرح بهذا الإنجاز ويسعد به, أما من لا يؤمن إلا بلغة السلاح وصوت الذخيرة فهذا من وجهة نظري تطرف فكري يحتاج هو الآخر إلى معالجة.

إن المحاضن التربوية يجب أن تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال, بدءًا بالبيت والأسرة والمسجد, ومرورًا بوسائل الإعلام المحلية والفضائية, وبالشخصيات العلمية والثقافية النزيهة والمؤثرة, وانتهاءً بالمحاضن التعليمية والتربوية.

فمحيط الأسرة له أثره الكبير في تربية الابن وتوجيهه الوجهة التربوية السليمة, لا سيما إذا كانت الأسرة مستقرة وأجواؤها مطمئنة, يملؤها الجو العاطفي والحنان الأبوي وحضن الأم الدافئ, ويمثلها القدوة الحسنة في الأب والأم, وحينئذ يستقر الابن وتطمئن نفسه وتهدأ جوارحه, ويملأ البيت جوانحه بالأنس والسرور والسعادة, ولا يفتش خارج المنزل أو تحت كواليس الإنترنت عن صديق يسد فراغًا عاطفيًا في نفسه, ولا ينقب عن صاحب يلمم جراحاته ويكفكف دموعه وآهاته. ومن المعلوم أن الولد الذي يُربى بالقسوة والعنف ويعيش في بيت يكتنفه الغلظة والجفاء لا ينشأ إلا عاقًّا, ينتظر الفرصة للانتقام من مجتمعه أو من مربيه.

أما وسائل الإعلام المختلفة فقد دخلت كل بيت, وملأت كل زاوية, وتسللت إلى كل قلب, وتوظيفها في مقارعة الفكر المتطرف بكل صراحة وموضوعية بعيدًا عن التجريح والإسفاف له دوره الكبير والفعال أيضًا.

أما الشخصيات العلمية والثقافية فعليهم واجب آخر بما يحملونه من علم وثقافة, سواء باللسان أو بالقلم, كل بما يستطيع, والعلماء وطلاب العلم والمثقفون الشرفاء ممن عرفوا بالصدق والنزاهة والوطنية هم أجدر بالقيام بهذا الدور الهام؛ لأنه من أبسط الحقوق الذي يفرضه الواجب الديني, ويمليه الحس الوطني, ولئلا يوظف هذا الموضوع من قبل من يتشدق بالوطنية لأغراض وأهواء داخلية أو أجندة خارجية, فيساوم على الوطنية أو يجيد اختطافها متى سنحت له الفرصة بذلك.

أما المحاضن التعليمية والتربوية الحكومية منها والأهلية على المستوى الجامعي وما دونه فهذه أيضًا عليها دور هام جدًا, وذلك من خلال تدريس المواد الشرعية والتربوية التي تغرس في نفوس الطلاب بعض المعاني الإسلامية الوسطية السامية, والتي تحث المسلم على فعل المعروف, بدءًا بحقوق المسلم على أخيه المسلم, سواء كان أمًا أو أبًا أو زوجًا أو قريبًا, وسواء الراعي والرعية, ومرورًا بحق الإنسان, أيًا كان مسلمًا أو غير مسلم, بإماطة الأذى عن الطريق, وإعانة الضعيف, والإحسان إلى الجار والفقير وما إلى ذلك، وانتهاء بحق الحيوان, وعرض نماذجه الحية في الإسلام, كما في سقي الكلب الذي أدخل البغي الجنة, وحبس القط الذي أدخل المرأة النار, فغرس هذه المعاني السامية التي تحث على فعل المعروف بالمسلم والإنسان والحيوان والمعاني الأخرى التي تمنع من المنكر وتحذر منه كالنصوص الشرعية التي جاءت بتحريم قتل النفس المعصومة وإثم ترويع الآمنين ونحو ذلك مما حذر منه الإسلام, غرس هذه المعاني له أثره الكبير والعميق, لا سيما إذا كان التعليم على أيدٍ مؤهّلة, تحمل هم الدين, وتكرس معنى الوسطية, وتشعر بعمق الانتماء لهذا الوطن.

أقول قولي هذا...

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً