الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا عباد الله، وبعد الكلام عن الصحابة وفضلهم لا بد من الحديث عمّن ناصب صحابة رسول الله العداء واتهمهم في دينهم وطعن في مقاصدهم؛ لنعرف من خلال ذلك حقيقة هؤلاء الطاعنين ومكانتهم من الإسلام. لقد طمس الله على قلوب الرافضة، فلا هم يعرفوا للصحابة فضلا ولا هم يذكروا لهم شرفا، وإنما شرعوا عليهم سهام الحقد والعداء والفتك والافتراء، زعمت الرافضة أن الصحابة بعد رسول الله قد ارتدوا إلا نفرا يسيرا منهم، وأنهم ما أظهروا الإسلام إلا نفاقا؛ لأطماع دنيوية ومصالح ذاتية، وكتبهم مليئة بمئات الروايات الصريحة في تكفير الصحابة وشتمهم ولعنهم، بل جعلوا من الطعن فيهم ديانة زلفى يتقربون بها إلى ربهم تعالى، وصدق الله: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف: 103، 104]. وحتى لا يكون الحديث جزافا ورجما بالتهم نستنطق كتب الرافضة عن حقيقة موقفهم من صحابة رسول الله ، وبالأخص الصديق والفاروق وأم المؤمنين عائشة رضي الله عن الجميع.
إخوة الإيمان، الصديق أول الصحابة إسلامًا، وأقرب الناس مودة من قلب رسول الله ، لم يتردّد في قبول دعوة الإسلام، وواسى رسول الله بنفسه وماله، أسلم على يديه صفوة الأصحاب، وأعتق بماله الكثير من الرقاب، بشره الرسول بالجنة، واختاره رفيقَ دربه في الهجرة، لم تحمل الغبراء ولم تظلّ السماء بعد الأنبياء رجلا أفضل منه.
ولكني أحب بكـل قلبي وأعلم أن ذاك من الصواب
رسول الله والصديق حبا به أرجو غدا حسن الثواب
فماذا عن كتب الرافضة وآياتها عن هذا الرجل العظيم الكريم؟! لقد سلقوه بألسنة حداد، لم يرقبوا فيه صدق الصحبة ولا مكانة القربة، اتهموه في إسلامه وأخلاقه وعرضه وأمانته.
وصفه نعمة الله الجزائري أحد كبار مراجعهم في كتابه "الأنوار النعمانية" بأنه رجل سوء. وصنف محمد بن الحسن العاملي الملقب عند الشيعة بالمحقق الثاني، صنف كتابا أسماه: "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت"، وأراد بالجبت أبا بكر والطاغوت عمر، زعم في كتابه هذا أن أبا بكر كان عابدا للأوثان، وكان يصلي خلف النبي والصنم معلّق في عنقه يسجد له. وزعم البحراني في كتابه "البرهان" أن أبا بكر كان يفطر متعمدا في نهار رمضان، وأنه كان يشرب الخمر ويهجو رسول الله . وذكر الطوسي أحد كبار علمائهم أن أبا بكر مشكوك في إيمانه، وأنه لم يكن عارفا بالله تعالى قط. أما عظيم الرافضة محمد بن باقر المجلسي مفتي الدولة الصفوية فقد قال بعدم هدايته في كتابه "مرآة العقول"، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا.
وأما الفاروق فرق الله بإسلامه بين الحق والباطل، كان إسلامه عزا وولايته فتحا، جعل الله الحق على لسانه وقلبه، تهاوت في عهده ممالك الروم، وأطفأت جيوشه نار المجوس، كان عدله وزهده وخوفه من ربه مضرب المثل في تاريخ الأمة الإسلامية، فماذا كتبت الرافضة عن الفاروق؟!
لقد أبغضوه بغضا لا يوصف، رموه بكل شين ونقيصة، قال عنه المجلسي: "لا مجال لعاقل أن يشك في كفر عمر"، ثم لعن الفاروق ولعن كل من اعتبره مسلما، بل لعن كل من يكفّ عن لعنه. يقول المجلسي أيضا: "وعقيدتنا ـ أي: عقيدة الرافضة ـ أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، ومن النساء الأربع: عائشة وحفصة وهند وأم الحكم، ومن جميع أتباعهم وأشياعهم، وإنهم شرّ خلق الله على وجه الأرض". أما إمامهم في هذا العصر الهالك الخميني فقال عن عمر: "إن عمر آذى رسول الله في آخر حياته، فأثر ذلك على رسول الله، وكانت صدمة له عجلت برحيله عن هذا العالم، وإن هذا الإيذاء من جانب عمر إنما كان تعبيرا للكفر والزندقة التي يبطنها عمر بداخله".
بل إن الرافضة اعتبروا استشهاد عمر يوم عيد لهم وفرح عندهم، ويعتبرون قاتله أبا لؤلؤة المجوسي مسلما شجاعا، ويلقبونه بابا شُجاع الدين، وبنوا له في مدينة كاشَان الإيرانية ضريحًا عظيمًا زعموا أنه قبر أبي لؤلؤة المجوسي. وفي التاسع والعاشر والحادي عشر من ربيع الأول من كل سنة يحيون ذكرى أبي لؤلؤة المجوسي ويشدون الرحال إلى قبره. وألف أحد علمائهم كتابا سماه: "عقد الدرر في بقر بطن عمر"، ذكر فيه أشعارًا كثيرة قيلت فرحًا بمقتل عمر، بل إن الرافضة قالوا عن الفاروق كلام سوء يُستحيَى ـ والله ـ من قوله وتدنيس الأسماع بذكره.
أيها المسلمون، عائشة رضي الله عنها هي أم المؤمنين بنصّ القرآن، حازت على قصب السبق إلى قلب رسول الله من بين سائر أزواجه، برأها الله من فوق سبع سماوات، ولم يتزوّج النبي بكرا غيرها، وقبض رسول الله ورأسه بين سحرها ونحرها، وقبر في بيتها؛ لأنها كانت من أحب الناس إليه، فهل يحب الشيعة عائشة وينزلونها المنزلة التي أنزلها الله وأنزلها رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!
لقد آذى الرافضة رسول الله في أهله كما آذاه المنافقون حيا في عرضه، يزعم أحد كبار علمائهم أن عائشة هي المعنية بقوله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا [النحل: 92]. وذكر القمي أشهر مفسريهم عند قوله: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا [التحريم: 10]، فقال: "والله، ما عنى بقوله: فَخَانَتَاهُمَا إلا عائشة". ووصف الرافضة أم المؤمنين بأم الشرور والشيطان، وأنها تسافر مع الرجال، وأنها كانت تكذب على رسول الله ، بل اتهموها ـ والعياذ بالله ـ بالزنا، ونسبوا إليها أقوالا في غاية الخسة والدناءة.
إن الروافض شر من وطئ الحصـى من كل إنس ناطق أو جـان
مدحـوا النبيَّ وخوّنـوا أصحـابه ورموهم بالظلـم والعـدوان
حبـوا قرابتـه وسبّـوا صحبـه جدلان عنـد الله منتقضـان
عباد الله، هذه بعض مواقف الرافضة مع هؤلاء الثلاثة، وشيء من أقوالهم، وكتبهم مسودّة بمثل هذه الشنائع وأعظم؛ ولذا فإن التحذير من الرافضة وأقوالهم من أولى الواجبات؛ لأنهم دعاة هدم الإسلام وتشويهٍ لصورة رعيله الأول. قال الإمام احمد رحمه الله: "إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله بسوء فاتهمه على الإسلام".
أيها المسلمون، ويزعم الرافضة اليوم أو بعضهم أنهم لا يسبون الصحابة، ونحن ـ والله ـ نتمنى أن يكونوا صادقين في دعواهم، لكن لسان الحال والواقع يكذب دعواهم، فلا زال الرافضة يحيون المذهب الإمامي وينشرون تراثه، ويطبعون كتبهم القديمة المليئة بالكفر والزندقة، لا زال معاصروهم ينقلون من هذا التراث الأسود، لا زال بعض آياتهم كالخميني والخوئي وغيرهم يعلنون السباب واللعن للصحابة. "دُعاء صَنمي قريش" طبع في إيران والهند قبل سنوات. لا زال علماؤهم المعاصرون يدبجون أنواع المدح والثناء للكليني والقمي والمجلسي والعاملي وغيرهم الذين أعلنوا كفرهم صراحة بتكفير الصحابة ولعنهم.
إن كان الرافضة صادقين في دعواهم فليتبرؤوا من علمائهم الذين لعنوا الصحابة وكفروهم، وليقولوها صراحة: إن غالب روايات كتبهم في المذهب فيها كذب واختلاق. أما أن يعيدوا طباعة كتب علمائهم القديمة وينشروها ويمجدوا مؤلفيها فهذا لا نجد له إلا تفسيرا واحدا، هذا التفسير هو من صُلب عقيدتهم وأساس دينهم، إنها التقيَّة التي اعتبروها تسعة أعشار الدين، ولا دين لمن لا تقية له.
ولذا لا يمكن أن نتقارب معهم أو نتعايش معهم سلميّا حتى يكفوا عنا قَيأَهم وسبَّهم لصحابة رسول الله ، ويتبرّؤوا صراحة من أئمتهم وآياتهم.
لا تركنـن إلى الروافـض إنّهـم شتموا الصحابة دونَما برهان
لعنوا كمـا بَغَضُوا صحـابة أحمد وودادُهم فرضٌ على الإنسان
حب الصحابـة والقرابـة سنـة ألقـى بهـا ربي إذا أحيـاني
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد...
|