.

اليوم م الموافق ‏19/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

عيد الأضحى 1416هـ

1464

الرقاق والأخلاق والآداب

الآداب والحقوق العامة, مكارم الأخلاق

إسماعيل الخطيب

تطوان

10/12/1416

الحسن الثاني

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

- حث الإسلام على مكارم الأخلاق. - فضل الحياء وأنه يدفع إلى كل خير ويبعد عن كل شر. - إثبات الإسلام للحقوق ودعوته للمحافظة عليها. - عظمة الإسلام وبعض محاسنه . - خطبة الوداع وبعض ما اشتملت عليه. - فضل يوم النحر والحكمة من مشروعية- شرع الله لأعياد. - الحث على الصدقة والإحسان وأن الخير المتعدّي خير من الخير القاصر.

الخطبة الأولى

 

أما بعد:

يقول الله تعالى: إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ ويقول سبحانه: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ.

عباد الله، الإسلام دين الله، دين وضحت معالمه، وكرمت مبادئه، وثبتت مصادره، وحفظه الله من كل تحريف وتبديل، دين حارب الظلم والبغي، دين دعا إلى التفكير في هذا الكون العجيب، لمعرفة قدرة الله وعظمته، دين يحقق العدل والمساواة لجميع البشر.. الله أكبر.

الإسلام معاشر المسلمين أخلاق، وما أحوجنا اليوم إلى التذكير بأخلاق الإسلام، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((إن لكل دين خلقاً، وخُلُق الإسلام الحياء)) [رواه مالك في الموطأ][1].

والحياء هو الذي يمنع المسلم من كل الرذائل ويدفعه إلى مكارم الأخلاق التي منها:

الصدق، قال : ((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة))[2].

والمسلم المتخلق بأخلاق الإسلام يصون لسانه عن الكذب، والزور والفحش، واللعن والسباب، قال : ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))[3].

وقال تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فالمسلم المتخلق بأخلاق الإسلام لا يسب أحداً حتى من أشرك وكفر. الله أكبر.

معاشر المسلمين، الإسلام دين كرّم الإنسان ولا يكون الإنسان مكرماً إلا إذا أخذ حقوقه كاملة، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وفي مقدمة تلك الحقوق حق الحياة. وإن قتل النفس لمن أعظم الجرائم، سواء كان المقتول مؤمناً أم كافراً. قال تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ويقول نبينا عليه الصلاة والسلام: ((من قتل مُعاهداً لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري][4]. فالحقوق التي أقرها الإسلام هي واجبة للناس بقطع النظر عن ألوانهم وأديانهم، وأجناسهم.

والملكية حق للإنسان، فلا يحل لأحد أن يعتدي على مال غيره، ولذلك حَرَّم السرقة، والغصب، والربا، والغش، ونقص الكيل والميزان، والرشوة، واعتبر يد السارق عضواً مريضاً يجب أن يبتر . الله أكبر.

بل إن الإنسان إذا قُتل وهو يدافع عن ماله، مات شهيداً. قال : ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) [5].

ومن حق الإنسان أن تحفظ كرامته فلا يُحتقر، ولا يُسخر منه. قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ ومن حقه أن لا يُغتاب، قال تعالى: وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً.

وأن الكلام في أعراض الناس لمن أعظم المنكر. الله أكبر.

معاشر المسلمين: الإسلام نظام وسلوك وحضارة ومدنية. علمنا النظام في كل شيء. علمنا كيف نمشي في الطريق، قال تعالى: وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ أي بالسكينة والوقار وعلمنا كيف نتكلم. قال تعالى: وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ أي لا ترفع صوتك فتؤذي السامع. علمنا كيف نأكل. قال: ((سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك))[6].

وأمرنا بنظافة الطرقات. قال: ((إماطة الأذى عن الطريق صدقة))[7] وهي من شعب الإيمان.

وأمرنا بالنظافة والطيب، والمسلم مأمور بالغُسل في عدة حالات منها الموت، قال: ((الطُهور شطر الإيمان))[8] وما من خير وصلاح إلا والإسلام به أمر. الله أكبر.

عباد الله، في حجة الوداع وقف نبينا عليه الصلاة والسلام خطيباً في عرفات وفي أيام التشريق فأعلن في الناس تحريم الدماء والأموال والربا، وأمر بالإحسان إلى النساء وقال: ((اتقوا الله في النساء))[9] وحذر من الاقتتال بين المسلمين وقال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))[10] وأعلن الأخوة الإسلامية. وقال: إن كل مسلم أخو المسلم، ((المسلمون إخوة ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس))[11]. وبذلك أعلن عليه الصلاة والسلام عن حقوق المسلم وأنه محرم الدم والمال والعرض. وأعلن عن حقوق النساء وأمر بأدائها، وعن حقوق الزوج على زوجته. وأعلن حرمة التبني والانتساب لغير الأب. وحذر من الكذب وأوصى بالاعتصام بالكتاب والسنة وقال: ((تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به:كتاب الله وسنة نبيه))[12]. وبذلك بلغ الرسالة وأدى الأمانة ودل أمته على كل خير. الله أكبر.

فتفقهوا رحمكم الله في دينكم، لتعرفوا ما فيه من خير وصلاح، وما يحققه لمن عمل به من عز وفلاح. جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وهدانا للخير بمنه وكرمه.

الله أكبر.. ما كبر المؤمن وصلى لله وصام وزكى وحج واعتمر.

الله أكبر.. ما المؤمن فاز وتقدم، والكافر خسر وتأخر.

الله أكبر.. ما انتصر الحق وظهر، واندحر الباطل وتبخر.

الله أكبر.. ما رضي المؤمن بما قدر الله وقضى ودبر.

الله أكبر.. ما اعتصم المؤمن بحبل مولاه وذكر اسم الله عند ذبح أضحيته وكبر.

عباد الله: أقسم الله تعالى بفجر هذا اليوم فقال سبحانه: وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ يومكم هذا أفضل أيام العام. قال عليه الصلاة والسلام: ((أفضل الأيام عند الله يوم النحر)) [رواه أبو داود بإسناد صحيح][13]. وهو آخر أيام العشر التي أقسم الله بها، وهو يوم الحج الأكبر، وهو اليوم الذي أذن فيه مؤذن رسول الله: أَنَّ ٱللَّهَ بَرِىء مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ.

يومكم هذا يوم عيد، والأعياد في الإسلام شرعت لتأليف القلوب وللتراحم والتكافل، لصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والأيتام. فنبينا عليه الصلاة والسلام، كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة، ثم يخطب، وقد ينبه إلى الإحسان قائلاً: تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا[14]، وكان أكثر من يتصدقُ النساء، فكان هذا الاجتماع مناسبة للتذكير بالإحسان إلى المحتاجين ونحن اليوم بحاجة إلى هذا التذكير، فالصدقة على الأقارب والمحتاجين أفضل من العمرة وحج التطوع. ذلك أن كثيراً من الفقراء لا يجدون ثمن العلاج والدواء، بينما إخوانهم يعتمرون أو يحجون مرات ومرات، ونحن نعلم أن التطوعات منها ما هو مقصور النفع على فاعله، كنوافل الصلاة والصيام والحج والعمرة. ومنها ما يتعدى نفعه إلى الغير، كسائر الأعمال الخيرية. والعمل الذي فيه نفع للغير هو أفضل وأنفع وأزكى وأطهر. الله أكبر.

عباد الله، الصلاة الصلاة فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

عباد الله، الزكاة الزكاة، فإنها سبب لسعة الأرزاق، ونزول الغيث من السماء.

عباد الله، الأمانة الأمانة، فإنها عنوان الديانة.

عباد الله، الإسلام دين العقل والوجدان، دين الفرد والجماعة، دين الجهاد والسلام، دينٌ ما دخل قلباً إلا أحياه، ولا أمة إلا أعزها، فصلوا وسلموا على من بعثه الله ليخرجنا به من الظلمات إلى النور، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد في الملأ الأعلى، وفي كل وقت وحين، وارفع درجته في أعلى الفردوس الذي هو أعلى عليين، واحشرنا في زمرته، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وارض اللهم عن صحابته، الذين عملوا بسنته واهتدوا هديه.

اللهم أصلح ولاة المسلمين، وأعز من أعز الدين.



[1]  صحيح ، موطأ مالك : كتاب الجامع ، باب : ما جاء في الحياء ، حديث (1678) ، وأخرجه ابن ماجه: كتاب الزهد – باب الحياء ، حديث (4181) ، والطبراني في الصغير (13) . قال البوصيري في الزوائد : هذا إسناد فيه معاوية بن يحيى الصدفي أبو رح الدمشقي وقد ضعفوه... وله شاهد من حديث ركانة رواه مالك في الموطأ (4/230) ، وحسّن أحد أسانيده ابن عبد البر في التمهيد (21/142) ، وصححه الألباني بطرقه ، السلسلة الصحيحة (940).

[2]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب الأدب – باب قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله...، حديث (6094) ، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب ، باب قبح الكذب... حديث (2607).

[3]  صحيح ، أخرجه  البخاري : كتاب الإيمان – باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، حديث (48) ، ومسلم: كتاب الإيمان – باب بيان قول النبي : ((سباب المسلم....)) حديث (64).

[4]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب الجزية – باب إثم من قتل معاهداً بغير جرم ، حديث (3166).

[5]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب المظالم والغصب – باب من قاتل دون ماله ، حديث (2480) ، ومسلم : كتاب الإيمان – باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره... حديث (141).

[6]  صحيح ، أخرجه  البخاري : كتاب الأطعمة – باب التسمية على الطعام والأكل باليمين ، حديث (5376) ، ومسلم : كتاب الأشربة – باب آداب الطعام... حديث (2022).

[7]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب الجهاد والسير – باب من أخذ بالركاب ونحوه ، حديث (2989)، ومسلم : كتاب الزكاة - باب بيان أن اسم الصدقة يقع ... حديث (1009).

[8]  صحيح ، أخرجه مسلم : كتاب الطهارة – باب فضل الوضوء ، حديث (223).

[9]  صحيح ، أخرجه مسلم : كتاب الحج – باب حجة النبي ، حديث (1218).

[10]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب العلم – باب الإنصات للعلماء حديث (121) ، ومسلم : كتاب الإيمان – باب معنى قول النبي : ((لا ترجعوا بعدي كفاراً...)) حديث (65).

[11]  صحيح ، أخرجه أحمد (5/113) بنحوه ، والحاكم (1/93) والبيهقي (6/100) ، قال الهيثمي في المجمع : رجال أحمد ثقات (4/171) ، وأخرجه البزار بنحوه (3717) ، وقال الهيثمي أيضاً : رواه أحمد والبزار ، ورجال الجميع رجال الصحيح. وصححه الألباني ، إرواء الغليل (1459).

[12]  حسن ، أخرجه مسلم: كتاب الحج – باب حجة النبي ، حديث (1218) ، دون ذكر السُّنة ، وأخرجه تاماً : مالك في الموطأ : كتاب الجامع – باب النهي عن القول بالقدر ، حديث (1661) بلاغاً ، وأخرجه موصولاً الحاكم (1/93) وصححه ، وكذا أخرجه البيهقي في الكبرى (10/114) ، قال المنذري في الترغيب : احتج البخاري بعكرمة ، واحتج مسلم بأبي أويس ، وله أصلح في الصحيح (1/41). وحسّن الألباني إسناد الحاكم ، انظر مشكاة المصابيح بتعليق الألباني (186).

[13]  صحيح ، سنن أبي داود : كتاب المناسك – باب في الهدي إذا عطب... (1765) ، وأخرجه أيضاً أحمد (4/350) والنسائي في الكبرى : كتاب الحج – باب فضل يوم النحر ، حديث (4098) ، وصححه ابن خزيمة (2866) والحاكم (4/221) ، والألباني : صحيح سنن أبي داود (1552) وإرواء الغليل (7/19) تحت الحديث رقم (1958).

[14]  صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب الزكاة – باب الزكاة على الأقارب ، حديث (1462) ، ومسلم : كتاب صلاة العيدين – باب حدثنا يحيى بن أيوب... حديث (889) ، واللفظ له.

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً