.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

ابتلاء الرسول والصحابة قبل الهجرة

4697

الرقاق والأخلاق والآداب, سيرة وتاريخ

السيرة النبوية, الفتن

أحمد بن محمود الديب

العين

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- بعض صنوف الأذى التي لقيها رسول الله من قومه في سبيل الدعوة إلى الله تعالى. 2- بعض صنوف الأذى التي لقيها الصحابة من المشركين. 3- خبر هجر قريش بني هاشم في الشعب. 4- الدروس والعبر المستفادة من حادثة الهجرة النبوية. 5- فضل صيام عاشورا.

الخطبة الأولى

أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحبة، علينا ـ ونحن نودع عاما هجريًا ونستقبل عاما آخر ـ أن نتذكر معًا أحداث الهجرة النبوية الشريفة المباركة، فلقد شاء الله تعالى لخير عبادهِ أن ينصر دينهُ ويُمَكِّنَهُ لمعتنقيهِ ذَوِي الإيمانِ والعملِ الصالحِ، بعد أن امتحنَهُم سبحانه بالشَّدائدِ ومستهم البأساءُ والضَّراءُ وأُوذوا في سبيله وظُلموا فصبروا صبرًا جميلاً، وهان عليهم هِجرَةُ الوَطنِ وتركُ ما لهم فيه من متاعٍ ومالٍ، وكانوا أهلاً لحُسنِ الحال في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل:41، 42].

لقد هاجر رُسُلُ اللهِ تعالى حرصًا على نشر دين الله تعالى وكسبِ رضاهُ الذي به عِزُ الدارين وَسَعْدُهُما، ولقد هاجر رسول الله بعدما أوذي في الله تعالى هو ومن معه من الصحابة الكرام، ففيما خرّجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: بينما رسول الله يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفَي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر، لو كانت لي مَنَعة طرحته عن ظهر رسول الله ، والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضى النبي صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا، ثم قال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته، ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط))، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعَث محمدا بالحق لقد رأيت الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سحِبوا إلى القليب قليبِ بدر.

وروى البخاري في صحيحه عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي ؟ قال: بينا النبي يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟!

كانت هذه الاعتداءات على رسول الله ، وتلك هي بعض صنوف الأذى لقيها رسول الله من القوم في سبيل الدعوة إلى الله تعالى.

وأما الصحابة الكرام رضي الله عنهم فقد لقوا ما لا يخطرُ على بال؛ كان الرجل إذا أسلم وله شرفٌ في قومه يأتيه أبو جهل فيقول: إما تعودَنّ إلى عبادة اللات والعزى أو لنسفّهن حلمك ولنقبِّحن رأيك ولنضعنّ من شرفك. وهذه هي ـ يا عباد الله ـ حرب التُّهم والإشاعات والأباطيل. وإذا كان الرجل ذا مال قال له أبو جهل: لتعودنّ إلى عبادة اللات والعزى أو لنخسِّرن تجارتك ولنهلكنّ مالك. وهذه ـ يا عباد الله ـ هي حرب السرقة والنّهب. أما إذا كان المسلم ضعيفا فحدث ولا حرج عن النار يُكوَى بها ظهره، وعن الغاز الناشئ من حصير يلفّ فيه ثم تحرق عليه من طرفَيها كما حدَث للزبير بن العوام ؛ إذ قيّدوه بالحبال وألقَوة في الحصير، ثم علّقوه على الحائط، ثم أوقدوا تحته نارًا فأحرقت أنفه.

حدّث ولا حرج عن القلوب القاسية التي تأتي بجمر يحمي ثم يلقى على المؤمن فلا ينطفئُ الجمر إلا بدهن ظهر المؤمن كما حدث لخبّاب بن الأرت؛ فكانوا يشدّون برجله الحبل ثم يجرّونه على الأرض، ويأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذبا، ويلوون عنقه ثم يضجعونه على فحام ملتهبة، ثم يضعون عليه حجرًا حتى لا يستطيع أن يقوم.

حدث ولا حرج عن النفوس المريضة التي تأتي بالمؤمنين فيعذبونهم بالسياط التي تلهب الصدور وبالرمال الساخنة التي تشوي الظهور وبالحجارة الثقيلة التي توضع على الصدر كما حدث لبلال، فكان أمية بن خلف يضع في عنقه حبلاً، ثم يسلمه إلى الصبيان يطوفون به في جبال مكة حتى أثر الحبل في عنقه، وكان أمية يشده شدًا ثم يضربه بالعصا، وكان يكرهه على الجوع، وكان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا والله، لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، وبلال يقول صابرا محتسبًا: أحَدٌ أحد.

حدث ولا حرج عن العقول الخرِبة التي تأتي بالحراب، فتشقّ بها البطون وتغرسُ في فروج النساء الأبرياء كما فعل بسمية أم عمار وبزوجها ياسر؛ كانوا يأخذون عمارًا وأباه وأمه وأخته فيقلبونهم ظهرًا لبطن، فيمر بهم رسول الله وهو يقول: ((اصبروا آل ياسر؛ فإنَّ موعدكم الجنة)) رواه الطبراني. وماتت سميةُ أمُ عمار التي رفضت أن تنطق بكلمة الكفر واستعلَت بدينها وبإيمانها على طغاة الأرض، والتي كانت من السبعة الأوائل الذين أظهروا الإسلام، فكانت أوّلَ قتيل في الإسلام في ذات الله تعالى. هكذا كانت المرأة في الإسلام تدافع عن عقيدتها بثبات ويقين، فهذه أول شهيدة قدمت دمها وحياتها في سبيل الله تعالى.

حدّث ولا حرج عن تتابع الظلم والاضطهاد بالمسلمين والقطيعة، ففي أول ليلة من شهر الله المحرم من السنة السابعة من مبعثه اجتمعت قريش، اجْتَمَعُوا على أَنْ يَكْتُبُوا فِيْمَا بَيْنَهُمْ على بَنِي هاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ أَنْ لا يُنْكِحُوهُمْ ولا يَنْكِحُوا إلَيْهِمْ، ولا يُبَايِعُوهُمْ ولا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ؛ حتى يهلكوا عن آخرهم أو يسلموا لهم محمّدا، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، وعَمَدَ أبو طالبٍ فأدْخَلَهُمُ الشِّعْبَ، شِعْبَ أبي طالب في ناحيةٍ من مَكَّةَ، فأقاموا به ثلاث سنين تلوّوا جوعًا وعطشًا وعريًا، ولحقتهم مشقّة عظيمة، فكانوا يضعون الحجارة على بطونهم اتقاءً للآلام التي تنهش في أمعائهم، كانوا يبحثون عن الخرق البالية يعصبون بها رؤوسهم لتخفيف الأوجاع، تحملوا البرد القارس والصقيع القاتل في تلك الشعاب، فكانوا يلتحفون السماء ويفترشون الغبراء، يقول سعد بن أبي وقاص وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة: ولقد رأيتني مع رسول الله فخرجت من الليل أبول، وإذا أنا أسمع قعقعة شيءٍ تحت بولي، فنظرت فإذا قطعة جلد بعير، فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فرضختها بين حجرين ثم استففتها، فشربت عليها ماء، فقويت عليها ثلاثًا.

هؤلاء هم السادة الذين طردتهم قريش ظلمًا وعدوانًا حتَّى جَهِدُوا جَهْدًا شديدًا، ثم إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ أَرْسَلَ على صحيفةِ قريشٍ الأَرَضَةَ لتأكل صحيفة المقاطعة، فلم تَدَعْ فِيْهَا اسمًا لِلَّهِ إلا أَكَلَتْهُ وبَقِيَ فِيْهَا الظُّلْمُ والقطيعةُ والبُهْتَانُ، وقيل: أكلت الصحيفة ولم تبق منها إلا "باسمك اللهم"، وصدق الله العظيم: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ [المدثر:31]. وبذلك عاد المسلمون إلى مكة ليمارسوا الدعوة إلى الله تعالى، وانتهت المقاطعة الظالمة، ولكن المشركين عادوا إلى طغيانهم وظلوا على باطلهم واجتهدوا في إيقاع الإيذاء بالمسلمين، واجتمعت قريش في دار الندوة يبحثون عن أنجع الوسائل للقضاء على رسول الله ، ففي يوم الخميس من شهر صفر من السنة الرابعة عشر من النبوة اجتمع كفار قريش في دار الندوة، وبعد أن تكامل الاجتماع بدأ عرض الاقتراحات والحلول، فاتفقوا على قتل النبي .

هكذا ـ يا عباد الله ـ كان البلاء يصب على رسول الله وعلى أصحابه صبا، ولكنهم صبروا في ذات الله عز وجل حتى كانت الهجرة المباركة التي أنقذ الله تعالى بها عباده من الاضطهاد والظلم والطغيان.

 

الخطبة الثانية

هذه هي أحداث الهجرة النبوية التي فيها من الدروس والعبر، وأقدّم لكم ـ أيها الإخوة الكرام الأحبة ـ بعضًا من هذه الدروس المستفادة.

الدرس الأول من دروس الهجرة: فمن الأحداث السابقة ـ يا عباد الله ـ نعلم أن الهجرة لها شأن عظيم، وأن أساس نجاحها وفلاحها كان في انتقال قلوب المهاجرين من اتباع الشيطان والنفس والهوى إلى الإخلاص لله تعالى، ولذا قال : ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)). فمن انتقل قلبُهُ من ظلمة الشرك إلى نور التوحيد ومن الغواية إلى الهداية ومن الشر إلى الخير ومن الجهل إلى العلم كان مهاجرًا هجرةً قلبيةً، وكان عملُهُ صالحًا ومعاملَتُهُ حسنةً وخلُقُهُ كريمًا. فالهجرة القلبية ـ وهي التي يجب أن يقوم بها كلُّ مسلم ـ هي الهجرةُ الباقية إلى أن تقوم الساعةُ، فليهاجر كل مسلم بقلبه ونفسه من الشهوات إلى الطاعات ومن عبادة هواه إلى عبادةِ ربهِ ومولاه.

الدرس الثاني من دروس الهجرة: أن الهجرة تمثل قصة الصراع بين الحق والباطل والهدى والضلال، وتلك قضية تتكرر في كل زمان ومكان، وهي تمثل قصة الصراع بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فإن الصراع بين الحق والباطل قائم منذ القِدَم وإلى قيام الساعة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وتلك سنة الله تعالى، ولكن النصر في النهاية للحق وأهله والهزيمة للباطل وأهله، فعلى الدعاة إلى الله تعالى الساعين للإصلاح أن يتحلوا بالصبر والصدق والجد والإخلاص والحكمة والرفق وعدم استعجال الثمرات، فإن العاقبة الحميدة لكل مستضعف في الأرض ومضطهد في دينه متى ما صدق مع الله تعالى؛ لأن دروس الهجرة تقول: أليس الذي نصر عبده وهو على هذه الحال من الضعف قادرًا على أن يصنع مثله وأمثاله؟! أليس قادرًا على أن ينصر المسلمين وإن كانوا قلة في عددهم وعدتهم ولكنهم أقوياء في إيمانهم؟!

الدرس الثالث من دروس الهجرة: علينا أن نعلم أن الهجرة سنة من سنن الله تعالى الكونية التي لازمت الرسل والدعاة إلى الله تعالى، فما من رسول إلا أُخرجَ من داره أو عرَّضه قومه للإخراج، فهذه سنة من سنن الله تعالى، فإن الأقوام الذين عارضوا دعوة الرسل نجدهم يعرضون على رسل الله إما أن يعودوا إلى العقائد الفاسدة وإما أن يطردوا من ديارهم، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ [إبراهيم:13، 14]. فلقد هاجرَ أبو الأنبياء إبراهيمُ عليه السلام قال عنه الله تعالى: وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت:26]، وكذلك هاجر معه نبي الله لوطٌ عليه السلام، وهاجر شعيب وموسى وعيسى عليهم السلام.

فموسى عليه السلام أقام الحجج والبراهين الواضحة وجاء بالآيات الصادقة الدالة على نبوته ورسالته، ومع ذلك لم يستجب له قومه وأراد الطاغيةُ فرعون أن يقاوم هذه الحجج والبراهين بالأكاذيب والأباطيل والافتراءات، فعذب بني إسرائيل وقتل أبناءهم واستحيى نساءهم، فأمر الله تعالى نبيه موسى أن يهاجر بقومه، فخرج موسى عليه السلام مهاجرًا مع أخيه وقومه من مصر، فعلم فرعون بخروج موسى فجمع جنوده ليلحق بموسى، وسجل الله تعالى هذا الحدث فقال: وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَـؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء:52-68].

وبذلك ـ يا عباد الله ـ نجى الله تعالى موسى وقومه وجعل ذلك آية وعبرة للمعتبر، فصام موسى ذلك اليوم شكرًا لله تعالى، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة مَرَّ بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله : ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)) فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله : ((فنحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه رسول الله وأمر بصيامه. وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله : ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع))، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله . وروى مسلم عن أبي قتادة أن رجلا سأل رسول الله عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ((وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)).

وهي صورة تتكرر، فصورة الأجرام تتكرر في كل زمان من أجل إخراج المسلمين من ديارهم، وهذا الذي يحدث في عالمنا اليوم من اعتداء سافر على المسلمين على مرأى ومسمع العالم، فأين دروس الهجرة في عالمنا اليوم؟! هاجر رسولنا وهاجر أصحابه الذين آمنوا به واستجابوا لدعوته، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:18]. فعلى كل مسلم أن يأخذ الدروس والعبر من أحداث الهجرة المباركة.

أيها الإخوة الكرام الأحبة، وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود:88].

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً