.

اليوم م الموافق ‏20/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

منهج أهل السنة في الصفات

1747

التوحيد

الأسماء والصفات

مرزوق بن سالم الغامدي

مكة المكرمة

الرحمة

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- عقيدة أهل السنة هي عقيدة السلف الصالح. 2- كيف يؤمن أهل السنة بصفات الله. 3- ذكر بعض صفات الله الذاتية وكيفية الإيمان بها عند أهل السنة. 4- تأول الأشاعرة للصفات. 5- المعتزلة والجهمية وتعطيلهم الصفات الإلهية.

الخطبة الأولى

 

أيها الإخوة: إن منهج أهل السنة والجماعة في فهم العقيدة الصحيحة. العقيدة الإسلامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم هو المنهج الصحيح وهو الصراط المستقيم فالعقيدة التي يجب على كل مسلم التمسك بها والإيمان بها هي عقيدة سلفنا الصالح الذين نقلوها لنا صافية نقية بعيدة عن الأهواء والضلال والعياذ بالله، قال الله تعالى: فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك ولسوف تسألون والأمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته بالتمسك بما جاء به الوحي: القرآن والسنة.

فمنهج أهل السنة والجماعة، منهج السلف الصالح، هو اتباع كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل قضية من قضايا العقيدة وعدم رد شيء منها، أو تأويلها تأويلاً باطلاً، مع الالتزام بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .. ففي هذا المنهج صيانة للعقل من الانحراف وصيانة للأمة من التفرق والضلال.

وهو ما يجب علينا اتباعه والاستمساك به، ومما يجب علينا الإيمان به متبعين في ذلك السلف الصالح: الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، وقد تكلمنا منذ مدة عن الإيمان بالله وبأسمائه الحسنى، واليوم سوف نتكلم عن الإيمان بصفات الله كما وردت في القرآن والسنة من غير تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف، فأهـل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله عز وجل فوق سبع سماوات على عرشه. كما جاء ذلك في القرآن قال تعالى: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيـام ثم استوى على العرش وقـال تعالى: الرحمن على العرش استوى وقال سبحانه: إليه يصعد الكلم الطيب وقال تعالى: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه وقـال تعالى: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فالاستواء معلوم في اللغة وهو العلو كما قال تعالى عن ركوب الدابة والسفينة: وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون فالاستواء هو العلو، والإيمان به واجب، أي بالاستواء، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، أي عن كيفية الاستواء، فعلماء الأمة من سلفنا الصالح رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله تعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه سبحانه وتعالى قد أحاط بكل شيء علماً ... فلقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية قال لها: ((من أنا؟)) قالت: أنت رسول الله، قال لها: ((أين الله؟)) قالت: في السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدها: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) وقال أبو حنيفة رحمه الله: من لم يعرف أين الله فهو كافر.

ومن معتقد أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل ينزل ويجيء نزولاً ومجيئاً يليق بعظمته وجلاله دون تشبيه له بالمخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف كما جاء في السنة والقرآن، قال تعالى: وجاء ربك والملك صفاً صفاً وقال تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظللٍ من الغمام والملائكة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) فهذا المجيء والإتيان والنزول نؤمن به دون تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

ومن معتقد أهل السنة أن القرآن الكريم كلام الله وكتابه ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال بخلقه واعتقده فهو كافر، فقد قال رسول النبي صلى الله عليه وسلم لقومه حينما أرادوا منعه من تبيلغ الرسالة: ((أتمنعوني أن أبلغ كلام ربي)) قال تعالى: وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وقال تعالى: وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون.

فهذا كلام الله تحفظه الصدور وتتلوه الألسنة ويكتب في المصاحف بفضل الله ومنّه، والحمد لله الذي يسر لنا ذلك ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.

ومن معتقد أهل السنة، أن المتقين يرون ربهم يوم القيامة وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وأما الفجار فهم محجوبون عن رؤية ربهم كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم. وأهل السنة يثبتون لله الوجه، للذين أحسنوا الحسنى وزيادة والزيادة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((النظر إلى وجه الله عز وجل))، فالحسنى الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله عز وجل، وقد جاءت صفة الوجه في آيات كثيرة منها قوله تعالى: فأينما تولـوا فثم وجه الله وقال تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه وقال سبحانه: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. وجاء في الحديث: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحييني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى، ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)).

ومن معتقد أهل السنة إثبات الساق كما جاء في القرآن والسنة. قال الله تعالى: يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بحديث طويل فيه أن الله حينما يكشف عن ساقه يوم القيامة فيسجد المؤمنون أما المنافقون فتصبح ظهورهم طبقاً واحداً لا يستطيعون السجود فيقعون على ظهورهم والعياذ بالله.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

ومن معتقد سلفنا الصالح، أهل السنة والجماعة. أنهم يشهدون لله تعالى بالوحدانية وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة. ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه فهم يؤمنون بالله ويثبتون له اليدين سبحانه وتعالى فيقولون: إنه خلق آدم بيديه كما نص سبحانه عليه في قوله: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية أهلكهم الله. ولا يكيفونهما بكيف أو يشبهونهما بأيدي المخلوقين تشبيه المشبهة خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف والتشبيه ومن عليهم بالتعريف والتفهيم حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكما ورد القرآن بذكر اليدين في قوله تعالى: لما خلقت بيدي وقوله: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ووردت الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر اليد، كخبر محاجة موسى آدم عليهما السلام وقوله له: ((خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته)) وفي حديث الشفاعة الطويل حينما يخاطب الناس آدم، فيقولون له: ((يا آدم أنت خلقك الله بيديه..)) الحديث، وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها الأحاديث الصحيحة من السمع والبصر والعين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال: ((ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)) فوضع النبي صلى الله عليه وسلم إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه وقرأ قول الله تعالى: إن الله سميع بصير.

كما يثبتون العلم والقوة والقدرة والعزة والعظمة والإرادة والمشيئة والضحك، ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة)) وغيرها من الصفات من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل منكر كما يفعل أهل البدع بل يجرونه على الظاهر ويكلون علمه إلى الله، قال تعالى: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون أما من أراد تشبيهاً، أو تأويلاً أو تعطيلاً لصفات الله نرد عليه بقولـه تعالى: قل أأنتم أعلم أم الله ولقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بها والله عز وجل يقول: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ونختم بهذه الأبيات للشيخ حافظ حكمي رحمه الله.

وقد روى الثقات عن خير الملا                  بأنه عز وجل وعــــلا

في ثلث الليل الأخير ينــزل                       يقول هل مـن تائب فيقبـل

هل من مسيء طالب للمغفرة                   يجدْ كريماً قابلاً للمعــذره

يمن بالخيـرات والفضائـل                     ويستر العيب ويعطي السائلُ

وأنـه يجيء يــوم الفصل                 كما يشــاء للقضاء العدل

وأنه يــرى بلا إنكـــار                  في جنـة الفردوس بالأبصار

كل يــراه رؤيـة العيـان                 كما أتــى في محكم القرآن

وفي حـديث سيـد الأنـام                   من غير شـك ولا إبهــام

وكل مالــه من الصفـات                  أثبتها في محكـم الآيــات

أوصــح فيما قاله الرسول                    فحقــه التسليـم والقبـول

نمرها صريحــة كمـا أتت                      مع اعتقادنـا لمـا لـه اقتضت

من غير تحريف ولا تعطيـل                        وغـيـر تكييف ولا تمثيــل

بل قولنا قـول أئمـة الهـدى                 طوبى لـمن بهديهم قد اهتـدى

لا تتبع أقـوال كــل مـارد                 غـاو مضل مـارق معانــد

فليـس بعـد رد ذا التبيـان                 مثقـــال ذرة مـن الإيمـان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً