أما بعد: أيها المسلمون، بدأنا في الجمعة الماضية حديثًا عامًا عن الظلم، واليوم سنتحدث عن أنواع من الظلم تعجّ بها مجتمعات المسلمين محذرين ومنذرين أن يقع المسلم في نوع منها.
أيها المسلمون، الظلم يتفاوت، فليست مراتبه وعواقبه سواء عند الله تعالى، والظلم أنواع وله صور عديدة، فأعظمها وأكبرها وأشدها عذابًا ونكالاً الشرك بالله تعالى، فهو أعظم الظلم وأكبر الظلم وأشد الظلم، إذ الظلم حقيقته وضع الشيء في غير موضعه، وأي ظلمٍ أعظم من ظلم من عبد غير الله وتعلق قلبه بغير الله محبةً وخوفًا ورجاءً؟! أي ظلم أعظم ممن عبد من لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا؟! أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ [الأعراف:191، 192]، أي ظلم أعظم من ظلم من دعا من لا يستجيب له إلى يوم القيامة، من دعا من لا يسمع دعاءه، ولو سمعه ما استجاب له؟! وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوٰتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:20، 21]، أي ظلم أعظم من ظلم من تعلّق قلبه بغير الله، فطاف بقبور الأموات، وذبح لهم النذور، وقرب لهم القرابين، وهتف بأسمائهم في الشدائد، وزعم أنهم ينفعون ويضرون، وأنهم يقربونه إلى الله زلفى؟! قال تعالى عن لقمان عليه السلام أنه قال لابنه: يٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ ٱلأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]. فالمشرك ظالم، أتى بظلم لا يغفره الله له، إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].
ومن صور الظلم الأعظم الوقوع في ناقض من نواقض الإسلام التي نص عليها العلماء، كسبِّ الله ورسوله أو الاستهزاء بالدين أو السحر أو غيرها من نواقض الإسلام.
ومن الظلم الكذب على الله؛ بأن يَدّعِي أنه يوحى إليه، وقد ختم الله الوحي بموت النبي ، قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِى إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيء وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ ٱللَّهُ [الأنعام:93].
ومن الظلم العظيم الذي يقع في الأرض اليوم تغيير ما شرعه الله تعالى لعباده وتبديل حكمه، والتساهل في عدم تطبيق شريعة الله عز وجل، فإن هذا من أعظم الظلم، قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [المائدة:45].
ومن الظلم عدم تساوي الناس فيما يطبق عليهم وعدم تساوي الناس في تنفيذ الأحكام، فإن هذه صورة مشينة من صور الظلم، يؤدي إلى الفساد في الأرض، ويؤدي إلى انتشار البغضاء والشحناء بين طبقات المجتمع، ويوقف عجلة التقدم والتطور فيه، ويؤدي في النهاية إلى الهلاك، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله ؟! فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيدٍ حب رسول الله ، فكلمه أسامة، فقال رسول الله : ((أتشفع في حد من حدود الله؟!))، ثم قام فاختطب ثم قال: ((إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها)) رواه البخاري.
ومن أنواع الظلم ما بينه الله في كتابه حيث أخبر أن أموال اليتامى أمانة لدى الولي، وأنه إن تعدى على شيء منها كان ظالمًا، ولهذا قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ ٱلْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [البقرة:174].
وحذر تعالى المسلم من قتل نفسه، وعدّ الانتحار جرمًا خطيرًا وظلمًا عظيمًا من الإنسان لنفسه، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا [النساء:29، 30].
وأخبر تعالى أن التعدي على أموال المسلمين بالسرقة ظلم، قال الله تعالى بعدما ذكر عقوبة السارق: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:39].
وأخبر أن مماطلة الغني للحق الواجب عليه ظلم منه لصاحبه، إذ الواجب أن تؤدَّى الحقوق إلى أهلها بطيب نفس، وأن تأخير أداء الحق من ثمن المبيع أو القرض أو غير ذلك، أن هذا التأخير ظلم لصاحب الحق، إذ الواجب أن تعطيه حقه في وقته، فإن تأخرت لغير عذر فأنت ظالم، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه : ((مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ)) رواه البخاري.
ومن أنواع الظلم ظلم الإنسان للإنسان، ويكون ذلك بالتعدي على عرضه أو بالتعدي على بدنه أو بالتعدي على ماله أو بأي صورة من صور التعدي، فإن كل هذا محرم ولا يجوز، قال عليه الصلاة والسلام: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟!)) رواه البخاري. فكم في عالمنا اليوم من مظلوم، ممن ظُلم في عرضه أو ظلم في بدنه أو ظلم في ماله وهو لا يستطيع أن يسترد مظلمته.
وظلم الناس بعضهم لبعض صوره لا عدّ لها ولا حصر، فمن ذلك الظلم في الولاية، فبعض أصحاب الوظائف لهم في وظائفهم ولاية على غيرهم فيقعون في الظلم، كأن يزكّي ويرشح فلانًا لشخصه لا لأمانته، ويتهاون في أداء حقوق آخرين، ويقدم فلانًا لقرابته أو لزمالته، ويتناسى أن حقوق الناس لها مُطالبون لا تسقط إلا بتنازلهم عنها، وإلا سيدفعها يوم القيامة من حسناته، وهو بظلمه في حدود ولايته قد خان من ولاّه ولم يعدل فيمن تولى عليه.
ومن الظلم ظلم العمال، وله صور عديدة، فمنهم من يكلف العامل من العمل ما يشقّ عليه ولا يتحمله، ومنهم من لا يهتم بحقوقه في الأكل والشرب والسكن وكأنه ليس بمسلم، بل كأنه ليس بإنسان له حقوق ومشاعر، ومنهم من يتأخر عن إعطائه راتبه الشهري المستحق له الذي تغرّب لأجله وخلّف أسرة تنتظر هذا المرتب، وهو حق له ليس لأحد فيه معروف، فهو جهده وعرق جبينه، ومع ذلك يتثاقل الكفيل ويسوِّف ويؤجّل، عَنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه : ((أَعْطُوا الأَجير أجرهُ قبل أن يَجِفَّ عَرَقُهُ)) رواه ابن ماجة.
فيا أيها الكفيل، إن هؤلاء الضعفة الذين تعاقدت معهم أوفِ عهدك معهم، ولا تستغلّ ضعفهم وغربتهم، ولا تنتهز عجزهم، فإن من عمل ذلك فإن الله توعده أن يكون هو خصمه يوم القيامة، فاتق الله، وأعط الأجير أجره، ولا تمنعه حقه وتبخسه راتبه حتى وإن قلّ.
أيها المسلمون، إن مثل هذا الظلم هو ما دفع بعض العمالة إلى السرقة أو المتاجرة بأشياء محرمة أو قتل كفيله أو الزنا بمحارمه أو التعدي على أسرته، كما نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام، بل إن بعضهم يصل به الحال إلى أن يقتل نفسه، فيأتي ذلك العامل المسكين من بلاد فقيرة وقد باع ما يملك حتى وصل إلى هذه البلاد، ويفاجأ بالظلم المرير والبخس للحقوق، فيصل به الأمر إلى الانتحار عياذًا بالله تعالى. فمن المسؤول عن هذا؟! إنه أنت أيها الظالم، يا من بخستهم حقوقهم، فاتق الله تعالى فيمن تحت كفالتك من العمالة، واعلم أن الله تعالى يمهل وأن الأيام دول، فيوم لك ويوم عليك، فأعط كل ذي حق حقه، واتق الله تعالى وأقلع عن ظلم المسلمين وظلم العباد، وكف عن التعدي عليهم في أموالهم وأعراضهم ودمائهم قبل أن تلقى الله بهذا الظلم الشنيع، فتندم في ساعة لا ينفع فيها الندم.
ومن الظلم ظلم بعض الأزواج لزوجاتهم؛ فلا يهتم بها، ولا يقوم بما يجب لها من حقوق شرعية، سواء في النفقة أو التعامل الحسن والكلمة الطيبة والاحترام والتقدير المطلوب بين الزوجين والوفاء لها وتقدير ضعفها وعاطفتها وحاجتها، عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها أن النبي قال: ((إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله)) رواه الإمام أحمد.
ويظهر الظلم بصورة أوضح عند بعض الذين لديهم أكثر من زوجة؛ فينسى حقوق بعض تلك الزوجات اللاتي عاش معهن سنين طويلة، ويميل إلى البعض الآخر، عن أبي هريرة عن النبي قال: ((إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقطٌ)) رواه الترمذي.
ومن الظلم ما يحصل من بعض الأزواج حينما يرغب في مفارقة زوجته التي يكرهها، فإنه لا يسرحها بإحسان، ولكنه يلجأ إلى تنغيص حياتها بشتى الطرق والوسائل لكي تفدي نفسها ويأكل مهرها، وهذا ظلم عظيم، والله تعالى يقول: يٰأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19]. فاتق الله تعالى أيها الزوج، وعليك أن تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان، وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاً مّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وٰسِعًا حَكِيمًا [النساء:130].
ومن الظلم ظلم الأولاد، وظلمهم له صور عديدة؛ فبعض الآباء لا يحسن العدل بين أولاده، فيظلم بعضهم ويَشعر أحد الأولاد ـ ابنًا أو بنتًا ـ بميل الأب إلى غيره وعدم العدل بينه وبين إخوانه، وتلك مشكلة يغفل عنها الكثير من الآباء، عن النعمان بن بشيرٍ قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله ، فانطلق أبي إلى النبي ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله : ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟)) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا في أولادكم))، فرجع أبي فرد تلك الصدقة. رواه مسلم.
ومن صور ظلم الأولاد أن يترك الرجل أولاده بلا أمر ولا نهي، لا يُؤَدّبهم ولا يُوجّههم ولا ينصحهم، ولربما وجدته يأمر وينهى الناس البعيدين عنه، فإن هذا من أعظم الظلم للأولاد.
ومن صور ظلم الأولاد عضل البنات عن الزواج، فبعض الآباء يمنع بناته من أغلى وأعز شيء تمتلكه من الحب الحلال الذي أباحه الإسلام، فيمنعها من الحياة السعيدة والحنان والأمومة، وهمه الأكبر هو جمع الأموال والاستيلاء على رواتب بناته الموظفات، وكم هي القصص المأساوية في هذا المجال.
ومن صور ظلم الأولاد ما يقع من كثير من الآباء الذين قد ملؤوا بيوتهم من الوسائل المدمرة للدين والأخلاق، فيخربون بيوتهم بأيديهم، ويظلمون أنفسهم ويظلمون من تحت أيديهم بما يسببونه لهم من الانحراف والفساد والضياع بجلب الكتب والمجلات وأجهزة الفساد إلى أهليهم خصوصًا القنوات الفضائية المدمرة، فيحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم.
أيها المسلمون، ولئن كان ظلم الأولاد محرمًا فالأشد حرمة أن يظلم الولد أباه، أن يظلم الولد ذلك الأب المسكين الذي يبكي بدمع الدم حرقة ولوعة، مِن ظُلم مَن؟ ظلم أقرب الناس إليه، ظلم من ربّاه وخرج من صلبه، ظلم من أنفق عليه وسهر من أجله وتعب من أجل راحته حتى رآه رجلاً جلدًا يمشي على الأرض قويًا، وعندما كَبِر أصبح خصمًا عنيدًا لوالده، فظلمه بعقوقه، وظلمه بعدم احترامه، وظلمه بانشغاله بأولاده وقلة السؤال عنه، وظلمه برفع الصوت عليه وربما بالتعدي عليه بضربه أو شتمه.
