الحمد لله المبدئ المعيد، الغني الحميد، ذو العفو الواسع والعقاب الشديد، نحمده سبحانه وتعالى على إحسانه الوافر المديد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الفعال لما يريد.
ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً، عبده ورسوله، المبعوث إلى كافة الناس بالأمر الرشيد، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك، النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه المتصفين بكل وصف حميد.
أما بعد: أيها المؤمنون، إن أمريكا وبريطانيا عدوتا الإسلام والمسلمين، تتصرفان بمقادير الشعوب الإسلامية كيفما تشاءان، وتخضع غطرستهم الحكام والمسؤولين في كثير من الدول الإسلامية والعربية لتنفيذ سياساتهما الإقليمية الاستعمارية التوسعية.
لا يفوتنا التحذير من المشاركة الفعلية في المخططات الهادفة للقضاء على مقومات وقدرات أية دولة عربية أو إسلامية ترفض الذل والخضوع والاستسلام والتبعية، أو الصمت عن المؤامرة والعدوان، والأمران سيان، والساكت عن الحق شيطان أخرس، وما أكثر شياطين أمتنا في هذه الأيام.
ها هي الإدارة الأمريكية تستغل انهماك العالم بانتظار وترقب تقرير المفتشين الدوليين ومتابعة جولاتهم اليومية والانتظار عليها أكثر من شهر ونصف تقريباً دون انقطاع، لتكمل استعداداتها العسكرية باقتراب زوارقها الحربية وحاملات الطائرات من مياه الخليج ونشر الطائرات والدبابات في أكثر من قاعدة أمريكية موزعة في أكثر من دولة عربية وإسلامية محيطة بالعراق الشقيق، وتحشد قواتها البرية والمدربة على عرض الصحراء قرب حدود العراق البرية المتاخمة لكثير من الدول العربية والإسلامية.
أما بريطانيا الملحدة، الدولة الاستعمارية اللدود وعدوة شعبنا الفلسطيني المسلم منذ قديم الزمان، فإنها تتبرع هذه الأيام بإيفاد مبعوثين إلى عواصم عربية وإسلامية للتأثير على زعماء هذه الدول وإقناعهم بالانضمام إلى التحالف الهادف إلى ضرب العراق، أو لتمرير السياسة العدوانية ضد شعب العراق المسلم.
إن أمريكا وبريطانيا أعدتا مسبقاً سيناريو الحرب وسيناريو تغيير نظام الحكم في العراق، عبر تبني المعارضة العراقية وتقديم الدعم المعنوي والعسكري لها، كهدف مرحلي من أهداف الحملة الصليبية الواسعة والرامية إلى الاستيلاء على منابع النفط في منطقة الشرق الأوسط، والقضاء على بعض الحركات الإسلامية أينما وجدت، وتغيير أنظمة ترى أنها لا تزال تتمسك بالإسلام وتعتز بمبادئه وتعاليمه السمحة.
أيها المسلمون، إن هذا العدوان على العراق المسلم يأتي كنتيجة لإذعان العالم لسياسة الهيمنة الأمريكية، وتآمر الغرب الحاقد على الإسلام، ونتيجة للتخاذل الإسلامي والصمت العربي، أين هي الوحدة الإيمانية؟! أين نحن من قول الله تبارك وتعالى: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10].
إن من المبكي والمحزن، أن الأنظمة العربية والإسلامية تعطي لنفسها المبررات للتخاذل والتقاعس عن نصرة الشعب العراقي المسلم، ودفع العدوان عن أرضه وشعبه، كما أوجدت لنفسها مبررات العجز عن نصرة شعبنا الفلسطيني ورفع الظلم والمعاناة التي نعيشها منذ زمن طويل.
ومن المبكي والمضحك في آن واحد، أن بعض الأنظمة العربية قد تبنت فكرة تخلي الرئيس العراقي عن الحكم، كحل يجنب العراق ويلات الحرب، هذا كل ما يملكه العرب لرفع العتب عنهم.
يقولون: لقد نصحنا الرئيس العراقي بالتنازل عن الحكم لإنقاذ العراق من العدوان والمأساة، ولكنه لم ينتصح، فهل هدف أمريكا هو إسقاط الرئيس العراقي ونظامه؟
إن القضية أبعد مما يتوهمه المتوهمون، الحرب ضد العراق هي المرحلة الثانية بعد أفغانستان، وهذا ما حذرنا منه غداة الحرب على أفغانستان.
أما المرحلة الثالثة، فستكون ضد دول عربية وإسلامية أيضاً، الحرب تأخذ طابع وأسلوب الاستمرار والتواصل، حتى يتغير العالم الإسلامي بأسره، وتصبح سائر الشعوب الإسلامية والعربية أسيرة المطامع الصهيونية والأمريكية والاستعمارية، هنا في فلسطين الأسيرة الذبيحة، وهناك في العراق المحاصر والمعرض للعدوان بين لحظة وأخرى، والعيون تتربص بلبنان وسوريا، فإلى متى هذا الخنوع؟ إلى متى هذا التشرذم؟ أفيقوا ـ أيها المسلمون ـ من سباتكم، وعودوا إلى رشدكم، وحدوا صفوفكم، اشحذوا هممكم، انفضوا عن كواهلكم الذل والتبعية والخوف، عودوا إلى كتاب الله تبارك وتعالى، وتمسكوا بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلا كرامة لكم ولا عزة إلا بكتاب الله وسنة رسوله وإقامة دولة الإسلام.
أيها المسلمون، لم يفت الأوان بعد، أعلنوها بصراحة وبقوة وبجرأة: لا للعدوان الغاشم على العراق المسلم، لا للعدوان على أية دولة عربية أو إسلامية، لا تجعلوا من أراضيكم منطلقاً للغزاة لضرب الشعب العراقي المؤمن، لا تمدوا القوات الغازية المعتدية بالمال والنفط، كلنا في خطر العراق في خطر، ونحن هنا في فلسطين في خطر أشد، أما آن لكم أن تثبتوا وجودكم وتعودوا إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله عز وجل: إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].
|