الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على خير من صلى وصام وأناب، وعلى آله والأصحاب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب.
أيها المسلمون، نعرف جميعًا أن التدخين محرّم وخبيث، ويسبب الأمراض الخطيرة، لكن ثمةَ أمر يجهله الكثيرون، وهو أن المدخن قد يجلب على نفسه العار ويساهم في الاعتداء على عرضه علم أم لم يعلم. نعم، إنها حقيقة مرّة يجب أن نصدع بها. احذر أيها المدخن؛ عرضك في خطر وأنت السبب وإليك البراهين:
أولاً: أنت قدوة لأبنائك وأقاربك الصغار، فإذا رأوك تدخّن فإنهم حتمًا سيقلدونك، ومن شابه أباه فما ظلم، ثم ما النتيجة؟! طفل لم يحتلم أو شابّ مراهق ابتلي بالتدخين لا شك أن رفقاءه الطيّبين سينفرون منه ويجتنبونه خوفًا على أنفسهم، وسيلتفّ عليه أصدقاء السوء ومن هم أكبر منه سنًا، ولا تسأل عما سيحصل بعد ذلك، عافانا الله وإياكم.
ثانيًا: كل عاقل يسعى لتطبيق وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بالاقتران بالمرأة الصالحة ذات الدين، فقد روى الإمام مسلم عن النبي أنه قال: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)). والمدخن يصعب عليه أن يقترن بذات الدين؛ لأنها غالبًا لا تقبل به، فيدفعه ذلك إلى الزواج من امرأة أقلّ دينًا، فينعكس ذلك على أخلاق الأولاد وتربيتهم؛ مما يتسبب في انحرافهم ووقوعهم في الشرور والرذائل، عافانا الله وإياكم.
ثالثًا: المدخن ـ يا عباد الله ـ معرّض للوقوع في داء المخدّرات، فلا يوجد مدمن إلاّ وكانت بدايته مع التدخين، ثم تردّى حتى صار مدمنًا، والمدمن لا همّ له ولا شغل إلا الحصول على جرعة من المخدر تعيد إلى جسمه التوازن، أما أهله وعرضه فلا يسأل عنهم إلا نادرًا إن سأل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله، صيحة تحذير ونصيحة مشفق من أخ لإخوانه: احذروا هذا الداء الوارد إلينا من الأعداء، وليسعَ كلٌّ منا في محاربته ومكافحته؛ لعل الله أن يدفع عنا شره وضرره ويستبدلنا خيرًا منه، إنه خير من سُئل وأجود من أعطَى وأكرم من قُصِد، هو حسبنا ونعم الوكيل.
عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وأيّه بالمؤمنين من جنِّه وإنسه، فقال عز من قائل كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسلك محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين...
|