.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

صولة الباطل

3897

العلم والدعوة والجهاد

المسلمون في العالم

يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

القدس

3/8/1425

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- اشتغال نبي الله موسى عليه السلام برعي الغنم قبل نبوته كغيره من الأنبياء. 2- تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام بعد قضائه الأجل في طريق عودته لمصر. 3- المقارنة بين أول كلمة نبِّئ بها موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. 4- أوجه الاختلاف بين فرعون بني إسرائيل وفراعنة هذا الزمان. 5- من أحوال الشباب ومشكلاتهم في هذا العصر. 6- صمود الصحوة الإسلامية في وجه حملات الأعداء.

الخطبة الأولى

أما بعد: عباد الله، يقول المولى تبارك وتعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:29، 30].

عباد الله، نعيش وإياكم اليوم مع نبي الله موسى عليه السلام، لقد قضى موسى الأجل، وظل يرعى الغنم لشعيب عليه السلام عشر سنوات، عمل أجيرًا ليسدّ جوعته، ويعصم شهوته، وما من نبيّ إلا ورعى الغنم، ونبينا رعى الغنم، ولعل في رعي الغنم درسًا لا يُنسى؛ فرعي الغنم يعلّم الراعي الصبر والحلم والأناة، يعلّمه الرحمة بالضعفاء، ويعلّم الحكمة في الحياة.

ومن هنا فإن موسى جلس إلى شعيب عليهما السلام ذات يوم، وبعد أن مرت عشر سنوات، وقال له: ألا تأذن لي أن أعود إلى مصر لأطمئن على حال أمي وأخي؟ الله تبارك وتعالى ألقى في قلبه إلهامًا أن يعود إلى مصر، لأنه على موعد، مع مَن؟ مع حاكم؟! مع رئيس ليدخل في التشكيل الجديد؟! هل سيدرج اسمه في قائمة التشكيل الجديد ليتقن موسى فنّ النفاق؟! إذً على موعد مع مَن؟! اسمع إلى قوله تعالى: ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى [طه:40].

ويتحرك الكليم من مَدْين آخذًا طريقه في شبه جزيرة سيناء، ومعه زوجته وولده، وإذا بموسى يُقاسي ثلاث شدائد: الشدة الأولى: ظلمة الصحراء، الشدة الثانية: البرد القاسي، الشدة الثالثة: أن قدماه تاهتا في بحار سيناء. فماذا يفعل؟ وإذا بموسى ينظر على بعد، فيرى نارًا، ثم قال لأهله: امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا [القصص:29]. لم تكن في الحقيقة نارًا، إنما كانت نورًا، الكليم هناك في جبل المناجاة بسيناء، فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ [طه:11، 12].

لا إله إلا الله، الله كلم موسى من وراء حجاب، ولكنه ليلة المعراج كلّم نبينا بغير حجاب. موسى يقول لربه: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه:25]، والله قال لنبيه: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الانشراح:1]. موسى يقول لربه: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه:84]، والله قال لحبيبه: وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه:130]، ويقول له: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5].

يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه:11-12]، اخلع ما في قدميك إكرامًا وتعظيمًا لملاقاة الملك، إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:12-14].

هكذا بدأ الوحي لموسى عليه السلام، بدأ الوحي بلا إله إلا أنا، وبدأ الوحي على سيدنا محمد بقوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1]، لماذا؟ لماذا كانت أول خطوة على طريق الوحي لموسى: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا؟ ولماذا كانت أول خطوة على طريق الوحي لنبينا : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ؟ لماذا؟ لأن هناك فرقًا بين من أُرسِل إليه موسى، وبين من أُرسِل إليه سيدنا محمد ، فموسى أُرسِل إلى رجل قال: أنا ربكم الأعلى، وأُرسِل إلى رجل قال: يا أيه الملأ ما علمت لكم من إله غيري. رجل غرّه سلطانه، غرّته قوته، وغرّه جبروته، قال لوزيره هامان يومًا: فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ. أراد أن يبني بُرجًا عاليًا، لعله يطّلع إلى الله جل في علاه، لم يجد حوله أحدًا يقول له: لا إله إلا الله، لم يجد حوله أحدًا يقول له: اتّق الله. كلهم زبانية سوء، نفاق وغشّ وخداع، وأنانية الجاهلية.

أيها المسلمون، الفراعنة كثرت في هذه الأيام، إن فرعون موسى كان يستحي أن يعتقل النساء، أما فراعنة اليوم فقد ملؤوا السجون بالنساء والرجال. أحد فراعنة اليوم دخل جنوده ليعتقلوا رجلاً، فلم يجدوه في بيته، ووجدوا زوجته في حالةِ المخاض، فلم يرحموها، وأخذوها مع طفلِها يولوِل ويقول بلسان حاله: ربّ إني مغلوب فانتصر. لا إله إلا الله.

لا تظلمـنّ إذا ما كنت مقتـدرًا         فالظلم ترجع عقباه إلى الندم

تنـام عينـاك والمظلـوم منتبـه        يدعو عليك وعين الله لم تنـم

فرعون موسى كان يتفاهم ويتناقش، أما فراعنة اليوم فلا تفاهم ولا نقاش. من قال: الشمس طالعة في النهار، قالوا له: على بصرك غشاوة فنحن بالليل، من قال: لا إله إلا الله كفّروه، من قال: محمد رسول الله كذّبوه، حتى ضاعت الأخلاق، حتى ضاعت القيم والمثل.

وأول بدء الوحي على رسول الله كان بقوله تعالى: اقْرَأْ، لماذا؟ لأن الرسول بُعِث في أمة الجاهلية، أرسل في أمة أمّية، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ [الجمعة:2]، فناسب الوحي أن يبدأ بالعلم والقراءة والدراسة والمعرفة. ديننا هو دين العلم، ديننا هو دين الإصلاح، ديننا هو دين العدالة والأمن والقوة.

عباد الله، شبابنا اليوم أصبحوا يعانون من عُقدة نفسية جراء ذلك، معظم الشباب الآن مصاب بعُقد، ما من يوم يمر إلا ونلتقي ببعض الشباب، واحد كأنّ ساقيه لا تقويان على حمل جسمه، يجلس مُنهارًا باكيًا دامعًا، ماذا يشكو؟ يشكو لأنه إذا فتح الكتاب لا يطيق الدراسة، وإذا أوى إلى فراشه عيناه لا تنام، ما الذي جرى للشباب؟ كنا نرى شبابًا يختلفون إلى المساجد، لا تفوتهم تكبيرة الإحرام وراء الإمام، كنا نرى شبابًا أقوياء في عقيدتهم ودينهم، نرى شبابًا القرآن دستورهم والرسول قدوتهم. فما للشباب أصبح ذابل العود؟! ما للشباب أصبح يائس النفس؟! ما للشباب أصبح حائر اللب؟! أي شيء جرى لشبابنا في هذه الأيام؟!

شبابنا يُحارَبون من وسائل الإعلام، البيوت أصبحت لا يُقرأ فيها القرآن، ولا نجد فيها من يذكر الله، كتب الجنس أصبحت تباع علنًا، وسائل اللهو في كل مكان، فتيات كاسيات عاريات، أُسَر تسهر في الغي والضلال طوال ساعات الليل، الحفلات الساهرة والفراقيع المدمّرة، وبنفس الوقت وطن يباع ويشترَى ويقال: "فليَحيَا الوطن". رجال يضحّون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، ورجال يبيعون حياتهم وكرامَتهم للشيطان، عجبًا لنا في هذه الأيام.

عباد الله، لم نسمع أنّ واحدا من أصحاب رسولنا الكريم أُصيب بالاكتئاب، أتدرون لماذا؟ لأن الرسول أقام في نفوسهم مملكة الرضا، يقول فيها : ((ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس))، والاكتئاب لا يستطيع أن يقتحم مملكة الرضا أبدًا. كان الواحد منهم ينام على جوع، وليس في بيته شيء، ومع ذلك كنت تسأله كيف حالك؟ فيقول لك بلسان الرضا: أنا في سعادة، لو علمت بها الملوك لجالدتنا عليها بالسيوف. وهو لا يجد قُوت يومه!!

عباد الله، مشاكلنا يتلخص حلّها بكلمة واحدة: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:35].

العودة إلى الله يا شباب المسلمين، لا تقنطوا من رحمة الله. قبل أن تناموا حصّنوا أنفسكم بقراءة القرآن، حصّنوا أنفسكم بقراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

ولقد جاءني شاب بلغ اليأس به مبلغه، قلت له: يا أخي، قبل أن تنام اقرأ المعوذتين، قال لي: وما المعوذتان؟ لم يسمع عنهما، لم يسمع أنّ في القرآن سورتين تسمّيان المعوذتين: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]!!

يا لله ويا للمسلمين، أين قُرّاء القرآن؟! وأين علماء الإسلام؟! الشباب حائر لأن أولياء الأمور ما أرشدوهم إلى شيء يرضي الله تعالى، لأنّ العلماء ابتعدوا عن دروس العلم.

أيها المؤمن، مَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى [طه:123].

أيها المعرض، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:124-126].

يا عباد الله، اتقوا الله، وأخلصوا قلوبكم لله، افتحوا قلوبكم لله، استعينوا بالله واصبروا، لا تنسوا ذكر الله، أصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.

لما فتح أمير المؤمنين عمر بلاد كِسرى وجاءته الرسالة بالتّهنئة خَرّ ساجدًا لله، وبكى بكاء مريرًا، قالوا: أتبكي يا أمير المؤمنين وقد نصرك الله؟! قال: أبكي خشية أن تفتح عليكم الدنيا، فينكر بعضكم بعضًا، وينكركم أهل السماء.

فلا داعي ـ أيها المؤمنون ـ إلى الاحتفالات الغربية العجيبة، لا داعي للإسراف والتبذير؛ لأن الفرحة إنما تتمّ بعودة المسجد الأقصى، الفرحة محلّها القلب، يوم تصطلِحون مع الله فهذه هي الفرحة الكبرى. قيل للإمام الحسن البصري رحمه الله: أيّ الأيام عندك عيد؟ فقال: كلّ يوم لا أعصي الله فيه هو عيد.

عباد الله، كان لابن سيرين ابنة تعبدت فأقامت في مُصلاّها فترة من الزمن، وكانت تحيي الليل كله، فإذا كان وقت السحر نادت بصوت محزن: إليك قطع العابدون دجَى الليالي، يستبقون إلى فضل مغفرتك، وإلى رحمتك، فبك ـ يا إلهي ـ أسألك لا بغيرك، أن تجعلني في زمرة السابقين، وأن ترفعني في درجة المقربين، وأن تلحقني بعبادك الصالحين، فأنت أرحم الرحماء وأعظم العظماء وأكرم الكرماء، يا كريم. ثم تخر ساجدة فيسمع لها وجد، ثم لا تزال تبكي وتدعو حتى يطلع الفجر.


 

الخطبة الثانية

إن الأمة الإسلامية المفكّكة الأوصال الفاقدة لقيادات حاكمة مؤمنة مخلِصة لقضايا الأمة الفقيرة للمبادئ الإيمانية المستمدة من دستور الإسلام العظيم من كتاب الله تعالى ومن سنة الرسول قائد الأمة ومعلم البشرية قد مهّدت الطريق أمام القوى الاستعمارية لاحتلال أراضيهم واستغلال ونهب ثرواتهم وإذلال شعوبهم، فلم تَرَ الأمة الإسلامية يومًا تعتزّ به بعد سقوط الخلافة الإسلامية وتحويل تركيا أرض الخلافة إلى دولة علمانية تحارب الإسلام والمسلمين.

ومن المؤسف والمخزي أن بعض الحكام العرب قد ساهموا وتآمروا على إسقاط الخلافة ظنًّا منهم أن المستعمر سيعمَل على إنصافهم وإعطائهم حقوقهم وحرياتهم. إنه نفس السيناريو الاستعماري البغيض الذي تنتهجه الدول الاستعمارية حاليًّا بإيهام الشعوب بأنها تسعَى إلى تحريرها من قبضة حكامها الظلمة.

ثم كانت الطامة الكبرى والمؤامرة الصهيونية باغتصاب أرض فلسطين، والذي مهّد لهذا الاغتصاب وعد بلفور الذي أعطى بريطانيا التي كانت تتزعّم القوى الاستعمارية والهيمنة آنذاك بموجبه حقًّا لليهود بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين.

أيها المسلمون، إن الثورات والانقلابات العسكرية التي شهدتها الدول العربية والتي كانت تتمّ بتغطية من الدوائر الاستعمارية في أكثر من بلدٍ عربي هي نتيجة الإحباطات المتتالية من الشعوب العربية والإسلامية المقهورة وسياسة مدروسة لامتصاص نقمة الشعوب على الحكام التي كانت تبني الآمال على هذا الزعيم أو ذاك بقرب الخلاص وتحرير البلاد، ولكن مع استمرار الهزائم والنكسات في عالمنا العربي الذي ابتعدت فيه الأنظمة العربية عن تطبيق منهج الله واتخذت الاشتراكية والقومية أساليب ومسميات ونظام حكم لمواجهة العدوان الصهيوني على فلسطين أخذت الصحوة الإسلامية تتنامى بين الشعوب الإسلامية، وعندما شعرت الدول الاستعمارية بأن هذه الصحوة قد تُوحِّد الصفوف وتبعث الهمم وتجدد العزائم بالعودة إلى كتاب الله وتطبق شرع الله في الأرض انبرت الدول الاستعمارية لهذه الصحوة بطريقين متلازمين: الحرب الإعلامية والتي اتخذت طرائق عدة لتشويه صورة الإسلام، والدعوة إلى تغيير المناهج التعليمية واتهام الإسلام بالرجعية والتخلف والإرهاب. ولعل أحداث الحادي عشر من أيلول قد أعطت المبرّرات والذرائع لأعداء الإسلام بشنّ حرب لا هوادة فيها ضدّ الإسلام والمسلمين في أكثر من موقع، ومن أكثر من جهة استعمارية.

وكما تعلمون كان غزو أفغانستان ثم غزو العراق من قبل القوات الأمريكية والحرب ضد المسلمين في البوسنة والهرسك من قبل قوات الصّرب والحرب ضدّ المسلمين في الشيشان من قبل روسيا والمحاولات الجارية حاليًّا لتفتيت وحدة السودان بدءًا من قضية الجنوب، ومرورًا بقضية دارفور حاليًّا، وتخلّي ليبيا عن أسلحة الدمار الشامل بعد التهديدات الأمريكية المتواصلة لها، واستمرار التهديد لسوريا وإيران والسعودية.

أيّها المسلمون، من هنا نتوجه إلى الدول الاستعمارية العدوانية وإلى كل الذين ساهموا معها بشنّ عدوانها على الأمة الإسلامية بالسؤال الآتي: هل قضيتم على الإسلام؟ هل ساد الرفاه والاستقرار والأمن الدول التي غزوتموها وسلبتم خيراتها وثرواتها؟ والجواب: لا، وألف لا، فها هي أفغانستان تشهد عمليات عسكرية يوميًّا ضد الغزاة، وها هي العراق، أمريكا وحلفاؤها تشنّ كل يوم حربًا طاحنة لا هوادة فيها ضد المسلمين هناك على السواء، سنيين وشيعة. وفي كل يوم يقتل جمع من الأمريكان وغيرهم. وفي السودان خرق متواصل لكل اتفاقيات وقف إطلاق النار لإرغام الحكومة السودانية على تغيير دستور الدولة من الإسلام إلى نظام متعدّد الديانات. وها هي الشيشان تشهد تصعيدًا خطيرًا في العمليات العسكرية ضدّ الغزاة الروس. وها هو شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر يعطي العالم بأسره دروسًا في الصمود والرباط رغم شدة المعاناة.

أيها المسلمون، لن يهنأ أعداء الإسلام ولن يفرحوا إذا اعتقدوا أنّ آلة الحرب العسكرية ستحقّق لهم الهدوء والاستقرار، ولن تدوم أنظمة القمع التي ساهمت في قهرِ الشعوب الإسلامية لخدمة الأعداء.

فالإسلام كبير، وسيبقى كبيرًا بإذن الله، والنصر آتٍ لا محالة، ودولة الخلافة قائمة بإذن الله، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

أيها المسلمون، لا تزال الإجراءات الإسرائيلية المشددة تجاه المسلمين تقض مضاجعنا، إذ تصدر التصريحات من المسؤولين الإسرائيليين بتفريغ البلدة القديمة من سكانها المسلمين الأصليين عن طريق السماسرة والعملاء المجرمين، ونطالب كل المسلمين إلى المرابطة وعدم التفريط بأرض المسلمين، أرض الآباء والأجداد.

ومن ناحية أخرى نستنكر وبشدة ما قام به المستوطنون في الأسبوع الماضي من إجراء عقد زواج لهم في باحات المسجد الأقصى، ونحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما حدث، والتي تدعي أنها لم تعلم بالأمر، في حين أنها تشدد على الداخل والخارج إلى الأقصى من أبناء المسلمين والمصلين.

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً