الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ومن معتقد سلفنا الصالح، أهل السنة والجماعة. أنهم يشهدون لله تعالى بالوحدانية وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة. ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه فهم يؤمنون بالله ويثبتون له اليدين سبحانه وتعالى فيقولون: إنه خلق آدم بيديه كما نص سبحانه عليه في قوله: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية أهلكهم الله. ولا يكيفونهما بكيف أو يشبهونهما بأيدي المخلوقين تشبيه المشبهة خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف والتشبيه ومن عليهم بالتعريف والتفهيم حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكما ورد القرآن بذكر اليدين في قوله تعالى: لما خلقت بيدي وقوله: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ووردت الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر اليد، كخبر محاجة موسى آدم عليهما السلام وقوله له: ((خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته)) وفي حديث الشفاعة الطويل حينما يخاطب الناس آدم، فيقولون له: ((يا آدم أنت خلقك الله بيديه..)) الحديث، وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها الأحاديث الصحيحة من السمع والبصر والعين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال: ((ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)) فوضع النبي صلى الله عليه وسلم إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه وقرأ قول الله تعالى: إن الله سميع بصير.
كما يثبتون العلم والقوة والقدرة والعزة والعظمة والإرادة والمشيئة والضحك، ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة)) وغيرها من الصفات من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل منكر كما يفعل أهل البدع بل يجرونه على الظاهر ويكلون علمه إلى الله، قال تعالى: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون أما من أراد تشبيهاً، أو تأويلاً أو تعطيلاً لصفات الله نرد عليه بقولـه تعالى: قل أأنتم أعلم أم الله ولقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بها والله عز وجل يقول: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ونختم بهذه الأبيات للشيخ حافظ حكمي رحمه الله.
وقد روى الثقات عن خير الملا بأنه عز وجل وعــــلا
في ثلث الليل الأخير ينــزل يقول هل مـن تائب فيقبـل
هل من مسيء طالب للمغفرة يجدْ كريماً قابلاً للمعــذره
يمن بالخيـرات والفضائـل ويستر العيب ويعطي السائلُ
وأنـه يجيء يــوم الفصل كما يشــاء للقضاء العدل
وأنه يــرى بلا إنكـــار في جنـة الفردوس بالأبصار
كل يــراه رؤيـة العيـان كما أتــى في محكم القرآن
وفي حـديث سيـد الأنـام من غير شـك ولا إبهــام
وكل مالــه من الصفـات أثبتها في محكـم الآيــات
أوصــح فيما قاله الرسول فحقــه التسليـم والقبـول
نمرها صريحــة كمـا أتت مع اعتقادنـا لمـا لـه اقتضت
من غير تحريف ولا تعطيـل وغـيـر تكييف ولا تمثيــل
بل قولنا قـول أئمـة الهـدى طوبى لـمن بهديهم قد اهتـدى
لا تتبع أقـوال كــل مـارد غـاو مضل مـارق معانــد
فليـس بعـد رد ذا التبيـان مثقـــال ذرة مـن الإيمـان |