أما بعد: أيها المسلمون، من الركائز المعلومة في الدين الموالاة في الله والبغض في الله، فالمؤمن الحق يحبّ كل ما يحبه الله ويرضاه ويوالي كل من عبد الله حق العبودية، والمؤمن الحق يكره كل ما يكرهه الله ويأباه ويعادي كل من عبد غير الله وعادى دين الله ورسوله .
ومن هذا المنطلق ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ ينبغي للمسلم الذي يؤمن باللهِ ورسولهِ ويحب اللهَ ورسولَهَ أن ينظر إلى الكافر على أنه عدو له مهما أظهر له من حلاوة اللسان ولين الجانب، فإنه مخالف له في الملة والدين؛ لأن هذا العدو متى ما وجد فرصة فإنّه لا يتردّد أبدًا في إلحاق الأذى والضرَر بك أيها المسلم، كما وصف الله عز وجل في كتابه الكريم حيث قال: يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ [التوبة: 8]، وقال عز وجل: هَا أَنتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ [آل عمران: 119]، وقال سبحانه: وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران: 119].
واعلموا ـ أيها المؤمنون ـ أن العدوَّ نوعان: عدوٌّ ظاهر وعدو خفي، والعدو الخفي أشد عداء من العدو الظاهر؛ لأن العدو الظاهر ـ على اسمه ـ ظاهر الشر يسهل الحذر منه، أما العدو الخفي فإنه ينخر في العظم ولا تشعر إلا وقد سقط البناء جراء النهش المستمر، لذلك كان شرّه أعظم وأخطر، فوجب التحذير منه أشد من غيره.
ومن هذا النوع الثاني ـ أيها المؤمنون ـ الرافضة الذين رفضوا الإمام زيد بن علي بن زين العابدين عندما أعلن ولاءه لأبي بكر وعمر، ومن فرَقِهم الصفويّة الذين ينتسبون إلى الشاه إسماعيل الصفوي الذي حوّل بلاد فارس ـ إيران حاليًا ـ ذات الأغلبية الغالبة السنية إلى دولة شيعية بهدف التميّز عن الخلافة العثمانية السنية. ومن طوائفهم الجعفرية والإثنا عشرية وغيرها الكثير، وهم يسمون أنفسهم بشيعة علي، وعلي بن أبي طالب منهم براء، بل قام علي بتحريقم لما عبدوه من دون الله. وأطبق العلماء على تسميتهم بالرافض الباطنية الذين يظهرون الإسلام والولاء ويبطنون الكفر والعداء.
وإليك ـ أخي الحبيب ـ شيئا من عقائدهم الفاسدة الباطلة:
1- الشيعة الرافضة الباطنية الصفويّة يعتقدون بتحريف القرآن، وهذا تكذيب صريح لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، فلا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يحرف آية واحدة منه؛ لأن الله قد قال عن كتابه العزيز: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت: 49].
2- يحرفون الكلم عن مواضعه، فيفسرون القرآن على ما تشتهيه أهواؤهم.
3- يدعون أن الله قد أنزل كتبا على أئمتهم، وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: 78].
4- يتهمون الرسول بأنه قد كتم الدين، والله عز وجل قد قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة: 3].
5- يقولون: إن جبريل قد خان الأمانة، وبذلك يكذبون القرآن، والله تعالى يقول: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.
6- يعتقدون أن أقوال أئمتهم نصوص لا يجوز مخالفتها.
7- يفسرون الأحاديث النبوية على ما تهواه قلوبهم الفاسدة.
8- يسبون الصحابة رضي الله عنهم، وخاصة أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين. وقد نص العلماء على كفر من سبّ عائشة رضي الله عنها؛ لأن الله برأها في كتابه الكريم، ومن سبها فقد كذب القرآن.
9- يردون أحاديثَ الصحابة.
10- يغلون في علي بن أبي طالب .
11- يغلون في قبور أئمتهم، وقد قال النبي : ((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
12- يعتقدون العصمة لأئمتهم.
وغيرها الكثير والكثير من المعتقدات والأفاعيل الباطلة الفاسدة التي أشرِّف المسجد والسامعين من ذكرها.
أيها المسلمون، لقد شهد الزمان على الروافض ـ خيَّبهم الله ـ بتاريخهم الأسود على مرّ العصور، وإليكم شيئًا يعيد لنا الذكريَات، وكأن الزمان يدور دورتَه ويعيد نفسه، سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الفتح: 23].
الدولة العباسية وما أدراك ما الدولة العباسية، من أعظم دول الإسلام، وحكامهما سقطت على يد وزير باطني رافضيّ خبيث، هو محمد بن العلقمي، ائتمنه الوالي على الدولة، وفوّضه في شئونها، فأخذ الوزير الخبيث يصرف الجنود من حول الخليفة شيئًا فشيئًا حتى إنه لم يبق حول الخليفة في العاصمة العباسية حينئذ بغداد إلا عشرة آلاف فارس، ثم أخذ محمد بن العلقمي يكاتب التتار حتى إذا أقبلت جيوش التتار متلاحمة كالبحار أقبلت إلى بغداد وليس فيها حول الخليفة إلا تلك القوة الضعيفة من الجند، زَيَّن الوزير بن العلقمي إلى الخليفة أن يخرج إلى هولاكو قائد التتار من أجل التفاوض على الصلح، فخرج الخليفة من غفلته ومعه سبعمائة من الأعيان والقضاة والعلماء، فقتلهم التتار عن بكرة أبيهم، وقُتل الخليفة المستعصم بين يدي هولاكو صبرًا ومعه سبعة عشر من خواصه، منهم ثلاثة من أبنائه، وذكر المؤرخون أن عدوَّ الله هولاكو التتري الوثني تهيَّب في بادئ الأمر من قتل الخليفة لما يعلم من مكانته في عالم الإسلام والمسلمين، فأخذ ابن العلقمي الوزير الخائن الرافضي الخبيث يهوِّن عليه ذلك ويزيّنه عليه حتى قتله، وابن العلقمي يتفرّج على ذلك.
ثم دخل التتار بغداد وقد فتح أبوابها لهم الوزير ابن العلقمي، فدخلوا يقتلون وينهبون ويأسرون ويدمّرون ويحرقون أربعين يومًا، حتى أصبحت بغداد التي كانت حين ذاك زهرة مدائن الدنيا أصبحت خرابًا يبابًا تنعق فيها البُوم، وقُتل فيها ـ كما يذكر ابن كثير في تاريخه ـ حوالي ألفا ألف إنسان، أي: حوالي مليونين من المسلمين، والوزير الرافضي الخبيث ابن العلقمي يتفرج على تلك الكارثة الهائلة التي حلت بالمسلمين، وسقطت تلك الدولة العباسية الإسلامية العظيمة التي استمر ملكها أكثر من خمسمائة سنة، وكأن الزمان يعيد نفسه مع التتار الجدد من عباد الصليب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ [الممتحنة:1، 2].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
|