عباد الله، يقول الله تبارك وتعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104].
أيها المؤمنون، بلادنا بلاد مباركة، احتفظ بها آباؤنا الأولون من المجاهدين الصالحين، وحافظوا عليها، تتناقلها الأجيال من يد أمينة إلى يد أمينة أخرى.
لقد دافع المسلمون الأولون عن هذه الأرض المباركة كلما بدا لطامع أن يتعدي عليها دفاع الأبطال، فاستشهد في سبيلها ملايين من الشهداء، الآلاف من الصحابة والصديقين والصالحين يرقدون في ثراها الطاهر، فالواجب على أمتنا اليوم أن تسير على منهاج سلفنا الصالح لأن أرض فلسطين أمانة في أعناقنا، والتفريط بذرّة تراب منها هو خيانة لله ولرسوله، أما سمعتم ـ أيها المؤمنون ـ قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]. فسكوت الأمة اليوم عن ضياع أرضنا المقدسة هو الخيانة الكبرى والجريمة العظمى.
إن الحكمة البالغة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هي في مثل هذا الموقف الخطر الذي تحياه الأمة اليوم.
عباد الله، كيف نقبل على أنفسنا أن نخون الأمانة، وأن نفرط في المسجد الأقصى، إن الذين يؤمنون بالله لا يعبدون غيره، ولا يأبهون لعرض زائل من أعراض الدنيا، ألم تسمعوا ـ أيها المؤمنون ـ قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ [التوبة:111]، فالمؤمن ـ يا عباد الله، ونرجو الله تعالى أن نكون جميعا من المؤمنين الصادقين ـ يرى القناطير المقنطرة من الذهب والفضة وجميع ما في هذه الدنيا من مغريات وشهوات أتفه بكثير من أن تحمله على بيع دينه وشرفه وأرضه ودنياه وآخرته، إن الدين والشرف أغلى من المال، والروح الخالدة أسمى من المادة الزائلة.
عباد الله، أروني شخصا خرج من هذه الدنيا وهو يحمل المال معه، وماذا يصنع الغني مهما اغتنى وجمع من المال؟! هل يستطيع أن يأكل وأن يلبس أو يستمتع إلا بمقدار؟ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:20].
عباد الله، يظن بعض الناس أنهم يستطيعون فعل كل شيء بأموالهم، تلك أمانيهم التي زينها الشيطان لهم، يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا [النساء:120]. ينخدع بعض المغرورين بوفرة المال وبسطة العيش، حاسبين ذلك ثروة صحيحة وعيشا رغيدا، وقد جمعوا أموالهم من الحرام، فهذا يحتال بشتى الوسائل الخفية والطرق المستورة من نقص الكيل والميزان وخلط السليم بالرديء، وغير ذلك من أنواع الغش والاحتيال فيما لا يوافق الحقيقة الواقعة، ولا يرضى به الشرع القويم. فالغشاش يحتال على الضعفاء والبسطاء والقاصرين، وعلى الطيبين الأطهار الذين يشترون بالثقة البريئة ولا يحاورون في البيع ولا يدققون في المبيع، اعتمادا على دين البائع، ولا يعرف ذلك إلا الله القائم على كل نفس بما كسبت.
عباد الله، روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قدم المدينة، وكانوا من أبخس الناس كيلا، فنزلت سورة المطففين، فأحسنوا الكيل، فخرج رسول الله فقرأها عليهم، وقال: ((خمس بخمس))، قيل: يا رسول الله، ما خمس بخمس؟! قال: ((ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس الله عنهم المطر))، ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بالبائع فيقول: (اتق الله، وأوف المكيال والوزن بالقسط، فإن المطففين يوم القيامة يوقفون حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم).
عباد الله، إن المجرمين هم أقلية ضئيلة في البلاد، وفي استطاعتنا أن ننصحهم ونوقفهم عند حدهم ونأخذ على أيديهم ولا تأخذنا في سبيل ذلك العصبية الجاهلية، ففي سبيل الدين لا قيمة للقربى ولا للعصبية ولا للحزبية ولا لأي أمر آخر، ويجب أن يكون أقرب الناس إلينا أقربهم إلى المصلحة العامة، وأبعدهم عنا أبعدهم عنها، قال المولى تبارك وتعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة:22].
وإني أحذركم ـ أيها المؤمنون ـ من العصبية الجاهلية، ولتكن مصلحة الأمة هدفكم الذي ترمون إليه، وإذا أردتم أن تصنعوا خيرا لأقربائكم فامنعوهم من التآمر على أمتكم، امنعوهم من ارتكاب الفواحش، امنعوهم من شرب الخمر ولعب القمار، امنعوهم من الوقوع في الزنا ومعاملات الربا، امنعوهم من اتباع سبل الشيطان، امنعوهم من تطفيف الكيل والميزان.
أيها المؤمنون، نريد منكم عهدا وثيقا وميثاقا غليظا على أنكم ستقفون سدا حائلا دون التنازل عن حقوق الأمة مهما كانت الأسباب والبواعث، نريد أن نتعاون جميعا وأن نبذل قصارى جهودنا من أجل رفعة الأمة وصون الكرامة ووحدة الصف ومحاربة الباطل، وأن يكون قدوتنا في ذلك رسول الله والسلف الصالح من أبناء أمتنا المجيدة حتى لا نندرج فيمن قال الله فيهم: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [الأحزاب:67، 68].
عباد الله، خطب الفاروق يوما فقال: (أيها الناس، اتقوا الله في سريرتكم وعلانيتكم، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، ولا تكونوا مثل قوم كانوا في سفينة، فأقبل أحدهم على موضعه يخرقه، فنظر إليه أصحابه فمنعوه، فقال: هذا موضعي ولي أن أحكم فيه، فإن أخذوا على يده سلم وسلموا، وإن تركوه هلك وهلكوا).
عباد الله، لما أهمل المسلمون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثرت المناكير وزاد البلاء وانحطت الأخلاق، إلى أن وصلنا إلى هذه الحال، فنحن بتركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحنا مهاجَمين في عقائدنا وديننا وأوطاننا وأراضينا وتقاليدنا وآدابنا وأخلاقنا، وفي كل شيء منا، وليس من الخطب الهين أن يقع الخطر على العقيدة، فإنما الأمم بعقائدنا وأخلاقها.
عباد الله، إن تيارا من روح الإباحية والإلحاد يكاد يجتاح البلاد، يحمل هذه الروح الخبيثة شذاذ الآفاق، فيبدون مظاهرها في الشوارع والمجتمعات على رؤوس الأشهاد، وإلى ذلك المناهج المدرسية الدخيلة على أمتنا وأولادنا، والتي تعمل على هدم العقيدة الإسلامية والآداب العربية، والتي تحارب روح الإيمان في نفوس المؤمنين، فيتخرج من أبنائنا وبناتنا ناشئة تستخفّ بالدين وتهزأ بالتقاليد والآداب، ولذلك أصبحنا نرى من جهة أخرى بعض النساء في تبرج مستنكر، وعلى ذلك أماكن اللهو والفساد وبعض المجلات الخليعة التي تنتشر باسم الفن والأدب، فهذه المناهج السامة الضارة تنساب كالأفاعي إلى الأمة حيث تفتك في الأخلاق وتقوض بنيان المجتمع، فأين أهل العلم ليبينوا ذلك؟! لماذا ندرّس طلابنا ما يخالف عقيدتنا؟! لماذا لا ندرسهم تاريخنا الإسلامي؟! لماذا لا يعرف طلابنا شيئا عن أصحاب رسول الله بينما نراهم يعرفون كل شيء عن قادة الغرب الضالين؟! أين علوم القرآن التي تدرس في معاهدنا العلمية؟! أين حلقات العلوم الشرعية؟!
عباد الله، لقد أخذ العهد على أهل العلم أن لا يكتموه، ومن يكتم علما ألجم بلجامٍ من النار يوم القيامة، نعوذ بالله أن نكون من أدعياء العلم الذين يكتمونه للحفاظ على مكانتهم ومناصبهم.
عباد الله، لما وقف الإمام أحمد يدافع عن القرآن دفاعا مجيدا أمر الحاكم بأن يجلد مائة جلدة، فلما جيء بالإمام في ميدان بغداد ليجلد وأخذ الجلاد بضربه والإمام كلما جلد جلدة قال: لا إله إلا الله، فلما وصل الجلاد إلى ستين جلدة أغمي على الإمام إغماء شديدا، فحملوه إلى منزله بعد صلاة الجمعة يعاني من جراحه، يعاني من دمائه، فلما أفاق من إغماءته سأل الجالسين حوله: هل صليتم العصر؟ قالوا له: نعم يا إمام، قال الإمام: فوضّئوني واستدِروني ووجهوني إلى القبلة حتى أصلي لله، فوضّؤوه، وحولوا وجهه إلى القبلة حتى صلى، والسياط قد أخذت معالمها في جسده الطاهر، فلما فرغ من الصلاة سأله تلامذته سؤالا، قالوا له: يا إمام لقد عجبنا لك وأنت تجلد، كنا نبكي لك وأنت تبتسم كلما جلدت جلدة، فكيف تبتسم وأنت الذي تجلد؟! فقال: تبكون لأنكم ترون يدَ الجلاد، أما أنا فكنت أبتسم لأنني كنت أرى يدَ ربّ العباد. بأي ذنب جلد؟ لأنه قال الحق، ووقف مع الحق، واستمات في الدفاع عن الحق، كيف لا وهو إمام الزهد والورع والعلم والعدل.
هكذا كان سلفنا الصالح يدافعون عن دينهم، كانوا يقفون أمام الباطل، وهذا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول يوم الردة: أينقص الدين وأنا حي؟! هكذا يجب أن نكون، بأولئك يجب أن نتأسى.
عباد الله، ما أحوجنا إلى العودة إلى الله، ما أحوجنا إلى التوبة والجدّ والاجتهاد، ما أحوجنا أن نعمل لديننا، فهو مصدر عزنا وسمونا. للأسف الشديد قام بعض دعاة الهزيمة والاستسلام يبثون الدعايات المضللة، يدعون فيها الناس إلى اليأس، وما أضر اليأس بالأمم، أما علموا أن اليأس والإيمان لا يجتمعان؟! إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.
أما الذين آتاهم الله قوة من اليقين والإيمان، فلو تداعت عليهم الأمم كلها لما يئسوا، وكأنهم المعنيون بقوله تعالى: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:146-148].
أيها المؤمنون، إياكم واليأس، قاوموه بكل جهدكم، ادفعوه عن نفوسكم، فهو أشد الأخطار، وإذا كان اعتمادنا على الله فلا نبالي ولو خذلنا الناس كلهم، وتيقنوا أن الله لن يخذل المؤمنين الصابرين المتوكلين، وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:139]. إن الفرج يكون عند اشتداد الأزمة، وإن أشد حلك الليل سوادا ما كان قبل طلوع الفجر، قال تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ [يوسف:110].
إنني أعتقد أن أهل العلم والدين في أرضنا المباركة إذا قاموا بما يجب عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واهتموا بأمور المسلمين وعملوا في سبيل الله يدعون للرجوع إلى الله والاحتفاظ والتمسك بعقيدتنا الإسلامية ونبذ ما يخالفها، عندئذ يجعل الله لنا من أمرنا مخرجا ومن أزمتنا فرجا.
كلمة أخيرة نوجهها إلى أمتنا الإسلامية في كل مكان: إذا بقيتم تنظرون إلى مأساة إخوانكم في فلسطين غير مبالين ولا مكترثين فإن موقفكم هذا لا يرضي الله ورسوله، وتذكروا أن ما أصابنا سيصيبكم غدا ـ لا سمح الله ـ إن بقيتم هكذا، فالأمل كبير، ولا تزال الأمة فيها خير يذكر، وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد:35].
عباد الله، فئة ضالة من أبناء شعبنا يقومون بأعمال لاأخلاقية خارجة عن تعاليم ديننا الحنيف، أولئك الذين يسرقون السيارات، يقومون بترويع الآمنين، يعتدون على أموال الآخرين، وخاصة الذين يتوجهون لأداء الصلوات في المسجد الأقصى، يرجع الواحد ولا يجد سيارته، فليحذر أولئك المجرمون من أعمالهم. وبنفس الوقت أولئك الذين لا يراعون حق الله في المواريث، يحرمون أخواتهم وبناتهم من حقوقهم، وتجدهم للأسف يتظاهرون بأداء الصلوات والصيام، إلى أولئك نقول: اتقوا الله ولا تتعدوا حدود الله، وتذكروا يوما تقفون بين يدي الله، فيحاسبكم على أعمالكم.
عباد الله، تناقلت وسائل الإعلام مؤخرا أن أمريكا تعتزم غزو إيران على غرار غزوها للعراق، وإن كبار العسكريين قد وضعوا خطة من أجل ذلك، تتمثل بضرب مراكز وتجمعات الحرس الثوري ومستودعات الذخيرة ومعسكرات الجيش والمنشآت النووية، ثم يبدأ الزحف من خمس محاور انطلاقا من دول الخليج والكويت والعراق وأفغانستان وتركيا.
عباد الله، لو أن إيران وقفت إلى جانب العراق لكانت العراق خط دفاع عن إيران، ولكنها اليوم ستكون منطلقا للعدوان، إيران ستواجه سياسة أمريكا العدوانية وحيدة؛ لأن الحكام ينظرون إلى المصالح الذاتية لا إلى مستقبل الشعوب الإسلامية.
تذكرون ـ يا عباد الله ـ أن أمريكا وضعت إيران والعراق وكوريا الشمالية كدول لمحور الشر، ونفذت تهديداتها فاحتلت العراق، ونهبت ثرواته، وقتلت أبناءه، ومزقت وحدته، وقبل ذلك احتلت أفغانستان، وشردت أهله، ونصبت حكاما موالين لها، وحاولت أمريكا أن ترهب كوريا الشمالية، لكنها أثبتت وجودها وتحدت أمريكا. والواجب هنا على إيران أن تكون قوية وصلبة في موقفها، وأن لا تتنازل للهيمنة الأمريكية، فإن هي ضعفت وتراجعت سهل اصطيادها.
أيها المسلمون، في غمرة الاستعدادات التي تجري على الساحة الفلسطينية تمهيدا لانتخابات الرئاسة، ومن بعدها الانتخابات التشريعية، والتي قلنا رأينا فيها صراحة في خطبة الانتخابات، فما معنى إجراء الانتخابات تحت حراب الأعداء؟! فإسرائيل تواصل سياسة الاغتيالات والتصفية لأبناء شعبنا، وهي التي تقوم بتغطية إعلامية مضللة للعالم، ومفادها أنها تعمل على مساعدتنا وتخفيف معاناتنا. فمقابل أن تزيل حاجزا عسكريا تقتل وتهدم وتضع حواجز بديلا، إنها تمارس سياسة حرق الأعصاب، وإنهم يرددون عبارة إسقاط وشطب حق العودة للفلسطينيين.
أيها المؤمنون، يجب أن تنصب الجهود على قضايانا الأساسية، القضايا المركزية، وهي إعادة الأرض لأصحابها الأصليين، تحرير البلاد والعباد من الاحتلال، تحرير الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال، قضية الوجود الفلسطيني المسلم على أرضه وترابه عبر سنوات من التضحيات والشهداء.
أيها المسلمون، يجب أن توضع قضية الأسرى في سلم الأولويات والاهتمامات، وليس مجرد شعارات من أجل الفوز بالانتخابات. يجب المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من سجون الاحتلال إذا كانت إسرائيل جادة بتخفيف المعاناة عن شعبنا الفلسطيني. فماذا قابلت إسرائيل مصر عندما أطلقت سراح المعتقل الإسرائيلي في السجون المصرية؟! سجين واحد إسرائيلي في السجون المصرية، عملت إسرائيل وعلى مستوى عالمي عال لإطلاق سراحه، فلماذا لا تعمل لإطلاق سراح أسرانا؟!
كذلك يجب أن يكون معلوما للجميع أن حق العودة حق مقدس، لا يمكن لأحد أن يتنازل عنه بالتوطين أو التعويض، فأرضنا ستعود لأصحابها الشرعيين مهما طال الزمن ورغم أنف أعدائنا. وأرض فلسطين وبيت المقدس التي باركها الله تعالى لن يجرؤ أحد على أن يساوم على ذرة تراب منها سواء فوق الأرض أو تحت الأرض. هذه البقاع الطاهرة التي ارتوت بدماء الشهداء الأبرار والفاتحين الأخيار والصحابة الكبار، لا يجوز المساومة عليها أو التفريط بها مهما كانت التضحيات.
|