.

اليوم م الموافق ‏04/‏ربيع الأول/‏1446هـ

 
 

 

ثمار التمسك بالوحيين

1725

قضايا في الاعتقاد

الاتباع

مرزوق بن سالم الغامدي

مكة المكرمة

الرحمة

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- من ثمار التمسك بالوحيين العمة من الكفر. 2- من ثمار التمسك بالوحيين والتمكين. 3- من ثمار التمسك بالوحيين الوقاية من الشرور والمصائب. 4- من ثمار التمسك بالوحيين الثبات على الدين. 5- الفرقة والتنازع من ثمار ترك التمسك بالكتاب والسنة. 6- طاعة الله وهديه مقدمة على طاعة كل أحد سواه.

الخطبة الأولى

أيها الإخوة: إن في الوحيين كفاية لنا عن غيرهما إذا ما التزمنا بما فيهما وفهمناهما على فهم سلفنا الصالح، وإن لذلك الالتزام ثمار، فما هي هذه الثمار؟ وما هو واجبنا تجاه المخالفين؟ إن من ثمار التمسك بالكتاب والسنة الهداية للحق والاعتصام من الكفر، والحماية والوقاية من الأعداء. قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم.

وهنا فائدتان:

الأولى: عصمة أتباع الوحيين من الكفر. قال ابن كثير رحمه الله: يعني أن الكفر بعيد منكم، وحاشاكم منه، فإن آيات الله تنـزل على رسوله ليلاً ونهاراً وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم. ا.هـ.

الثانية: أن الله تعالى اقتصر على ذكر أعظم كيد يدبره الكفار للمسلمين، وهو تكفيرهم. كما قـال سبحانه في الآيـة الأخـرى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعـد مـا تبين لـهم الحق. فكأن الله يقول: مهما كان مكرهم الكبار الذي تزول منه الجبال فإن إيمانكم لا يزول ما أقمتم على تلاوة الوحي كتاباً وسنة.

وليس هذا غريباً على من أيقن بقلبه أن الله جعل معين الحياة في الوحي فقـال: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.

وأعظم الحياتين حياة القلب. وأحيا الناس أتبعهم للوحي وهو آمنهم من الضلال وبهذا يدق فهمك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)).

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ.

فهذا الصديق يخشى على نفسه الانحراف عن الصراط المستقيم إن هو فرط في شئ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فكيف قرت أعين المبتدعين وهدأت نفوس المخالفين؟.

أيها الإخوة: ولما كان الرسل عليهم الصلاة والسلام أتبع الخلق للوحي اقترن بهم من تأييد الله أكمله. كما قال تعالى: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.

وقال تعالى: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون.

ومن كان لهم متبعاً كان لهم مثل ما لهم من التأييد والنصرة قال الله تعالى لموسى وهارون - عليهما وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام – ولأتباعهما: أنتما ومن اتبعكما الغالبون. وقال تعالى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. قال شيخ الإسلام: ولهذا كل من كان متبعاً للرسول كان الله معه بحسب هذا الإتباع. قال الله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين أي حسبك وحسب من اتبعك، فكل من اتبع الرسول من جميع المؤمنين فالله حسبه، وهذا معنى كون الله معه. والكفاية المطلقة مع الاتباع المطلق، والناقصة مع النقص، وإذا كان بعض المؤمنين به المتبعين له قد حصل له من يعاديه على ذلك، فالله حسبه وهو معه. ثم قال رحمه الله: ولو أنفرد الرجل في بعض الأمصار والأعصار بحقٍ جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تنصره الناس عليه فإن الله معه وله نصيب من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فإن نصر الرسول هو نصر دينه الذي جاء به حيث كان ومتى كان.1.هـ.

أيها الإخوة: لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة المكية إلى بطحاء مكة ومعه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم ثم خط عليه خطاً ثم قال: ((لا تبرحن خطك، فإنه سينتهي إليك رجـال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك)) قال ابن مسعود رضي الله عنه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد، فبينا أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط (اسم قبيلة من الحبشة أو السودان) أشعارهم وأجسامهم وينتهون إلي لا يجاوزون الخط ... وقد سمع ابن مسعود أصواتاً وخشي على النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك كان حين دعوة الجن للإسلام والقصة مشهورة ومعروفة. ولا حظوا كيف سلم أبن مسعود من الأذى حينما وقف عند الخط الذي خطه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتجاوزه إنه خط النبوة إنه خط السنة والاتباع الذي فيه السلامة في الدنيا والآخرة.

أيها الإخوة: لقد كتب الله لاتباع نبيه صلى الله عليه وسلم الثبات على الدين وجعل مخالفيه على خطر من دينهم بأن يدخل النفاق في قلوبهم أو الشرك قال تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً.

قال ابن القيم رحمه الله: توعدهم بأنهم إذا أصابتهم مصيبة في عقولهم وأديانهم وبصائرهم وأبدانهم وأموالهم بسبب إعراضهم عما جاء به الرسول، وتحكيم غيره والتحاكم إليه. كما قال تعالى: فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وقد تكون هذه المصيبة في الدين فيكفر المرء والعياذ بالله...

قال ابن تيمية رحمه الله عند قول الله عز وجل: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم من خالف أمره أن يحذر الفتنة، والفتنة الردة والكفر. قال سبحانه: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد: نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاثةٍ وثلاثين موضعاً ثم جعل يتلو فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وجعل يكررها ويقول: وما الفتنة؟ الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبه فيهلك وجعل يتلو هذه الآية: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهما.هـ كلامه رحمه الله.


 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فكما أن الله عصم المتمسكين بالكتاب والسنة ونصرهم في الدنيا والآخرة. فإن الله عـز وجـل جعـل الهزيمة للمخالفين وجعلهم مخـذولين قال تعالى: إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجعل الذل والصغار على من يخالف أمري)).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة. فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة.ا.هـ.

كما أنه قد أجمع العقلاء على أن أعظم أسباب الهزيمة هو التنازع. ولما كان التنازع ناشئاً عن التقصير في طاعة الله ورسوله قرن الله بينهما في آية واحدة. فقال: وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، ولما كان الالتزام بالسنة هو سفينة النجاة في بحر الاختلاف. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزومها عند وقوعه. فقال: ((وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)) وقال تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات أي جاءهم من الوحي ما يجمعهم، فلما تركوه اختلفوا، والعياذ بالله، ولذلك نرى أهل الحديث مهما اختلفت بلدانهم وأزمانهم لا تجد بينهم اختلافاً. لأنهم اعتصموا بحبل الله جميعاً.

قال الله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافاً كثيراً. أما أهل الأهواء والبدع نراهم متفرقين مختلفين، شيعاً وأحزاباً، نراهم أبداً في تنازع وتباغض واختلاف، تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلمتهم: تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.

فالحذر الحذر أيها المسلم من أن تكره شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترده لأجل هواك أو انتصاراًً لمذهبك أو لشيخك أو بلدك. فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحدٍ إلا طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والأخذ بما جاء به بحيث لو خالف العبد جميع الخلق واتبع الرسول ما سأله الله عن مخالفـة أحـد، فـإن من يطيع أو يطاع إنما يطاع تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم.

والواجب على المسلم أن يرد على المخالف للكتاب والسنة مهما كانت منزلة ذلك المخالف ومهما كان مركزه الاجتماعي. ويكون الرد برده إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، والرد على جميع المخالفين بميزان واحد، فلا يرد على مخالف في بدعة ما ويسكت عن مخالف آخر تعصباً أو تملقاً وتزلفاً لأسباب وطنية أو سياسية أو حزبية، لأنها جاهلية والعياذ بالله.

أما من كانت سجيته الرد على المخالفين جميعهم، انتصاراً لدين الله وجب علينا أن نشكره ونؤيده ولا نخذله وندعو له بظهر الغيب بأن يثبته الله على الحق. فرد الباطل واجب على كل مسلم، كل بحسبه، وكل مسلم على ثغر من ثغور الملة، قال الله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. يقـول الشيخ بكـر أبو زيد وفقه الله: وبهذا يقيم حملة الشريعة الحجة على الخلق حسب الوسع وهذا من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي فيه صلاح المعاش والمعاد، وهو من أفضل الأعمال ومن كمال محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى هذا يجمع الله القلوب الله ويؤلف بينها حيث لا تتم مصالح الآدميين إلا بالاجتماع على البر والتقوى، وأما السكوت عن بيان الأحكام فهو من أعظم أسباب الفتن واختلاط الأحوال وخفاء الشريعة وظهور البدع والضلالات وأهلها.ا.هـ.

أيها الإخوة: في يوم القيامة يكون الحساب وتكون الخصومة بين يدي الله، يوم تبلى السرائر، يوم يحصل ما في الصدور: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين أسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين إبيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلماً للعالمين.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً