أيها المسلمون!
اتقوا الله تعالى لتكونوا من اولياء الله الذين يقول الله فيهم: الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون
عباد الله!
ومن تقوى الله فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه.
ألا وإن مما أمر الله به موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين وهذا هو الولاء والبراء وهو أصل الإسلام ومظهر إخلاص المحبة لله ثم لأنبيائه وللمؤمنين.
والبراء مظهر من مظاهر كراهية الباطل وأهله وهذا أصل من أصول الإيمان وهو هام فى الوقت الحاضر لأنه اختلط الكفار بالمسلمين وغفل الناس عن مميزات المؤمنين التى ميزهم الله بها وحطوا من قدرهم وساموهم سوء العذاب وسافر كثير من المسلمين الى الكفار فى عقر دراهم وساكنوهم وخالطوهم وهذا نتيجة لضعف هذا الأصل العظيم الذى هو أصل الولاء والبراء.
عباد الله!
الولاء معناه المحبة والنصرة والإكرام وأن نكون مع المؤمنين ظاهرا وباطنا.
قال تعالى: الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات .
والبراء معناه: البعد والخلاص والعداوة بعد الأعذار والإنذار.
عباد الله!
وإن كان أصل الولاء المحبة فإن أول من يحب هو الله سبحانه وتعالى لأنه المحسن المنعم
ومحبة الله تعالى تقتضى أموراً ولها علامات فليس كل من ادعى محبة الله يكون صادقا فى دعواه حتى تدل على ذلك الأدلة، و تشهد له الشواهد.
وأول هذه العلامات: متابعة الرسول فمن كان يحب الله عز وجل فليتابع رسوله فيما جاء به.
ولهذا لما ادعى اليهود أنهم يحبون الله عز وجل امتحنهم بهذه الآية قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
ومن علامات محبة الله أن يقدم العبد ما يحبه الله على ما يحبه هو فإذا تعارضت محبة الله مع محبة العبد فان العبد يقدم ما يحبه الله على ما تحبه نفسه.
قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسول وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين
ومن علامات محبة الله: أن يحب العبد ما يحبه الله من الأعمال والأشخاص ويكره ما يكرهه الله من الأعمال والأشخاص.
فالله تعالى يحب المؤمنين الصالحين فإذا كان الإنسان يحبهم فهو يحب الله عز وجل.
والله تعالى أمر بموالاة أوليائه ومعادة أعدائه فى آيات كثيرة قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً .
هذا نداء من الله تعالى لعباده المؤمنين أن لا يتخذوا الكافرين أولياء بأى نوع من أنواع الولاية؛ لا بالمحبة؛ ولا بالمناصرة، ولا بالميل إليهم؛ لأنهم أعداء الله ورسوله وإذا كانوا أعداء لله ولرسوله وجب علينا ان ننابذهم العداء.
وقال تعالى بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا .
فالله جل وعلا أخبرنا أن موالاة الكفار من صفات المنافقين.
عباد الله!
إعلموا أن موافقة الكفار على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: ان يوافقهم فى الظاهر والباطن وهذا كفر صريح .
الثانى: أن يوافقهم فى الباطن دون الظاهر وهذا شان المنافقين الذين هم فى الدرك الاسفل من النار.
الثالث: أن يوافقهم فى الظاهر دون الباطن، وهذا على نوعين:
الأول: أن يوافقهم فى الظاهر وهو يبغضهم فى الباطن بدافع الإكراه للتخلص من الأذى كما في حديث عمار بن ياسر، حينما أخذه المشركون فلم يتركوه حتى سب النبى وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه فلما اتى رسول الله قال: ((ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالايمان. قال: إن عادوا، فعد)) .
الثانى: أن يوافقهم فى الظاهر بدون إكراه لطمع دنيوى أو لغرض من الأغراض فالذى يعمل هذا قد والى الكفار وارتكب أمراً عظيما.
عباد الله!
ومن مظاهر موالاة الكفار استقدام الكفار للعمل فى بلاد المسلمين.
وأقول بكل أسى: كم فى بلادنا اليوم من ديانة غير الإسلام؟!
وانظروا إلى أولئك القطعان من تلك الرعايا ممن يجوبون الشوارع في أيام العطل الرسمية من غير المسلمين من يهود ونصارى ووثنيين وهندوس وغيرهم!!
