.

اليوم م الموافق ‏24/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

انصر أخاك ظالما أو مظلوما

4885

الأسرة والمجتمع, الرقاق والأخلاق والآداب

الآداب والحقوق العامة, قضايا المجتمع

عبد الله بن محمد البصري

القويعية

22/10/1428

جامع الرويضة الجنوبي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- نعمة بعثة النبي . 2- قانون النصرة بين الجاهلية والإسلام. 3- من المفاهيم الخاطئة للنصرة في العصر الحاضر. 4- التحذير من التناصر الجاهلي. 5- مبدأ الأخوة الإسلامية والرابطة الإيمانية.

الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ.

أَيُّها المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَت بِعثَةُ محمدٍ هِيَ أَعظَمَ مِنَّةٍ وَأَجَلَّ مِنحَةٍ، لَيسَ لِقَومِهِ مِنَ العَرَبِ خَاصَّةً، بَلْ لِلعَالمينَ جميعًا، فَقَد فَرَّقَ اللهُ بِهِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَزَكَّى بِهِ النُّفُوسَ وَطَهَّرَ بِهِ القُلُوبَ، وَهَدَى بِهِ بَعدَ الضَّلالَةِ وَجَمَعَ بِهِ بَعدَ الفُرقَةِ، وَفَتَحَ بِهِ أَعيُنًا عُميًا وَآذَانًا صُمًّا، لَقَد مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِن أَنفُسِهِم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ، وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلاَّ رَحمَةً لِلعَالمِينَ. وَلَقَد هُدِمَت بِرِسَالَتِهِ عليه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أُسُسٌ شِركِيَّةٌ جَائِرَةٌ، وَغُيِّرَت مَفَاهِيمُ جَاهِلِيَّةٌ ظَالمةٌ، وَأُلغِيَت أَخلاقُ فُحشٍ وَبَغيٍ مُنكَرَةٌ، فَحَلَّ مَحَلَّهَا كُلُّ مَا فِيهِ مَصلَحَةٌ وَخَيرٌ وَعَدلٌ وَإِحسَانٌ وَرَحمَةٌ، قال سُبحَانَهُ: لَقَد جَاءكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، وقال جل وعلا: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوبًا عِندَهُم في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلاَلَ الَّتِي كَانَت عَلَيهِم فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ، وقال سُبحَانَهُ: فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ، وقال جل وعلا: إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاء ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاء وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ.

فَهَنِيئًا لِلمُسلِمِينَ حِينَ يَتَمَسَّكُونَ بما جَاءَ بِهِ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، وَيَا لَعِزِّهِم إِذْ يَعَضُّونَ عَلَيهِ بِالنَّوَاجِذِ! وَيَا لَخَسَارَتِهِم وَطُولِ شَقَائِهم حِينَ يُعرِضُونَ عَنهُ وَيَطلُبُونَ العِزَّ بِغَيرِهِ.

أَلا وَإِنَّ ممَّا كَانَتِ العَرَبُ تَقُولُهُ وَتَعمَلُ بِهِ عَلَى فَهمِهَا الخَاصِّ وَتَرَاهُ في جَاهِلِيَّتِهَا مِن مَزَايَاهَا ومَفَاخِرِهَا أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: "اُنصُرْ أَخَاكَ ظَالمًا أَو مَظلُومًا"، يَعنُونَ بِالأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ النَّسَبِ وَالقُربى، وَيَرونَ أَنَّ النُّصرَةَ لِلقَرِيبِ عَلَى قَدرِ قَرَابَتِهِ، فَالأَخُ مَعَ أَخِيهِ عَلَى ابنِ عَمِّهِ، وَهُوَ مَعَ ابنِ عَمِّهِ عَلَى البَعِيدِ، لا يُفَرِّقُونَ في تِلكَ النُّصرَةِ بَينَ كَونِ ذَلِكَ القَرِيبِ عَلَى حَقٍّ أَم عَلَى بَاطِلٍ، وَلا يَرَونَ غَضَاضَةً وَلا عَيبًا في نَصرِهِ ظَالمًا كان أَو مَظلُومًا، فَلَمَّا جَاءَ اللهُ بِمُحمَّدٍ بَيَّنَ لهم المَفهُومَ الصَّحِيحَ لِلنُّصرَةِ، فَعَن أَنَسٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((اُنصُرْ أَخَاكَ ظَالمًا أَو مَظلُومًا))، فقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظلُومًا، أَفَرَأَيتَ إِذَا كَانَ ظَالمًا كَيفَ أَنصُرُهُ؟! قَالَ: ((تَحجُزُهُ ـ أَو: تَمنَعُهُ ـ مِنَ الظُّلمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصرُهُ)).

