.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

من أخطاء الحجاج

2674

فقه

الحج والعمرة

محمد بن حامد القرني

خميس مشيط

جامع ابن مثيب

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- وضح النبي في حجة الوداع صفة الحج. 2- خطبة النبي في حجة الوداع. 3- التنبيه على بعض أخطاء الحجاج في الحج. 4- فضل الأيام العشر من ذي الحجة.

الخطبة الأولى

أما بعد, أيها الأحبة, وقف المعلم العظيم، والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في حجته المباركة، وفي يوم عرفة المعظم، فخطب الناس خطبة ما سمع الناس مثلها، في فصاحتها وعبارتها، قال عليه الصلاة والسلام: ((أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في موقفي هذا))[1].

((أيها الناس, إن دماءكم، وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا, ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.

إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث، وإن مآثر الجاهلية ـ يعني أعمالها ـ موضوعة غير السدانة والسقاية، والعمد قود ـ يعني القتل العمد قصاص ـ وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية))[2].

((أيها الناس, إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم))[3].

((أيها الناس, إن النسيء زيادة في الكفر))[4]، ((وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، وواحد فرد، ألاّ هل بلغت؟ اللهم فاشهد))[5].

((أيها الناس, إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حق ألاّ يوطئن فرشكم غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم، إلاّ بإذنكم، ولا يأتين بفاحشة, فإذا فعلن ذلك؛ فإن الله أذن لكم أن تعضلوهن، وتهجروهن في المضاجع، وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما النساء عوان عندكم ـ يعني أسيرات ـ ولا يملكن لأنفسهن شيئاً, أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً، ألاّ هل بلغت؟ اللهم فاشهد))[6].

((أيها الناس, إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلاّ عن طيب نفس منه، ألا هل بغت اللهم فاشهد))[7]، ((فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))[8]، ((فإني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده، كتاب الله))[9].

((أيها الناس, إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلاّ بالتقوى، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد))[10].

((أيها الناس, إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا تجوز لوارث وصية، ولا تجوز وصية في أكثر من الثلث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، من ادعى لغير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً))[11].

أيها الأحبة, هل سمعت الأمة بخطبة أعظم من هذه، شاملة لمسائل الناس، ناصحة لمن سيأتي, واضعة لأحكام من سبق، في عبارات لو خطت بماء الذهب ما أنصفت!

ثم بعد هذا البيان الشامل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنزل الله ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3]، فبكى عمر رضي الله عنه؛ فقيل له ما يبكيك يا عمر؟! قال: والله ليس بعد التمام إلاّ النقصان.

وصدق والله عمر، فقد أصبح النقص فاشياً فينا في كل أمورنا, حتى في أركان الدين، ومن أعظم تقصيرنا؛ تقصيرنا في ركن حج بيت الله فقد كثرت فيه ـ أعني الحج ـ الأخطاء والبدع، والتقصير والتهاون، حتى أصبح الرجل لا يدري أين الصواب من الخطأ.

وقد جعلت هذه الخطبة؛ مشتملة ومنبهة إلى بعض الأخطاء التي يكثر الوقوع فيها من كثير من الحجاج والمعتمرين.

فأما الأخطاء التي يرتكبها من عزم على الحج قبل سفره وفي أثنائه، فتجد بعضهم يختار الرفقة السيئة الذين يميل قلبه إليهم، فيبعدونه عن الله، ويشغلون وقته بالمعاصي، وسماع آلات اللهو، والسب والشتم، حتى إننا حدثنا عن أناس، من حين يخرجون من بيوتهم إلى أن يصلون إلى بيت الله، يستمعون الأغاني، فأي تقرب هذا الذي يتقربون به إلى الله.

ومن أخطاء السفر خروج بعض النساء بلا محرم، وهذا يكثر في خروج الخادمات والعاملات اللواتي يأتين بدون محرم، ثم يؤدين فريضة الحج بدون محرم، وكل هذا خطأ ظاهر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة بدون محرم.

فإذا وصلنا الميقات؛ فمن الأخطاء الشائعة، أن يظن بعض الناس أنه يحرم عليهم لبس كل ما فيه خيط، وهذا خطأ، المُحَرَّم هو المفصل فقط وإنما عبر الفقهاء بالمخيط يقصدون المفصل، كالثياب والسراويل والقمصان وغيرها مما يفصل على الجسم أو على جزء منه كالقفازين، ولذا تجد كثيراً من الحجاج والمعتمرين يتحرج من لبس النعال إذا كان بها خيوط، أو لبس ما يحفظ نقوده وإثباته كالهميان وهو ما يسمى [الكمر]، ويشدد على نفسه من حيث يسر الله على عباده، ولو أنه سأل واستفتى لوفق للصواب.

 ومن الأخطاء أيضاً أن هناك من يعتقد أن ثمة ركعتين للإحرام، ويسمونها ركعتي الإحرام، وهذا ابتداع في دين الله تبارك وتعالى، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فليس هناك ركعتي إحرام، وإنما المسنون أن يكون الإحرام بعد صلاة, كما أحرم النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الظهر في ذي الحليفة، فإذا جاء المحرم في وقت ليس فيه صلاة مفروضة، ولم يستطع انتظار صلاة مفروضة، فليصل ركعتين بعد وضوئه، وينوي بهما ركعتي الوضوء وليست للإحرام, والله أعلم".

عباد الله, ومن أكثر ما ينتشر من الأخطاء، أنك تجد بعضهم، من حين أن يحرم، يخرج كتفه الأيمن، وهذا خطأ أيضاً فإن كيفية اللباس الصحيحة أن تشتمل به، وتغطي كتفيك جميعاً، وتجعل طرفيه على صدرك، ولا يسن إخراج الكتف الأيمن، إلاّ إذا شرعت في أول طواف لك بالكعبة، فإذا طفت للقدوم مضطبعاً فلا تضطبع في الإفاضة مرة أخرى، وبعد انتهائك من طواف القدوم مضطبعاً غط كتفك الأيمن مرة أخرى، وأعده على صورته الأولى في جميع المناسك.

وتحرص بعض النساء على لبس القفازين حال الإحرام، حرصاً منها على التستر، وهذا منهي عنه حال الإحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين))[12] إلاّ أنها تستر يديها عند الأجانب بإدخالهما في ثوبها ونحوه، لأن يديها من عورتها.

عباد الله, فإذا وصلنا إلى الطواف، فتجد بعضهم يلتزم بأدعية خاصة، لكل طواف دعاء معين، من كتيبات منتشرة بين الناس، وهذا أيضاً منكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بين لنا مناسك الحج؛ لم يحدد لنا أدعية لكل طواف، فمن أين حددها هؤلاء؟! ثم إنها تشغل الإنسان عن التدبر في دعائه، فتجده يقرأ وهو مشغول بالقراءة لا بالدعاء، فيدعو وهو مشغول القلب, وهذا صارف للدعاء عن الإجابة.

وتسمع في المطاف الدعاء الجماعي بصوت واحد، بل ونغمة واحدة، حتى ظن بعض العوام أن هذا هو الصحيح المطلوب، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر أصحابه بغض أصواتهم في ذكرهم لربهم، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: ((يا أيها الناس, أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً قريباً))[13]، فليتق الله من هذه حاله، وليخفض صوته تأدباً مع ربه، وحتى لا يزعج إخوانه من الطائفين مثله، فإنهم يحتاجون الخشوع والتذلل بين يدي الله، وهذا الصياح ورفع الأصوات مما يذهب بخشوعهم.

ثم إذا انتهى الطواف تجد البعض حريصاً على أن يصلي ركعتي الطواف خلف المقام مباشرة، فيزاحم إخوانه على ذلك، في حين أن ذلك سنة، لو صلاها في أي مكان بالمسجد لأجزأته، فيؤذي المسلمين ـ وهذا حرام ـ ليصلي خلف المقام وهو سنة.

عباد الله, ثم تعالوا إلى المسعى، تجدوا بعض الناس يحرص كل الحرص على الصعود إلى أعلى الصفا والمروة، والصحيح أنه يكفي أن يرتفع قليلاً، ولو لم يبلغ آخرهما، خاصة إن كان معه ضعفة أو نساء، فلا ينبغي التشدد في الدين عباد الله.

وبعضهم يسعى أربعة عشر شوطاً ويعدها سبعة، فيبدأ بالصفا إلى المروة ثم يعود إلى الصفا ويحسب هذا شوطاً واحداً، وهذا غلط فاحش، فالسعي سبعة أشواط ذهابه شوط وعودته شوط، بحيث يبدأ بالصفا وينتهي على المروة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم[14].

فإذا انتهى السعي وجاء الحلق أو التقصير فترى عجباً، تجد البعض إذا أراد أن يقصر أخذ من ناصيته أو من ميمنة رأسه، أو ميسرته، أو مؤخرة رأسه، فيأخذ جزءً بسيطاً من شعره، وهذا مما وقع فيه كثير من الناس، حتى ظنوا الحق معهم، والصحيح أنه لابد من تعميم الرأس كله إما بحلق وهو الإزالة، أو التقصير حتى يصبح واضحاً للعين أن هذا الرأس مقصر منه تقصيراً عاماً، أما المرأة فإنها تأخذ قدر أنملة ـ وهي رأس الإصبع ـ من أسفل ضفيرتها أو شعرها، كما جاءت بذلك السنة.

هذه الأخطاء، أيها الأحبة، تنتشر كثيراً بين الناس، وذلك لقلة العلم والفقه في الدين، وبسبب تقليد الناس بعضهم البعض دون الرجوع إلى العلماء، والتعلم منهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها الأخوة, ما سبق من الأخطاء تقع مراراً في الحج والعمرة، أما الأخطاء التي تقع في الحج خاصة، فتجد في عرفة من يشغل وقته بالقيل والقال، وبأحوال الدنيا، وبالنوم، وبالغيبة والنميمة، ويضيع فرصة عظيمة للدعاء والتأدب مع الله، تبارك وتعالى، قد لا تعوض مدى العمر، وبعضهم يظن أنه لا يصح وقوفه إلاّ إذا ذهب إلى الجبل، وصعد عليه، والبعض يكبد نفسه المشاق ليصعد إلى أعلاه، والصحيح أنه يجزئه الوقوف بأي مكان من عرفة لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف))[15]، فإن استطاع الحاج أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الصخرات فحسن وسنة، وإن لم يتحصل ذلك إلاّ بمشقة فتركه أولى وأفضل.

وأما في مزدلفة فتجد بعض الحجاج يبدأ بلقط الحصى حال نزوله قبل الصلاة، وهذا خلاف السنة، لأن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة، فينبغي له أن يبدأ بالصلاة، فيجمع ويقصر، المغرب ثلاثاً والعشاء اثنتين في وقت وصوله إلى مزدلفة، أما الحصى فلو جمعها بعد ذلك من مزدلفة أو من طريقه إلى منى، أومن منى أجزأته جميعاً، ولكن الأفضل أن يجمعها قبل دخوله منى ليكون أول ما يفعله في منى هو تحية منى رمي جمرة العقبة.

وفي منى وعند الجمار، تسمع السب والشتم واللعن والصياح، أمام مشعر من مشاعر الله، فيسبون ذلك المشعر ظناً منهم أنه الشيطان، وهذا مستقر في قلوب كثير من الناس، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما جعل الطواف والسعي ورمي الجمار لإقامة ذكر الله))[16] فتدبروا قوله: ((لإقامة ذكر الله)) وليس للسب والشتم لمشاعر الله ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ [الحج:32].

عباد الله, هذا قليل من كثير من الأخطاء المشاهدة عند بيت الله الحرام، وفي المشاعر المباركة، وإلاّ فالأخطاء كثيرة، وقد ذكرنا ما يكثر وقوعه بين الحجاج، علهم أن يحتاطوا لأنفسهم من الوقوع في الخطأ.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في دينه، وأن ييسر لحجاج بيته حجهم، وأن يتقبل منهم سعيهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين ..




[1] صحيح، أخرجه بهذا اللفظ: أحمد (3/332)، وابن ماجه: كتاب المناسك – باب الوقوف بجمع (3023)، كلاهما عن جابر، والدارمي في المقدمة – الاقتداء بالعلماء (227) من حديث جبير بن مطعم، وأصل الحديث عند مسلم، وانظر حجة النبي للألباني رقم (82)، وانظر فقه السير للغزالي بتعليق الألباني (ص454).

[2] صحيح، ولكن لم يرد ذكر القتل العمد وشبه العمد في خطبة حجة الوداع، وإنما ورد ذكرها في فتح مكه، انظر صحيح ابن حبان: كتاب الديات – ذكر وصف الدية في قتل الخطأ .. (6011)، من حديث عبد الله بن عمرو، وانظر كلام المحقق.

[3] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار – باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه .. (2812) من حديث جابر رضي الله عنه.

[4] ضعيف، عزاه الهيثمي للبزار، وقال: فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف مجمع الزوائد (3/268)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[5] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق – باب ما جاء في سبع أرضين (3197)، وكتاب الأضاحي – باب من قال الأضحى يوم النحر (5550)، ومسلم: كتاب القسامة – باب تغليظ تحريم الدماء ... (1679)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[6] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الحج – باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، من حديث جابر.

[7] صحيح، أخرجه أحمد (5/72)، عن خديجة بن حنيفة قال الهيثمي: رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد وفيه كلام بمجمع الزوائد (3/266)، وصححه الألباني بشواهده، انظر: إرواء الغليل (1459).

[8] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب العلم – باب الإنصات للعلماء (121)، ومسلم: كتاب الإيمان – باب بيان معنى قول النبي : ((لا ترجعوا بعدي كفاراً...)) (65) من حديث البجلي.

[9] صحيح، قطعة من حديث جابر الطويل في وصف حجة النبي أخرجه مسلم: كتاب الحج – باب حجة النبي (1218).

[10] صحيح، أخرجه أحمد (5/411) من حديث رجل سمع من النبي ، وأبو نعيم في الحلية (3/100)، والبيهقي في شعب الإيمان (5137)، من حديث جابر، قال البيهقي: في هذا الإسناد بعض يُجهّل. قال الهيثمي عن إسناد أحمد: رجاله رجال الصحيح، المجمع (3/266)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700).

[11] صحيح، أخرجه الترمذي: كتاب الوصايا – باب ما جاء (لا وصية لوارث) (2120)، من حديث أبي أمامة الباهلي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد (4/187) من حديث عمرو بن خارجة، وأخرج الجملة الأولى منه أبو داود: كتاب الوصايا – باب ما جاء في الوصية للوارث (2870)، والنسائي: كتاب الوصايا – باب إبطال الوصية للوارث (3643)، كلاهما من حديث عمرو بن خارجة وأخرجه، وابن ماجه: كتاب الوصايا – باب لا وصية لوارث (2713)، من حديث أبي أمامة الباهلي. وأخرجه ابن ماجه أيضاً من حديث أنس في الموضع السابق (2714)، ذكره الضياء في المختارة (2144-2146)، وصحح البوصيري إسناد حديث أنس، مصباح الزجاجة (3/144)، وذكره الحافظ في الفتح شواهده، ثم قال: ولا يخلو إسناد كل منها من مقال: لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً، بل جنح الشافعي في الأم إلى أن هذا متواتر. فتح الباري (5/372)، وهو يعني لفظة (لا وصية لوارث)، صحيح الألباني حديث أبي أمامة في صحيح سنن الترمذي (1721).

[12] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الحج – باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة (1838) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

[13] صحيح، صحيح البخاري: كتاب الجهاد – باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير (2992)، صحيح مسلم: كتاب الذكر والدعاء – باب استحباب خفض الصوت بالذكر (3704) كلاهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

[14] صحيح، انظر صحيح مسلم: كتاب الحج – باب حجة النبي (1218) حديث جابر رضي الله عنه.

[15] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الحج – باب ما جاء أن عرفة كلها موقف (1218) عن جابر.

[16] ضعيف، أخرجه أحمد (6/64)، وأبو داود: كتاب المناسك – باب في الرمل (1888)، والترمذي: كتاب الحج – باب ما جاء كيف ترمى الجمار (902)، وقال: حديث حسن صحيح. كلهم عن عائشة رضي الله عنها، وفي إسناده عبيد الله بن أبي زياد القدّاح، قال المناوي: ضعفه ابن معين وكذا النسائي. فيض القدير (2/574)، وقال فيه الحافظ: ليس بالقوي. التقريب (4321)، وانظر ضعيف سنن الترمذي (154)، ومشكاة المصابيح بتعليق الألباني (2624).

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين ولا عدوان إلاّ على الظالمين،  وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد, فمن رحمة الله أن جعل مواسم الطاعات تتعاقب، فما أن انتهى شهر رمضان المبارك، حتى بدأت أشهر الحج، والتي فيها عشر ذي الحجة، التي هي من أفضل أيام السنة، والعمل فيها، أفضل من العمل في غيرها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء))[1]. وقد جاء عند أحمد ((ما من أيام أعظم عند الله سبحانه، ولا أحب إليه العمل فيهن، من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))[2] قال ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره"[3].

ويستحب في هذه الأيام، التكبير المطلق، في ا لبيوت والأسواق والطرق والمساجد، ولا يجوز التكبير الجماعي، حيث لم ينقل عن السلف، وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده, ويستحب صيام هذه الأيام، لأنه من العمل الصالح، ويتأكد صيام يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عن صوم عرفة: ((يكفر السنة الماضية والباقية))[4]، وهذا يخص المقيم، ولا يدخل فيه الحاج، وروى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره))[5] وفي رواية: ((فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره))[6].

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" وهذا الحكم خاص بمن يضحي، أما من يضحى عنه، فلا يتعلق به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته، ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك. اهـ.

فينبغي لكل مسلم أن يستغل هذه الأيام في طاعة الله، وذكره وشكره، والقيام بالواجبات، والازدياد من المسنونات، والابتعاد عن المنهيات، واستغلال هذه المواسم، والتعرض لنفحات الله، ليحوز على رضا مولاه.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...



[1] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب العيدين – باب فضل العمل في أيام التشريق (969). واللفظ لأحمد (1/224)، وأصحاب السنن، كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

[2] صحيح، أخرجه أحمد (2/75) عن ابن عمر، والبيهقي في شعب الإيمان (3757) عن ابن عباس، وصحَّح أحمد شاكر إسناد أحمد في تعليقه على المسند رقم (5446)، وذكرها الحافظ في الفتح (2/461)، وانظر إرواء الغليل للألباني (890).

[3] انظر فتح الباري (2/460).

[4] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الصيام – باب استحباب صيام ثلاثة أيام .. (1162) عن عمر رضي الله عنه.

[5] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الأضاحي – باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة .. (1977) عن أم سلمة رضي الله عنها.

[6] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الأضاحي – باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة .. (1977)، وأحمد (6/311)، والنسائي: كتاب الضحايا – باب أخبرنا سليمان بن سلم .. (4361).

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً