أيها الإخوة: إن من اتخذ يوماً للفرح والسرور أو للذكرى والاحتفال فيه لأي مناسبة كانت شخصية أو وطنية أو عالمية أو غير ذلك إنما هو مبتدع عيداً آخر غير ما فرضه الله عز وجل، وقد يظن بعض الناس أنه إذا لم يطلق اسم عيد على ذلك اليوم الذي اتخذ للذكرى أو للفرح والسرور فلا بأس من ذلك، وهذا خطأ فادح في فهم معنى العيد .. وهذا يشبه ما تسميه البنوك بالفوائد والمقصود به الربا، فهل تغيير الاسم يجعله حلالاً؟ أو ما يسمى بالمشروبات الروحية والمقصود بها الخمر، فهل أصبحت هذه المشروبات حلالاً بسبب تغيير الاسم؟
وقد مر معنا التعريف بكلمة عيد، وهي مأخوذة من العود، وكل يوم يتخذ لمناسبة معينة سواء سمي عيداً أو لم يسمَ فهو عيد لأنه يعود كل عام أو كل ربع قرن أو نصف قرن. وسواء سمي باليوبيل الفضي أو الذهبي أو الماسي، كلها أعياد بدعية فيها مشابهة للكفار والعياذ بالله.
لاحظوا أيها الإخوة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما فقال صلى الله عليه وسلم: ((قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)).
لاحظوا أن أهل المدينة اتفقوا فيما بينهم على يومين يفرحون فيهما ويوسعون على أنفسهم وأولادهم فيها، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وبين أن في يومي الفطر والأضحى غنية عن اليومين اللذين يلعبون فيهما، مما يدل على أنه لا يجوز اتخاذ أي يوم للفرح والسرور يكرر كل عام ويعود في كل سنة إلا يومي الفطر والأضحى.
وبنظرة متأنية ومليئة بالتدبر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في سيرة خلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين نجد أنهم لم يتخذوا أي يوم للذكرى أو للاحتفال أو الفرح والسرور، لا بيوم المولد النبوي ولا بيوم البعثة ونزول الوحي ولا يوم الهجرة ولا يوم غزوة بدر أو أي غزوة من الغزوات ولا يوم فتح مكة ولا يوم تأسيس الدولة الإسلامية.
والذي أحدث المناسبات في هذا الشأن هم الرافضة الشيعة، فروخ اليهود عليهم من الله ما يستحقون، وذلك في منتصف القرن الرابع الهجري حيث أحدثوا مناسبات المولد النبوي وغيرها من الأعياد المبتدعة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها ولم يفعلها الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين ولم يفعلها آل البيت ولم يفعلها الأئمة الأربعة ولا غيرهم من العلماء والمحدثين في تلك العصور.
ثم توسع أهل البدع في اختراع بدعهم بإحداث مناسبات قومية أو وطنية كالاحتفال باليوم الوطني أو يوم الأم أو يوم الشجرة، وقد جمعوا بين سيئتين: الابتداع والتشبه، حيث أصبحت المناسبات إما مئوية أو خمسينية أو ربع قرنية وأطلق عليها اسم اليوبيل – يوبيل فضي بعد مرور 25 سنة ويوبيل ذهبي بعد مرور 50 سنة ويوبيل ماسي بعد 60 سنة والثمانيني، والمئوي بعد مرور مائة عام، فشابهوا اليهود في هذه المناسبات وذلك لأن كلمة يوبيل هي كلمة عبرية يهودية معناها (قرن الكبش) الذي تصنع منه الأبواق التي يستعملونها في أعيادهم لإلقاء الألفاظ والترانيم الخاصة بهم عند مرور 25 سنة أو خمسين أو ستين أو ثمانية أو مائة سنة.
يقول الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله وهو عضو هيئة كبار العلماء يقول في كتابه (عيد اليوبيل بدعة في الإسلام):
إن الاحتفال باليوبيل على اختلاف مدده وعلى اختلاف أغراضه هو احتفال بدعي في الدين، ومنازعة في أمر رب العالمين، وتشبه بالكافرين من اليهود، والنصارى وعباد الصليب والوثنيين، وتعظيم لحرماتهم، وتجاوز على صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم بما شرع الله على لسانه واستدراك عليه.
ثم قال حفظه الله: وإنه يحب على من نهى عن الاحتفالات البدعية ومنها الاحتفال بالمولد النبوي وغيرها من الأعياد المبتدعة لدى بعض المسلمين التي أدخلها المضللون.
يجب على الناهين عن هذه الأعياد البدعية وجوباً أولياً أن يعلنوا النهي عن الاحتفال بعيد اليوبيل الفضي والذهبي والماسي والثمانيني، لأي مدة كان، ولأي مكان، ولأي شخص، أو مناسبة، ومن لم يفعل فهو متناقض مضطرب، شاء أم أبى، وهذا من اتباع الهوى.ا.هـ باختصار.
وقد صدرت فتاوى متعددة من هيئة كبار العلماء ومن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بعدم جواز إقامة احتفالات بمناسبة مرور عام أو مائة عام أو أقل أو أكثر مهما كانت الأسباب لأن ذلك ابتداع في دين الله وتشبه بالكفار. وهي موجودة في ما تصدره اللجنة من كتب وبحوث لمن أراد الرجوع إليها ومنها فتوى برقم (17779) وتاريخ 20/3/1416هـ.
أيها الإخوة: علينا الالتزام بشرع الله والتمسك بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم في جميع أمورنا وأحوالنا حتى نسعد في الدارين ونفوز بالجنة.
|