فهل يمكن أن نتنبه لهذا الخطر وننظر فى أصل الولاء والبراء فى أى موقع يقع منا حتى عم الاستقدام فاصبح على مستوى رعى الغنم وخياطة الثياب بل وإعداد الشاى والقهوة؟!
ويا ليتهم حينما بلينا بهم وقفوا عند العمل الذى أتوا من أجله ولكنهم جاءوا فجاء معهم الشر والدمار وخراب الديار لأنهم أتوا من أجل هدم الأخلاق لا من أجل بناء الخراب لقد حفروا نفوسنا قبل أن يحفروا أرضنا لقد نشروا فسادهم قبل نشر آلاتهم لقد شيدوا الفساد قبل تشييد المساكن.
ومن مظاهر موالاة الكفار السفر إلى بلادهم من غير عذر شرعى.
ولقد ذكر العلماء أن السفر الى بلاد الكفار لا يجوز إلا بشرطين:
الأول: أن يكون هذا السفر لمصلحة شرعية كالعلاج أو لطلب خبرات لم تكن فى بلاد المسلمين ويحتاج إليها المسلمون فيسافر ليتعلمها ثم يأتى بها إلى بلاد المسلمين ليستغنوا به عن عدوهم.
الثانى: أن يقدر على إظهار دينه فى بلاد الكفار وإظهار الدين أن يدعوا إلى الله عز وجل ويبين بطلان ما عليه الكفار.
فاذا تحقق هذان الشرطان فليسافر أما إذا فقد أحد هذين الشرطين فالسفر لا يجوز هنا.
وان بعض الناس لم يبالوا فى تحقيق هذين الشرطين فيسافر بعضهم لاجل النزهة والترفيه في بلاد الكفار ولاجل التمتع بجمال الطبيعية كما يقولون ومن عمل هذا يدل على أن عنده ولاء للكفار، وأنه يحبهم فلو كان لا يحبهم لما سافر إليهم.
وبعض الناس من ذوى الثراء يصطحبون معهم فى تلك البلاد الأسرة لتاخذ حظها من الشقاء فتخلع جلباب الحياء تخرج سافرة عارية حتى لا يرميها أولئك الكفار بالتأخر فيمكثون أياماً يعودون بعدها وقد أرضوا الشيطان وأسخطوا الرحمن ويحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون.
عباد الله !
ومن مظاهر موالاة الكفار اتخاذهم بطانة (أي: خاصة) قال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ولا يألونكم خبالا .
والبطانة الإنسان كما يفعل بعض الناس فى اتخاذ الكفار مستشارين وأمناء سر ومديرى أعمال، سواء كان ذلك فى الأمور العامة والخاصة فالمسلمون منهيون عن أن يتخذوا الكافرين بطانة بأن يولوهم أعمالا من أعمال المسلمين يطلعون من خلالها على أسرار المسلمين وأحوالهم، ويفشون أسرارهم إلى الكفار، فالمسلمون منهيون عن ائتمانهم وقد خونهم الله ولكن الله المستعان، الاستقدام للكفار قائم على قدم وساق وإدخالهم فى بيوت المسلمين ليطلعوا على عوراتهم وخلطهم مع عوائلهم وتوليهم تربية أطفالهم.
فهذا من مظاهر موالاة الكفار فلنتق الله فى أنفسنا وفى أولادنا وفى بلادنا وفى إخواننا.
ومن مظاهر موالاتهم إظهار التعظيم لهم فى المجالس والبشاشة فى وجوههم وتلقيبهم بالألقاب التى تدل على رفعتهم كأن يقال لأحدهم سيد أو ما شابه ذلك.
فعن بريدة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله ((لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيداً فقد اسخطتم ربكم عز وجل)).
فاتقوا الله عباد الله! وحكموا شرع الله فى كل أمور حياتكم واجعلوا الولاء لمن أمر الله بموالاته والبراء ممن أمر الله بالبراء منه.
واعلموا أن الأمة الإسلامية قامت بقيادة البشرية دهراً طويلاً، حيث نشرت العقيدة الإسلامية في ربوع المعمورة، وطبقت الولاء والبراء كما ينبغى، فأخرجت العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، واليوم تراجعت بعد أن هدأت في الجهاد، وهو ذروة سنام الإسلام، نسأل الله أن يعيد لأمة الإسلام مجدها.
أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لى ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.