فوا عجبًا لمن ربيتُ طفلاً ألقِّمه بأطراف البنـان
أعلمه الرِّمـاية كُلَّ يوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافِي فلما قال قافية هجـاني
ومن الصور المشينة للظلم ظلم ذوي القربى؛ ظلم الأقارب بعضهم لبعض، واسأل القضاة في المحاكم لتقف على الحقيقة المرّة فيما يجري بين الأقارب، بل بين الأخ وأخيه على شبر من الأرض أو حفنة قليلة من المال. الأقارب الذين هم أولى الناس بنصرة بعضهم البعض، إلاّ أنهم وبسبب ما فتح الله على الناس من الدنيا تسلّل الداء إلى نفوسهم فانقطعت المودّات وانفصمت العلاقات وتسلّط القريب على قريبه إلا من رحم الله، أقلق نهاره وأسهر ليله وبدل سعادته همًا وصحته سقمًا ويسره عسرًا، وصدق الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
ومن أنواع الظلم بين الناس المعاملات الربوية، فقد بين تعالى أنها ظلم؛ لأنه أخذ مال بغير حق، قال الله تعالى: وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُؤوسُ أَمْوالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، لا تَظلمون بأخذ الزيادة، ولا تُظلمون بأخذ شيء منكم، وإنما كل يأخذ حقه، فالربا ظلم وعدوان وأكل مال بغير حق.
ومن أنواع الظلم ظلم الناس في أعراضهم؛ باغتيابهم والسعي بينهم بالنميمة وهمزهم وعيبهم والسخرية بهم والحط من قدرهم ومحاولة إلصاق التهم بهم وهم برآء من هذا كله، فكل هذا من أنواع الظلم، وفي الحديث: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)).
ومن الظلم التعدي على كل نفس معصومة بقتل أو ضرب أو سجن أو تعذيب، ويدخل في ذلك كل من باشر الاعتداء بنفسه أو أمر به أو أعان عليه أو أشار به أو فرح به أو شمت أو قعد عن نصرة المعتدى عليه وهو يقدر على ذلك، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) رواه مسلم. فإذا كان هذا حال العجماوات فيما بينها فكيف الحال بما يحصل في الأرض اليوم من سجن وتعذيب وتشريد لصفوة عباد الله؟!
ومن صور الظلم الاعتداء على أموال المعصومين بسرقة أو إتلاف أو بالتحايل والخداع، وسواء كان المسروق عينًا أو نقدًا، ويدخل في ذلك السرقة من الأموال العامة للمسلمين كبيت المال والصدقات وغنائم المجاهدين، قال الله عز وجل: وَمَن يَغْلُلْ يَأتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ [آل عمران:161]، ويلحق بذلك كل من استُؤمن على مال لحفظه أو استثماره ثم خان صاحب المال أو فرط في حفظه وتنميته، ويشتد الإثم إذا كان الاعتداء أو التفريط في حفظ المال العام والأوقاف وأموال اليتامى.
ومما يدخل في ظلم الناس في أموالهم ما يقع بينهم من البيوع المحرمة التي يتضرر فيها أحد المتبايعين أو كلاهما، وهي كثيرة ومتنوعة، منها بيوع الغرر أو بيع ما لا يملك أو بيع النجش. وظهرت صور جديدة في تعاملات الناس اليوم كبعض صور الإيجار المنتهي بالتمليك، وعقود أخرى تمارسها بعض البنوك اليوم، كلها من الظلم للناس في أموالهم.
ومن صور الظلم التي يمارسها بعض التجار المتاجرة في الملبوسات والأزياء النسائية المحرمة التي تصف الجسد أو تكشف بعضه تشبهًا بالكافرات، ويدخل في ذلك من يشتري مثل هذه الأزياء لأهله ويأذن لهم بالخروج فيها والتبرج بها، كما أن المرأة المتبرجة تُعد هي الأخرى ظالمة للناس بتعريضهم للفتنة.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الظلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
|