أَلا وَإِنَّهُ قَد ظَهَرَ في الأُمَّةِ اليَومَ مَن يُرِيدُ أَن يَعُودَ بها إِلى مَفهُومِ النُّصرَةِ الجَاهِلِيِّ الظَّالمِ، بما يَزرَعُهُ في صُفُوفِهَا مِن جَعلِ مَبدَأِ القُربى هُوَ مَبعَثَ النُّصرَةِ وَالإِعَانَةِ، دُونَ نَظَرٍ فِيمَ تَكُونُ النُّصرَةُ وَعَلامَ يَكُونُ التَّعَاوُنُ. وَإِنَّ مَن يُنعِمُ النَّظَرَ في أَحوَالِ النَّاسِ لَيَجِدُ لِذَلِكَ صُوَرًا مُتَعَدِّدَةً وَأَشكَالاً مُختَلِفَة، فَمِنَ النَّاسِ مَن يَبخَلُ بِمَالِهِ إِذَا دُعِيَ إِلى خَيرٍ أَو مَعرُوفٍ، فَلا يُشَارِكُ في عِمَارَةِ مَسجِدٍ وَلَو بِقَلِيلٍ، وَلا يُسَاهِمُ في بِنَاءِ مَشرُوعِ خَيرٍ وَلَو بِنَزرٍ يَسِيرٍ، وَلا يُفَرِّجُ هَمَّ مَهمُومٍ وَلا يُنَفِّسُ كَربَ مَكرُوبٍ، يَدُعُّ اليَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ، فَإِذَا دُعِيَ إِلى رِفدَةٍ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَظٌّ قَرِيبٌ عاجِلٌ أَو مَتَاعٌ دُنيَوِيٌّ قَلِيلٌ زائلٌ مِن رَفعِ سُمعَةِ القَبِيلَةِ أَو إِعلاءِ مَقَامِ العَشِيرَةِ رَأَيتَهُ في مُقَدِّمَةِ المُنفِقِينَ بِجُودٍ، وَألفيتَهُ في طَلِيعَةِ المُعطِينَ بِسَخَاءٍ، وَفي النَّاسِ مَن يَكتُمُ شَهَادَةَ الحَقِّ وَهُوَ يَعرِفُهَا، ولا يُظهِرُهَا لِوَجهِ اللهِ وَهُوَ مُتَأَكِّدٌ مِنهَا، فَإِذَا دَعَاهُ قَرِيبٌ لِيَشهَدَ مَعَهُ وَلَو بِالزُّورِ وَقَلبِ الحَقَائِقِ وَتَغيِيرِ الوَاقِعِ خَفَّ مَعَهُ وَنَشِطَ وَسَارَعَ؛ مُفتَخِرًا بِنَصرِهِ وَتَأيِيدِهِ، غَافِلاً عَن أَنَّهُ في الحَقِيقَةِ قَد ظَلَمَ نَفسَهُ بِالكَذِبِ، وَظَلَمَ قَرِيبَهُ بِإِعَانَتِهِ عَلَى أَخذِ مَا لَيسَ لَهُ، وَظَلَمَ طَرَفًا ثَالِثًا بِأَخذِ مَالِهِ وَبَخسِهِ حَقَّهُ، قال عليه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَن أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِغَيرِ حَقٍّ كَانَ في سَخَطِ اللهِ حتى يَنزِعَ))، وفي رِوَايَةٍ: ((وَمَن أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلمٍ فَقَد بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ)).

وَممَّا يَتَنَاصَرُ النَّاسُ فِيهِ نُصرَةً جَاهِلِيَّةً في هَذَا الزَّمَانِ مُرَاعَاةُ ذَوِي القُربى في الأَعمَالِ وَالوَظَائِفِ وَمُحَابَاتُهُم وَتَقدِيمُهُم على غَيرِهِم ممَّن هُوَ أَكفَأُ مِنهُم وَأَولى. وَمِنَ التَّنَاصُرِ بِالبَاطِلِ مَدحُ الرَّجُلِ عَشِيرَتَهُ وَذَمُّ مَن سِوَاهُم، وَإِقرَارُهُ إِيَّاهُم عَلَى غِيبَةِ الآخَرِينَ وَالوَقِيعَةِ فِيهِم وَتَنَقُصِّهِم، قال عليه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((وَمَن قَالَ في مُؤمِنٍ مَا لَيسَ فِيهِ أَسكَنَهُ اللهُ رَدغَةَ الخَبَالِ حتى يَخرُجَ ممَّا قَالَ)).

وَفي الجُملَةِ فَإِنَّ صُوَرَ التَّنَاصُرِ الجَاهِلِيَّةَ كَثِيرَةٌ وَلا تَخفَى، فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ! كَم لِلخَطَأِ في مَفهُومِ التَّنَاصُرِ مِن أَثَرٍ في ظُلمِ النَّاسِ بَعضِهِم بَعضًا، إِمَّا بِالقَولِ بِالافتِرَاءِ عَلَى الآخَرِينَ، أَو بِالفِعلِ بِضَربِهِم وَالتَّعَدِّي عَلَيهِم، وَإِمَّا بِإِعطَاءِ مَن لا يَستَحِقُّ مَا لا يَستَحِقُّ.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَكُونُوا عَلَى ثِقَةٍ أَنَّهُ لا خَيرَ إِلاَّ جَاءَ بِهِ الإِسلامُ وَحَثَّ عَلَيهِ، وَلا شَرَّ إِلاَّ حَذَّرَ مِنهُ ونهى عَنهُ، وَأَنَّ كُلَّ نَصرٍ لِقَرِيبٍ أَو صَدِيقٍ أَو عَزِيزٍ يَخرُجُ عَن نِطَاقِ الدِّينِ وَتَوجِيهِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ فَإِنَّهُ لا مَصلَحةَ فِيهِ وَلا خَيرَ البَتَّةَ، وَلا فَائِدَةَ تُرجَى مِنهُ قَطعًا وَلا مَنفَعَةَ، بَلْ هُوَ عَلَى صَاحِبِهِ وَبَالٌ وَشَرٌّ، قال : ((مَن نَصَرَ قَومَهُ عَلَى غَيرِ الحَقِّ فَهُوَ كَالبَعِيرِ الذِي رَدَى فَهُوَ يُنزَعُ بِذَنَبِهِ)). قَالَ الخَطَّابيُّ رحمه اللهُ: "مَعنَاهُ أَنَّهُ قَد وَقَعَ في الإِثمِ وَهَلَكَ، كَالبَعِيرِ إِذَا تَرَدَّى في بِئرٍ فَصَارَ يُنزَعُ بِذَنَبِهِ وَلا يَقدِرُ عَلَى الخَلاصِ" اهـ.

يَا لَهُ مِن تَشبِيهٍ نَبَوِيٍّ بَلِيغٍ، إِذْ مَا يُغني القَومُ أَوِ القَبِيلَةُ أَوِ العَشِيرَةُ عَنِ المَرءِ شَيئًا إِذَا هُوَ ظَلَمَ نَفسَهُ وَأَثقَلَهَا بِوِزرِ النُّصرَةِ بِالبَاطِلِ؟! إِنَّهُم لَن يُغنُوا عَنهُ شَيئًا وَلَو حَاوَلُوا مُجتَمِعِينَ، فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ وَمَن خَفَّت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، يَومَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهلِ وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالعِهنِ وَلا يَسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُم يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدِي مِن عَذَابِ يَومِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤويهِ وَمَن في الأَرضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ كَلاَّ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ التَّنَاصُرَ عَلَى البَاطِلِ وَإِعَانَةَ الأَقَارَبِ عَلَى ظُلمِهِم مِن شِيَمِ الجَاهِلِيَّةِ الجَهلاءِ، وَأَمَّا حِينَ يَقتَنِعُ النَّاصِرُ عَلَى البَاطِلِ أَنَّهُ عَلَى غَيرِ الحَقِّ لَكِنَّهُ يَفعَلُ ذَلِكَ حَيَاءً مِن أُمَرَاءِ القَبِيلَةِ أَو رُؤَسَاءِ العَشِيرَةِ وَإِرضَاءً لهم أَو مُجَامَلَةٍ لِلكُبَرَاءِ أَو مُحَابَاةً لأَيِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَو لِيُقَدِّمَ لَهُ عِندَهُم يَدًا يَقضِيهَا فِيمَا بَعدُ أو مَعرُوفًا يَستَرِدُّهُ إِذَا احتَاجَ إِلَيهِم فَتِلكَ رَزِيَّةٌ أُخرَى وَمُصِيبَةٌ عُظمَى؛ إِذْ عَصَى رَبَّهُ بِارتِكَابِ مَا حَرَّمَهُ عَلَيهِ، وَاستَحيَا مِنَ المَخلُوقِينَ الضُّعَفَاءِ الفُقَرَاءِ ولم يَستَحْيِ مِنَ الخَالِقِ الرَّازِقِ النَّافِعِ الضَّارِّ، وَأَرضَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن يُرضِيَهُ، إِضَافَةً إِلى تُوَكُّلِهِ عَلَى أُولَئِكَ الذِينَ يُعِينُ عَلَى الظُّلمِ مِن أَجلِهِم، قَالَ سُبحَانَهُ: يَستَخفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَستَخفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرضَى مِنَ القَولِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعمَلُونَ مُحِيطًا، وقال تعالى: أَتَخشَونَهُم فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤُمِنِينَ، وقال سُبحَانَهُ: وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرضُوهُ إِن كَانُوا مُؤمِنِينَ، وقال : ((مَن أَرضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلى النَّاسِ، وَمَن أَسخَطَ النَّاسَ بِرِضَا اللهِ كَفَاهُ اللهُ مَؤُونَةَ النَّاسِ)).

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَتَنَاصَرُوا بِالحَقِّ وَعَلَى الحَقِّ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ، وَاتَّقُوا فِتنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تعالى وَأَطِيعُوا أَمرَهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصِيرُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ التَّنَاصُرَ الشَّرعيَّ الصَّحِيحَ الذِي يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ المُسلِمُونَ مَبدَؤُهُ أُخُوَّةُ الإِسلامِ، وأَقوَى دَوَافِعِهِ عَلائِقُ الإِيمَانِ، وَمَن ظَنَّ غَيرَ ذَلِكَ أَو فَعَلَهُ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ وَظَلَمَ إِخوَانَهُ المُسلِمِينَ، وَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ أَن يَخذُلَهُ اللهُ في مَوطِنٍ يُحِبُّ أَن يَنصُرَهُ فِيهِ، قال عليه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَا مِن امرِئٍ يَخذُلُ امرَأً مُسلِمًا في مَوطِنٍ يُنتَقَصُ فِيهِ مِن عِرضِهِ وَيُنتَهَكُ فِيهِ مِن حُرمَتِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللهُ تعالى في مَوطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصرَتَهُ، وَمَا مِن أَحَدٍ يَنصُرُ مُسلِمًا في مَوطِنٍ يُنتَقَصُ فِيهِ مِن عِرضِهِ وَيُنتَهَكُ فِيهِ مِن حُرمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللهُ في مَوطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصرَتَهُ))، وَقَالَ عليه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَن رَدَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَن وَجهِهِ النَّارَ يَومَ القِيَامَةِ)).

فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَتَنَاصَحُوا، ((وَلا تَنَافَسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانًا)).

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً