ومما يعين في علاج السحر الصوم والذكر وأفعال الخير خاصة قيام الليل ثم يدعو ربه أن يبين له هذه الحالة المرضية وكيفية علاجها، ولن يضيعه الله، أو يمكن له الاستدلال على ذلك عن طريق المعالج الذي يمكن له أن يستنطق الجني الموكل بالسحر.
وإياك يا عبد الله إياك ثم إياك أن تذهب إلى ساحر كي يفك السحر فهذا لا يجوز.وقد وجه هذا السؤال إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
س: إذا اتضح لنا إن إنساناً سحراً نهاناً آخر فكيف نبطل مفعوله في الشرع؟
الجواب: تعاطي السحر حرام بل كفرأكيد فلا يجوز أن يستعمل السحر لإبطال السحر ولكن يعالج المبتلى بالسحر بالرقى والأدعية الشرعية الواردة في القرآن والسنة.[فتوى رقم 4228].
ومن الطرق المشروعة لإزالة السحر:استعمال الأدوية المباحة ومن ذلك مثلاً: تؤخذ سبع ورقات من شجرة السدر، ولابد أن يكون الورق أخضراً وتدق جميعها بين حجرين ثم تلقى في ماء قدر الغسل وتقرأ عليها آية الكرسي سبع مرات ثم يشرب المسحور منها قدر ثلاث حسوات بيديه ثم يغتسل ببقية الماء فإنه بإذن الله يفك السحر عنه.
ومن أعظم ما يزيل السحر بعد وقوعه الرقى: وأنفع أنواع الرقى ما كان بالقرآن الكريم كالفاتحة وآية الكرسي والمعوذات وبعض الآيات، ويشترط في هذه الرقى ثلاث شروط:
أولاً: أن لا يكون فيها شرك ولا معصية، كدعاء غير الله، والإقسام على الله بغير الله.
ثانياً: أن تكون بالعربية أو ما نفقه معناه، لا بهمهمات ولا بطلاسم.
ثالثاً: أن لا يعتقد الإنسان أنها مؤثرة بنفسها.
والرقى يا أخوة ليست مقصورة على إنسان بعينه، فإن المسلم يمكن أن يرقى نفسه، ويمكن أن يرقي غيره، وأن يرقيه غيره، ويمكن للرجل أن يرقي امرأته، ويمكن للمرأة أن ترقي زوجها ولاشك أن صلاح الإنسان له أثر في النفع، وكلما كان أكثر صلاحاً كان أكثر نفعاً لأن الله يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ [المائدة:27].
وإذا أراد الإنسان أن يذهب إلى أحد القراء المعروفين بالصلاح والتقوى، وإذا ذهب إليه فإن عليه أن يكون صريحاً وواضحاً معه، خاصة أن المسحور أو المسحورة قد يشعر بأشياء حرجة ولكنه يخجل من التصريح فيها، وهذا الأمر لا يساعد المعالج في إعطاء العلاج الصحيح فينبغي التنبيه لذلك وكذا يقصد بالعلاج أهل الذكر الحسن من العلماء وطلبة العلم الجيدين، ولا يقصد مجهول الحال. ونحن نقول هذا الكلام لأن البعض يذهب إلى السحرة وهو يعلم أنهم سحرة؟والبعض يذهب إليهم لظنه أنهم من الأطباء والنفسيين كما يزعمون أو من الصالحين فيقع ضحية جهله بين يدي دعي كذاب دجال كاهن.
والذي يريد أن يعرف الفرق بين الساحر وبين المعالج بالطرق المشروعة، فنقول له إن الساحر يعرف بإحدى هذه الأمور:
1- قد يسأل عن اسم المريض واسم أمه.
2 - أو يطلب أثراً من آثار المريض كالثوب أو المنديل أو الملابس الداخلية.
3 - قد يطلب منك حيواناً بصفات معينة ليذبحه ولا يذكر اسم الله عليه، وربما لطخ بدمه أماكن الألم من المريض أو يرمي به في مكان خرب.
4 - يكتب الطلاسم ويتلو العزائم والطلاسم الغير المفهومة.
5- إعطاء المريض (حجاباً) يحتوي على مربعات بداخلها حروف وأرقام. قد يأمر المريض بأن يعتزل الناس فترة معينة في غرفة لا تدخلها الشمس ويسمونها (الحجبة).
6- أحياناً يطلب من المريض ألا يمس الماء لمدة معينة.
7 - يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض، أو يعطيه له أوراقاً يحرقها ويتبخر بها.
8- قد يتمتم بكلام غير مفهوم، ويخبر المريض باسمه واسم بلده ومشكلته التي جاء من أجلها.
فإذا وجدت علامة واحدة من هذه العلامات في أحد المعالجين فهو ساحر وكاهن، فإياك والذهاب إليه وإلا انطبق عليك قول النبي : ((من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)). فهل يتنبه الغافلون ويستيقظ النائمون.
قد يقال: ((كيف تقولون أن السحرة عباد الشيطان مع أننا نرى بعضهم يصلون ويقرءون القرآن ويكتبون في أوراقهم السحرية آيات من القرآن)).
والجواب: أن هؤلاء يظهرون مثل هذا تغريراً بالناس كي ينخدعوا بهم أما باطنهم فبعيد عن التقى والصلاح.
وقد أجرت إحدى الصحف العربية مقابلة مع ساحر تائب؟صرح فيها بأن الشياطين كانت ترشدهم إلى التظاهر بالتقوى أمام الناس، كما تأمرهم بالصلاة أمام الناس دون نطق بالآيات أي يؤدي حركات فقط. وترشدهم إلى عدم ارتكاب الآثام والفواحش أمام الناس. حتى يقول الناس إن فلاناً تقي، وسيد، ولي، فإذا خلى بنفسه أو كان مع أمثاله فليفعل ما يشاء.
وإذا أردتم مثالاً على ذلك. فثمة هناك كاهن مجرم يدعي أنه طبيب شعبي وأنه يعالج الناس، فكان إذا أتاه رجل بزوجته أو أخته أو إحدى قريباته قال لمحرميها: اخرج حتى أقرأ عليها، فبعض الأغبياء يخرجون، فيأتي هذا المشعوذ ويحاول بالمرأة ولا يزال بها حتى يزني بها بحجة أنها تحتاج إلى علاج سفلي. فيزني بها عدو الله ثم يهددها بعد ذلك أنها إن تكلمت فسوف يسلط عليها الجن. ويسقط في يدها ولا تتكلم. وعلى كل فقد قبض على هذا الخبيث وهو في السجن أسأل الله أن يهلكه ويهلك أمثاله من المجرمين.
وإذا كنا لا نعذر أمثال هذه المجرم فنحن لا نعذر أيضاً بعض المغفلين الذين لا يفرقون بين الساحر وبين المعالج بالطريقة الشرعية الصحيحة، وقد يرون من بعض الناس بعض خوارق العادات فيظنون أنهم أولياء لله دون أن يعرفوا عن سلوكهم وأخلاقهم شيئاً، لهذا يقول الإمام الشافعي: "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تعتدوا به حتى تعرضوا أعماله على الكتاب والسنة ويقول الإمام ابن تيمية: وكرامات الأولياء حق باتفاق أئمة أهل الإسلام والسنة والجماعة، وقد دل عليها القرآن في غير موضع، والأحاديث الصحيحة، والآثار والمتواترة عن الصحابة وغيرهم والتابعين لكن كثيراً ممن يدعونها أو تدعى له يكون كذاباً أو ملبوساً عليه.
وأيضاً فإنها لا تدل على عصمة صاحبها وعلى وجوب اتباعه في كل ما يقوله بل قد تصدر بعض الخوارق من الكفار والسحرة بمؤاخاتهم للشياطين كما ثبت عن الدجال أنه يقول للسماء: أمطري فتمطر، وللأرض أنبتي فتنبت، وأنه يقتل واحداً ثم يحييه، وأنه يخرج خلفه كنوز الذهب والفضة ولهذا اتفق أئمة الدين على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يثبت له ولاية ولا إسلام حتى ننظر وقوفه عند الأمر والنهي الذي بعث به رسوله .
إذن يجب أن نتحقق من دين من تظهر عليه بعض الخوارق، فإذا كان ملتزماً بالكتاب والسنة والشريعة اعتقدنا بكرامته، ولو أن ذلك لا يترتب عليه إثبات أو نفي الأحكام شرعية أو أن يكون ذلك باباً وسبباً لتحصيل المال والجاه بغير حق، وإلا فهو محتال أو ممن يتخذهم الشيطان طمعاً كالسذج من الناس ليصدهم عن الطريق السوي والشريعة السمحاء.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا من السحر والسحرة وحافظوا على عقيدتكم من الفساد أكثر ما تحفظون على صحة أبدانكم من الأمراض فماذا يستفيد الإنسان إذا عاش سليم الجسم، مريض العقيدة، فإن صحة البدن مع فساد العقيدة خسارة في الدنيا والآخرة إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً [النساء:116]. |