.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

قصة بناء البيت العتيق

2093

الرقاق والأخلاق والآداب, سيرة وتاريخ, فقه

القصص, المساجد, فضائل الأزمنة والأمكنة

عبد السلام بن محمد زود

سدني

5/11/1420

مسجد السنة

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- المسجد الحرام أول المساجد على الأرض. 2- الحج فريضة وركن من أركان الإسلام. 3- الوعيد لمن ترك الحج وهو قادر عليه. 4- قصة مجيء هاجر وابنها إلى مكة. 5- قصة بناء البيت. 6- إبراهيم ينادي بالحج والمؤمنون يلبون النداء. 7- فضل البيت الحرام.

الخطبة الأولى

قال الله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:96-97]. إخواني في الله: يخبر الله عز وجل في هذه الآية الكريمة أن أول بيت وضع في الأرض للعبادة هو بيت الله الحرام، ففي الصحيحين من حديث أبي ذر أنه قال: قلت: يا رسول الله أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)) قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الأَقْصَى)) قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ)).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]. قال: هذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقد وردت الأحاديث المتعددة بأن الحج أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعاً ضرورياً، وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا))، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ)) [رواه مسلم].

وقوله تعالى: وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97]. قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أي ومن جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه. بل صح عن عمر بن الخطاب أنه قال: (من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهودياً أو نصرانياً). قال ابن كثير رحمه الله: وهذا إسناد صحيح إلى عمر، وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصري قال: قال عمر بن الخطاب: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار إلى كل من عنده جدة - غنى- فلم يحج، فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين).

فالحج إخواني في الله فريضة من الله على عباده، وكم من الناس الآن ممن شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وقد منّ الله عليه بالمال، ويسر له الاستطاعة، ولكنه ما فكر -ولو مجرد تفكير- في أن يحج بيت الله الحرام، وأن يؤدي هذا الركن الخامس من أركان الإسلام.

وقال القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا: تضمنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر، فالوعيد يتوجه إليه، ولا يجزئ أن يحج عنه غيره، لأن حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد. والله أعلم.

وقال سعيد بن جبير: لو مات جار لي، وله ميسرة ولم يحج، لم أصل عليه. وقال الحسن البصري وغيره: إن من ترك الحج وهو قادر عليه فهو كافر.

وبعد هذه المقدمة عن الحج وأهميته، يحسن بنا ونحن نتكلم عن الحج وعن بيت الله الحرام، أن نذكر بمن بناه، وبتلك القصة التي أخذت حيزاً كبيراً في كتب الحديث، ألا وهي قصة إبراهيم وإسماعيل وأمه هاجر عليهم الصلاة والسلام، لنقف من خلالها على بعض الحقائق التي ربما غابت عن البعض ونسيها البعض، فأقول وبالله التوفيق:

أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا -والمنطق ما يشد به الوسط- لَتُعَفِّيَ -لتخفي وتمحو- أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ -شجرة كبيرة- فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ-مكان المسجد- وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا -ولى راجعاً إلى الشام- فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟!! فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ-أي عند مكان مرتفع- حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ [إبراهيم 37]، وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ -يتقلب على ظهره وبطنه ويتمرغ في الأرض كالذي ينازع من شدة العطش- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ -وهو عميق يومها- تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ، رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : ((فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا)) فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ: صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا- كأنها خاطبت نفسها فقالت لها: اسكتي- ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ -أغثني إن كان عندك خير- فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ -جبريل عليه السلام- عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ -أي بمؤخر قدمه- أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ -أي تجعله مثل الحوض- وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : ((يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ)) -أَوْ قَالَ: ((لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا)) -أي لكانت زمزم ماء ظاهراً جارياً على وجه الأرض-.

قَال:َ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ-أي لا تخافوا الهلاك- ثم قال لها جبريل: فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. - فَكَانَتْ هاجر كَذَلِكَ -يعني تتغذى بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب- حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ- مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا -يعني يحوم على الماء- فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ -يعني رسولاً لأنه يجري مسرعاً- فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا، قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ -إسماعيل- وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ - يعني رغبوا في مصاهرته لنفاسته عندهم- وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ -بلغ- زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ. - فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ -أي ما تركه بمكة- فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا-أي يصطاد لنا- ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ: يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، -كالمستخفة بشأنه- فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال:َ ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا.

 وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى. - فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ، قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: الْمَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا -أي اللحم والماء- لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، وتفسره رواية أبي جهم (ليس أحد يخلو على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى بطنه) [وفي حديث عطاء بن السائب]: فقالت: انزل رحمك الله فأطعم واشرب، قال: إني لا أستطيع النزول، قالت: فإني أراك أشعث أفلا أغسل رأسك وأدهنه؟ قال: بلى إن شئت، فجاءته بالمقام وهو يومئذ أبيض مثل المهاة، وكان في بيت إسماعيل ملقى، فوضع قدمه اليمنى، وقدم شق رأسه، وهو على دابته، فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حولت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى، وقدم إليها رأسه، فغسلت شق رأسه الأيسر). - وروى الفاكهي عن ابن عباس سبب عدم نزول إبراهيم عليه السلام عن دابته فقال: إن سارة داخلتها غيرة، فقال لها إبراهيم: (لا أنزل حتى أرجع إليك) لذلك لم ينزل.

نرجع إلى حديث ابن عباس قَالَ: (فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ -وجد ريح أبيه- فقَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ. - ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ -شجرة- قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ، وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟!! قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ -أي هضبة- مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا [وكان عمر إبراهيم يومئذ مائة سنة، وعمر إسماعيل ثلاثين سنة].

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [البقرة:127]. قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [البقرة:127].

وأقام إبراهيم البناء ورفعه هو وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، إلا موضع الحجر، فقال إبراهيم: يا بني، اذهب وائتني بحجر لنتم البناء، فانطلق إسماعيل بعدما جاء بحجر أول فقام إبراهيم عليه، فغاصت قدماه فيه ليثبته الله، وهذا هو المقام كما حقق ذلك الإمام البخاري.

المقام: هو الحجر الذي قام إبراهيم عليه ليعلي البناء وليتمه، فلما أتم إبراهيم البناء ظل هذا المقام هكذا لصيقاً بالكعبة حتى عهد الرسول بل وفي عهد الصديق أيضاً، فلما جاء عمر بن الخطاب الملهم، ليطوف بالبيت، رأى أن المقام يعوق حركة الطواف، فأخره إلى الموضع الذي ترونه فيه الآن.

إذاً فلما أنهى إبراهيم البناء قال لإسماعيل: ائتني بحجر لنتم البناء، فانطلق إسماعيل ليأتي أباه بحجر، ثم عاد فوجد حجراً ليس من جنس حجارة الكعبة، فقال إسماعيل لأبيه: من الذي جاءك بهذا الحجر؟ قال إبراهيم: جاءني به من لم يعتمد على بنائي وبنائك، جاءني به جبريل من السماء) والحديث رواه ابن أبي شيبة والحاكم في المستدرك وابن أبي حاتم وابن جرير الطبري، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب الحج: إسناده قوي من حديث علي رضي الله عنه.

فلما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء الكعبة جاء جبريل فأراه المناسك كلها، ثم قال الله عز وجل له: أذن في الناس بالحج، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعلي البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.

 وروى الفاكهي بإسناد صحيح من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: (قام إبراهيم على الحَجر فقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك).

وهكذا أسمع الله كل أحد صوت إبراهيم، ونداء خليله إبراهيم، واستمع لقوله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام: رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مّنَ ٱلثَّمَرٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم 37].

وهكذا أخي في الله أنت تلبي: لبيك اللهم لبيك، أي ها أنذا ألبي نداء خليلك إبراهيم، والسعيد من لبي، والشقي من أبى، أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل السعادة، وأن ييسر لنا ولكم حج بيته الحرام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

إخواني في الله: وفي هذه الأيام المباركة يستعد الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يستعدون ويشدون الرحال إلى البيت العتيق إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، مستجيبين لأمر الله تعالى، وملبين نداء خليل الرحمن عليه السلام، فهيا عباد الله أجيبوا الداعي ولبوا الدعوة، وقولوا: (لبيك اللهم لبيك..) ولا يستهوينكم الشيطان وتقولوا: غداً وبعد غد، فإن أحدنا لا يدري إذا جن ليل هل يعيش إلى الفجر، قال الله تعالى: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت سورة لقمان.

فليبادر إلى حج بيت الله الحرام من لم يحج بعد، قبل أن يموت فيندم في ساعة لا ينفعه فيها الندم.

أخي في الله: استمع معي لهذا الحديث الذي يسكب الطمأنينة في القلوب القلقة، التي تظن أن النفقة التي تنفق في الحج تقلل المال وتفقر صاحبها، ففي سنن الترمذي بسند حسن صحيح أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ)).

الله أكبر ما أعظمه من بشارة، فلا تظن أخي أن آلاف الدولارات التي تنفقها اليوم على الحج -لا تظن- أن الله لا يعوضها عليك بل يعوضها وأضعافها، فقد أخبرنا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بأن متابعة الحج والعمرة لا تنفي الذنوب فحسب بل تنفي الفقر أيضاً، لذلك كان الفقير حقاً من حبس نفسه عن حج بيت الله الحرام بخلاً بماله عن طاعة ربه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هذا وللبيت الحرام والمسجد الحرام مزايا ليست لغيره من بقاع الأرض منها:

1 - أن الشرع أجاز لنا شد الرحال وقصد السفر إليه، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي قال: ((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى)).

2 - أن الصلاة الواحدة فيه بمائة ألف صلاة، فأي فضل وأي نعمة أعظم من هذا، فاحمدوا الله على ذلك، ففي صحيح سنن ابن ماجه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: ((صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ)) فلا تحرم نفسك أخي من هذا الأجر العظيم والثواب الكبير.

3 - أن من دخله كان آمناً، قال الله تعالى: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، أن يوفقنا وإياكم لحج بيته الحرام، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


 

الخطبة الثانية

إخواني في الله: وإتماماً للفائدة ننقل إليكم كلام قيماً لابن القيم رحمه الله حيث قال: وقد أكد الله الحج من عشرة أوجه: أحدها: أنه قدم اسمه تعالى، وأدخل عليه لام الاستحقاق والاختصاص. ثم ذكر من أوجبه، وهو الله تعالى، فقال: وَللَّهِ. ثم عمم من أوجبه عليهم وهم الناس جميعاً، وأكد ذلك بصيغة عَلَى فقال: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ. ثم خص منهم أهل الاستطاعة قال: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ. ثم نكّر السبيل في سياق الشرط، فقال: مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً إيذاناً بأنه يجب الحج على أي سبيل تيسرت، من قوت أو مال، فعلق الوجوب بحصول ما يسمى سبيلاً. ثم أتبع ذلك بأعظم تهديد وهو التهديد بالكفر: فقال: وَمَن كَفَرَ أي بعدم التزام هذا الواجب وتركه. ثم عظم الشأن وأكد الوعيد بإخباره باستغنائه عنه، والله تعالى هو الغني الحميد، ولا حاجة به إلى حج أحد، وإنما في ذكر استغنائه عنه هنا ما يدل على مقته له، وسخطه عليه، وإعراضه عنه، ما هو أعظم التهديد وأبلغه. ثم أكد هذا المعنى بأداة َإِنَّ الدالة على التوكيد. ثم أكد ذلك أيضا بذكر اسم العالمين عموماً، ولم يقل: فإن الله غني عنه. لأنه إذا كان غنياً عن العالمين كلهم، فغناه عن شخص بعينه أولى، وكان ذلك أدل على عظم مقته لتارك هذا الحق الذي أوجبه الله عليه. فهذه عشرة أوجه تقتضي تأكيد هذا الفرض العظيم.

ثم تأمل أخي كيف افتتح الله تعالى هذا إيجاب الحج بذكر محاسن البيت، وعظم شأنه بما يدعو النفوس إلى قصده وحجه، وإن لم يطلب ذلك منها. فقال: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً [آل عمران:96-97].

فوصفه بأنه أول بيت وضع في الأرض للعبادة، ولا شك أن النفوس عادة تشتاق وتتمنى زيارة مثل هذه الأماكن، كما هو حال الناس اليوم في زيارة الأماكن الأثرية القديمة.

ووصفه أيضاً بأنه مبارك، والبركة كثرة الخير ودوامه، وليس في بيوت العالم أبرك، ولا أكثر خيراً، ولا أدوم، ولا أنفع للخلائق منه.

ووصفه بأنه هدى، وأتى بالمصدر نفسه مبالغة، حتى كأنه هو نفس الهدى. –

ثم عمم هذا الهدى فقال: وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ - ثم وصفه بما تضمن من الآيات البينات التي تزيد على أربعين آية فقال: فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ. ثم وصفه بالأمن لداخله، وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً. وفي وصفه بهذه الصفات دون إيجاب قصده ما يبعث النفوس على حجه، وإن بعدت بالزائرين الديار، وتناءت بهم الأقطار.

ثم أتبع ذلك بصريح الوجوب المؤكد بتلك التأكيدات السابقة، وهذا يدلك أخي على الاعتناء منه سبحانه وتعالى بهذا البيت العظيم، والتنويه بذكره، والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره. ولو لم يكن للبيت شرف إلا أن الله أضافه لنفسه جل وعلا بقوله: وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْقَائِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ [الحج:26]. لكفى بهذه الإضافة فضلاً وشرفاً، وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب العاملين إليه، وسلبت نفوسهم حباً له وشوقاً إلى رؤيته، فهو المثابة للمحبين وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنَّاسِ [البقرة:125]. يثوبون إليه ولا يقضون منه وطراً أبداً، كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له حباً وإليه اشتياقاً.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا وإياكم لحج بيته الحرام إنه ولي ذلك والقادر عليه.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً