.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

الأمانة وتكاليفها

1787

الإيمان, الرقاق والأخلاق والآداب

خصال الإيمان, مكارم الأخلاق

عبد الله الشرقاوي

الدار البيضاء

الصفا

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التحذير من الخيانة. 2- أمانة طاعة الله والقيام بحقوقه ومنهجه. 3- أمثلة للخيانة (معاصي وذنوب). 4- الأمانة المنوطة بمن استرعاه الله أمر المسلمين.

الخطبة الأولى

أما بعد:

عباد الله: خير ما أوصيكم به ونفسي تقوى الله عز وجل والعمل بطاعته، والحذر كل الحذر من مخالفته ومعصيته، ومن المخالفة الظلم في تحمل المسؤولية الملقاة على عاتق الإنسان قال تعالى: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً.

أيها الأخوة والأخوات في الإسلام: يقول الله تعالى في كتابه العزيز من سورة الأنفال: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم.

أيها المسلمون: هذه آية من كتاب الله عز وجل، يحذرنا الله تعالى من خيانة الأمانة وينهانا عن ذلك لأن فيه إثماً عظيماً وجرماً كبيراً يظهر أثره على المجتمع وتكون عاقبته وخيمة بين الناس. فما هي أنواع الأمانة؟

إن الأمانة تنقسم إلى قسمين: أمانة بين العبد وربه، وأمانة بين العبد ومخلوقٍ مثله.

فأما الأمانة بين الله تعالى والعبد فتتمثل في فرائض الله ومحرماته، وأول الفرائض توحيد الله عز وجل وعبادته وحده دون إشراك أو رياء أو نفاق، والتوحيد حق الله تعالى على عباده قال لمعاذ بن جبل : ((أتدري ما حق الله على عباده؟ قال معاذ: الله ورسوله أعلم قال : حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)).

ثم إن إقامة الصلاة من أعظم الأمانات، على كل مسلم ومسلمة أن يؤديها ويقيمها كما أمر الله ورسوله قال تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين.

والصيام أمانة وسر بين العبد وربه، عليه أن يصوم صياماً صحيحاً خالياً من اللغو والرفث وسائر المفطرات المادية والمعنوية، والزكاة أمانة عند المسلم مطلوب منه أن يؤديها كاملة غير منقوصة إذا توفرت الشروط الواجبة فيها لأنها تطهر المال وتبرأ منها ذمة المسلم ليسلم من عقوبة تركها، والحج أمانة الله في عنقك أيها المسلم إن كنت ممن توفرت لديك الشروط والاستطاعة.

أيها المسلمون: ثم إن المحرمات كلها أمانة حرمها الله تعالى، لأن فيها الضرر الذي يضر إما الجسم أو العقل والمال أو المجتمع، كالخمر والزنا والسرقة والرشوة والظلم والتبرج، والكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور وأكل الربا وأكل مال اليتيم فكلها محرمات أمانة في مجتمع المسلمين عليهم ألا يقربوها ولا يقترفوها قال تعالى: ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم.

جاء في تفسير قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً. عن ابن عباس يعني بالأمانة الطاعة التي عرضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم فلم يطقها فقال لآدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال فلم يطقنها فلعلك أنت آخذ بما فيها قال: يا رب وما فيها قال:إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها فذلك قول الله تعالى: وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.

والطاعة أيها المسلمون تتمثل في أداء الفرائض واجتناب النواهي فكلها أمانات أمرنا الله تعالى بالمحافظة عليها. وجوارحنا أيها المسلمون أمانة فلسانك أخي المسلم أختي المسلمة أمانة، إن حفظته من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بالناس والتجسس عليهم والقذف والفحش واستعملته في ذكر الله وتلاوة القرآن وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن فعلت ذلك فقد أديت أمانة لسانك وجنبت نفسك عذاب الله في الدنيا والآخرة. وعيناك أمانة عندك فإن جنبتهما النظر إلى ما حرم الله واستعملتهما فيما يعود عليك بالنفع فزت دنيا وأخرى، وأذناك أمانة لديك فجنبهما الاستماع إلى ما يغضب الله من سماع اللهو والغناء والغيبة والنميمة واستعملهما في الاستماع إلى الموعظة الحسنة وذكر الله وتلاوة كتابه إذا فعلت ذلك أخي المسلم فقد أديت أمانة أذنيك، ورجليك أمانة فلا تمش بهما إلى أماكن اللهو والفسق والفجور وأماكن الظلم والزور والاعتداء والمنكر، وسر بهما إلى صلاة الجماعة في المسجد وصلة الرحم والإصلاح بين الناس وإلى الجهاد في سبيل الله. ويداك أمانة فلا تمدهما إلى ما يغضب الله. واعمل بهما أعمالاً تعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة، والبطن أمانة فلا تدخل فيه ما حرم الله من المال، والفرج أمانة فقد مدح الله الحافظين لفروجهم وأخبر أنهم مفلحون ومن أهل جنة الفردوس فقال تعالى من سورة المؤمنين: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون أي المعتدون، والعقل أمانة فاحذر أن تفسده بالمخدرات والمسكرات، فالخمر ما خامر العقل وغطاه وعطله عن وظيفته، والمال أمانة فاحذر أن تبذره وأن تصرفه فيما حرم الله وأنفقه على المساكين وأخرج منه الزكاة، وهكذا أيها المسلمون ما وهبنا الله إياه من جوارح وعقل ومال وأولاد وزوجة كلها أمانات قال تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً.

نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين. .


 

الخطبة الثانية

أما بعد:

عباد الله: إن من أعظم الأمانات التي يحاسب عليها العبد يوم القيامة تحمل المسؤوليات في المجتمع، سواء كانت مسؤولية عظمى أم غير ذلك، والله تعالى جعل الإنسان خليفة في الأرض، يبني ويشيد، ويرحم ويشفق، يقوم بالخلافة خير قيام ، ولا يصلح حال الناس إلا إذا تفرقت مهام المسؤولية بين أفراد المجتمع ليسهل حملها وتيسير القيام بها، وإذا لم يقم كل مسؤول بمسؤوليته كما أمره الله تعالى ضاعت الحياة وانتشر فيها الفوضى، وعم الفساد الأرض والعباد، جاء في حديث البخاري أن رجلاً جاء إلى الرسول فقال يا رسول الله متى الساعة؟ فقال : ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال الرجل: وما إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)).

فنعوذ بالله أيها المسلمون من ضياع الأمانة فواجب على المسلمين أن يختاروا من هو أهل لحمل الأمانة عن أبي ذر الغفاري قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.

وهكذا رأينا أيها المسلمون أن الأمانة لا تنحصر في الودائع فقط، إنها إحساس الإنسان وشعور في كل أمر يوكل إليه أنه مسؤول عنه أمام الخالق عز وجل كل إنسان في المكان الذي وضع فيه، فاتقوا الله عباد الله وقدروا المسؤولية حق قدرها واعطوا للأمانة العامة والخاصة ما تستحق. واعملوا أنه لا أيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. روى الديلمي في فردوسه أن رسول الله قال: ((إذا أراد الله بقوم خير ولى عليهم حكماءهم وقضى بينهم علماؤهم وجعل المال في سمحائهم، وإذا أراد الله بقوم شراً ولى عليهم سفهاءهم وقضى بينهم جهالهم وجعل المال في بخلائهم)).

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً