أما بعد:
فيا عباد الله سبق ذكرنا طرفاً من فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأدلتها الثابتة عنه والتي تدل على أن من صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات وكتب له بها عشر حسنات، ومحى عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وأن من جعل كل دعائه صلاة على النبي كفل الله همه وغفر له ذنبه، وأن الصلاة عليه سبب لنيل شفاعته يوم القيامة وسبب لعرض اسم المصلي على رسول الله ، وأن أي قوم اجتمعوا ثم تفرقوا ولم يصلوا عليه في مجلسهم ذلك فإنهم يقومون عن أنتن من جيفه ويكون مجلسهم عليهم نقصاً وتبعة وحسرة يوم القيامة، وأن كل دعاء محجوب حتى يصلي الراعي على النبي وأن من ذكر عنده النبي فلم يصلِ عليه فهو بخيل بل هو أبخل الناس وأجفاهم، وأن من ترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فقد خطئ طريق الجنة، كل ذلك ذكرنا أدلته الثابتة عنه ووعدنا بذكر المواطن التي تشرع فيها الصلاة عليه، وهذا أوان الوفاء بما وعدنا ومن ذلك آخر التشهد في الصلاة فقد صح أن بشير بن سعد سأله فقال: قد أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا قال: ((قولوا اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم. والسلام كما علمتم)). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهد وصلاة عليّ)) ولذا كان الصحيح من أقوال أهل العلم وجوبها في التشهد الأول والثاني عملاً بمدلول هذين الحديثين.
ومن المواطن التي تشرع فيها الصلاة عليه بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة فقد صح ذلك عن أبي أمامة بن سهل وأبي هريرة رضي الله عنهما، ومن المواطن التي تشرع فيها الصلاة عليه الخطب كخطبة الجمعة والعيدين وغيرهما وهذا أمر مستفيض عند المسلمين صحت به السنن عنه من فعله وفعل خلفائه الراشدين من بعده وسائر العلماء والخطباء من أتباعه ومن المواطن بعد الأذان فقد صح عنه : ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)) ومن مواطن الصلاة عليه حال الدعاء بعد أن يحمد الداعي ربه وقبل أن يسأل حاجته صح عنه : ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصلي على النبي ثم ليدعو بما شاء)) وصح أن ابن مسعود قال: كنت أصلي والنبي وأبو بكر وعمر معه فلما جلست بدأت بالثناء على الله ثم بالصلاة على النبي ثم دعوت لنفسي فقال : ((سل تعطَ سل تعطَ)).
ومن المواطن التي تشرع فيه الصلاة عليه عند دخول المسجد وعند الخروج منه صح عنه أنه كان إذا دخل المسجد قال: ((اللهم صل على محمد وسلم اللهم اغفر ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك)) وإذا خرج قال مثل ذلك إلا أنه يقول أبواب فضلك.
ومن مواطن الصلاة عليه على الصفا والمروة للحاج والمعتمر صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكبر على الصفا ثلاث يقول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) ثم يصلي على النبي ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء ثم يفعل على المروة مثل ذلك وهذا من توابع الدعاء.
ومن المواطن عند اجتماع قوم وقبل تفرقهم وأنهم إذا تفرقوا دون الصلاة عليه قاموا عن أنتن من جيفة وكان مجلسهم عليهم نقصاً وتبعة وحسرة يوم القيامة.
ومن المواطن عند ورود ذكره صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((من ذكرت عنده فليصلِ علي)) وصح أن جبريل قال للنبي : ((بَعُدَ من ذكرت عنده فلم يصلِ عليك)) وصح أنه قال: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِ علي)) وصح أنه قال: ((بخيل من ذكرت عنده فلم يصلِ علي)).
ومن الأوقات التي يشرع فيها الصلاة عليه أول النهار وآخره فقد صح عنه أنه قال: ((من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)) ومنها يوم الجمعة وليلتها فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت (يقولون: بليت) قال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء)) وصح عنه : ((أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة، وليلة الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)) وفي رواية: ((أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنه ليس أحد يصلي علي يوم الجمعة إلا عرض علي صلاته)).
وهاأنتم يا عباد الله في يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة على النبي رحمني ورحمكم الله وجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول قولي هذا وأستغفر الله ولي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
|