.

اليوم م الموافق ‏25/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

الحرب على الإسلام

4750

العلم والدعوة والجهاد, موضوعات عامة

المسلمون في العالم, جرائم وحوادث

محمد أحمد حسين

القدس

3/2/1427

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- الحرب ضد الإسلام مستمرة إلى قيام الساعة. 2- من صور الحرب على الإسلام. 3- الموقف المشرف للمسلمين تجاه ما نال جناب المصطفى من أذى. 4- أهداف إيقاد نار الفتنة بين المسلمين في العراق. 5- حرمة بيوت الله. 6- نصيحة للمسلمين في العراق. 7- تدارس أوضاع المسلمين في فلسطين.

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، الناظر إلى ما يجري في دنيا المسلمين يرى مخطّطًا واضحًا يستهدِف الإسلام والمسلمين، في الحرب القديمة الجديدة على الإسلام وأهله، وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217]. وقد اتَّخذت هذه الحرب على الإسلام وأهله وسائل وأساليب متعددة؛ شملت النواحي العسكرية والاقتصادية والثقافية، واستغلت وسائل الإعلام المختلفة وسخرتها لخدمة هذه الحرب الحاقدة التي تستهدف المسلمين عقيدة ووجودا، وتشوّه رموز العقيدة الإسلامية ومقدساتها، من خلال الإساءة إلى النبي ، في رسومات نشرتها تلك الصحيفة الدنماركية وتابعتها صحف غربية أخرى، بنشر تلك الرسومات تضامنا مع تلك الصحيفة، في تكريس هذا العدوان المنافي لأبسط قواعد حق الإنسان في احترام معتقده لدى الآخر. ودافع من دافع عن هذه الحملة المشينة من ساسة الغرب باحترام حرية الصحافة وحرية التعبير في بلدانهم التي تعيش نظام الديمقراطية، هذا النظام الذي تصوره زعيمة العالم الحر بزعمهم من خلال الحروب والاحتلال، كما حصل في غزو العراق وقبلها بلاد الأفغان، وربما يستمر مسلسل الغزو والحرب ليطال سوريا ولبنان وإيران، بعد محاصرة هذا الشعب الصابر ومعاقبته على خياره في الانتخابات التي تتغنى بها دول الاستعمار دويلات الحروب وتجارها. فإلى متى تنطلي على هذه الأمة الكريمة أحابيل أهل الكفر ودسائسهم ومخططاتهم، والله يقول: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ [الممتحنة:2]، والرسول يقول: ((لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)).؟!

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إنها الحرب المستمرة على هذا الدين برموزه ومنهاجه ودستوره الخالد وثقافته وفكره وحضارته، وإن الأحزاب الذين اجتمعوا للقضاء على هذا الدين في حاضرة دولته في المدينة المنورة منذ بدايات نشأة دولة الإسلام ومجتمع المسلمين الذي لم يمض على قيامه أكثر من خمس سنوات في دار الهجرة هم الأحزاب الذين اجتاحوا حاضرة الخلافة الإسلامية بغداد بأشخاص المغول والتتار، وبنفس الهدف والمخطط الذي استهدف هذا الدين ودولته منذ أيامه الأولى، ألم تطرح حضارة المسلمين وعلومهم في مياه دجلة؟! أين ذهبت علوم وكتب دار الحكمة؟! إن مدادها قد صبغ مياه دجلة كما صبغ دم أبناء المسلمين مياه أرض العراق. فما أشبه اليوم بالبارحة! أين متاحف العراق ومكتباته وحضارته وعلماؤه في ظل غزو التحالف الجديد لديار الرافدين؟! إنها لم تكن أوفر حظًا من علوم دار الحكمة يوم غزاها المغول الأوائل الذين لم يدمروا نصبا لمؤسّسها المنصور العباسي، فدمره الغزاة الجدد من جيوش الأحزاب التي حشدت وما زالت تحشد لحرب أهل هذه الديار الذين فرقتهم العصبيات الجاهلية، ولم يأخذوا حذرهم كما أمرهم الله في قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]. ولله در القائل: "ولن تكونوا خير أمة أخرجت للناس إلا إذا تغيرت حياتنا من الأساس، وإلا إذا تحررت نفوسنا تغيرت تبدلت وأصبحت مثل النجوم في الدجى نبراس، ولن تكون خير أمة أخرجت للناس إلا إذا تغير المقياس، وأصبح الدين عندنا والحب والقرآن منبع الإحساس".

جاء في الحديث الشريف عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ما خيِّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها.

 

الخطبة الثانية

وبعد: أيها المسلمون، لم يرق لأعدائكم ومن والاهم ما رأوه من موقف صلب شجاع عبرت عنه شعوب أمتكم الإسلامية يوم هبت تدافع عن نبيّها ، وما زالت أمام استهداف مكانة النبي عليه الصلاة والسلام من قبل من أعماهم الحقد على نبي الإسلام ودعوته. هذا الموقف العظيم المدافع عن عقيدة الأمة ومقدساتها ورموزها، وقد توحّد أبناء الأمة سنةً وشيعة في الذود عن عقيدتهم ونبيهم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأتم التسليم، ودعت الأمة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار هذه الإساءات لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، فكانت المقاطعة الاقتصادية لمنتوجات البلد الذي صدرت منه الإساءة، وكانت الدعوة لسحب السفراء من البلاد التي تسيء أو شاركت في الإساءة للمسلمين ونبيهم ودينهم، وكذلك الدعوة إلى سن القوانين الدولية التي تحظر الإساءة للأديان والأنبياء والعقيدة. وفي مواجهة هذا الموقف الصارم لشعوب الأمة الإسلامية تسلّلت يد الغدر والفتنة إلى مقام ومسجد الإمام علي الهادي لنسف قبته وإلحاق الأذى بمسجده بهدف واضح ومكشوف، وهو بعث فتنة مذهبيّة بين أبناء المسلمين من الشيعة والسنة، وتقسيم أبناء الأمة إلى طوائف متنازعة متخاصمة، وفي ذلك ما فيه من تشتيت جهود المسلمين وتفريق صفهم.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن محبة آل بيت النبي هي محلّ إجماع المسلمين كافة، وإن رعاية مساجد الله هي من واجب المسلمين كذلك، قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ [التوبة:18]. فأيّ جريمة نكراء تلك التي تستهدف بيوت الله وتسعى إلى خرابها والله يقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا [البقرة:114]؟!

جدير بأبناء الأمة أن ينتبهوا لما يحاك ضدهم من مؤامرات ومخططات، ويوجّهوا جهودهم لكشف هذه المؤامرات وردّ كيد المدبّرين لها إلى نحورهم. وهنا نناشد أبناء المسلمين سنة وشيعة أن يبتعدوا عن كل ما يفرق صفّهم ووحدتهم، ويعملوا بقول الله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]. ونقول لإخواننا في العراق: إن المحتلّ لا يريد لكم الخير، بل يريدكم ضعفاء مستكينين، فاحرصوا على وحدة صفكم وكرامة أرضكم التي كانت وما زالت عصية على الغزاة والمحتلين. احرصوا على حقن دمائكم، فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، واعملوا على وأد الفتنة في مهدها، واقطعوا الطريق على دعاة الفتنة والفرقة الذين يقودونكم إلى الضعف والهوان، وإلى تحقيق مآرب الاحتلال والاستعمار.

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن ما يجري في ديارنا المباركة في ظل الضجة المفتعلة على نتيجة الانتخابات الفلسطينية لهو مؤشر خطير على نوايا الاحتلال وأفعاله ضد الأرض والإنسان، فإجراءات عزل الأغوار وإغلاقها ومنع أبناء شعبنا من الوصول إليها يكشف ويدلل على إمعان الاحتلال في السيطرة على مزيد من الأرض الفلسطينية لصالح الاستيطان الذي يتفشى في أرضنا وينتشر فيها انتشار النار في الهشيم. هذا الاستيطان الذي يحاصر شعبنا ويعزلهم في معازل ضيقة، ضمن السجن الكبير الذي يستوعب الأرض الفلسطينية، كما يستمر الاحتلال من خلال عدوانه في استهداف أبناء شعبنا بالاغتيالات والإعدامات بدم بارد، ويطارد أبناء شعبنا بالاعتقال والسجون، ويسرع وتيرة بناء جدار الفصل العنصري في البر والبحر، ويغلق المعابر، وكل ذلك يجري تحت مظلة الأمن التي أصبحت تستوعب كل جوانب النشاط الإنساني لحياتنا فوق هذه الأرض الطاهرة أرض الرباط إلى يوم الدين.

يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن هذه الأحوال تستدعي من جميع أبناء هذا الشعب وقواه الفاعلة أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية لتوحيد الصف ووقف كل مظاهر الفوضى والفلتان الأمني؛ لحماية هذا الشعب الصابر المرابط الذي يقدم التضحيات الجسام وما زال يقدم دفاعا عن حقه في الحياة، وذودا عن مقدرات الأمة ومقدساتها في هذه الديار الإسلامية التي تشرفت بإسراء ومعراج نبينا عليه الصلاة والسلام إليها ومنها، وأصبحت أمانة الأجيال المسلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولله در القائل:

كونوا بني قومـي جميعا إذا اعترَى       خطب ولا تتفرّقوا آحـادًا

تأبى الرمـاح إذا اجتمعت تكسّرًا       وإذا افترقن تكسرت آحادًا

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً