أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه واتبعوا أمره ولا تعصوه, وتمسكوا بدينكم القويم حققوا إسلامكم, حققوا إيمانكم بربكم؛ فإن تحقيق الإيمان بالعمل الصالح هو التقوى, وإن مجرد الإنتساب أو التسمي بالإيمان بدون قيام والتزام بالواجبات الشرعية وترك المحرمات الدينية لا يجدي شيئًا.
وإن من أبرز علامات الإيمان الحب في الله والبغض في الله والمولاة والمعاداة من أجل العقيدة الحقة, ومن أجل دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه, ولا يرضى من الأديان غيره, فكل دين غير دين الإسلام فهو باطل وغير مقبول عند الله, يقول سبحانه: ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين, فدين الإسلام هو الحق وما سواه فهو باطل وضلال فماذا بعد الحق إلا الضلال.
عباد الله: إن عداوة الدين هي أقصى العداوات وأشدها, وهي التي لا هوادة في عداوتها, فكل العداوات قد يرجى زوالها إلا عداوة من يعاديك من أجل عقيدتك ودينك, إلا أن تتبعه وتسير معه على دينه ومبدأه يقول تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم , وكل من كان أبعد عن الحق وأعتق للباطل كانت عداوته لهل الحق أشد وأبشع, ولهذا كانت عداوة اليهود وعداوة المشركين أشد العداوات للإسلام وأهله, لا يألون جهدًا في الوطيئة بالمسلمين في دمائهم وأعراضهم وأموالهم يقول عز وجل: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا , فهؤلاء اليهود الذين لعنهم الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت, ووصفهم بأنهم سماعون للكذب آكالون للسحت, وأنهم قالوا العزير ابن الله وأن الله ثالث ثلاثة, وقالوا يد الله مغلولة, وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء, تعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
يقول عز وجل في وصفهم: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مسبوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثير منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين.
إن هؤلاء اليهود هذا دأبهم في دابر الأزمان, وهذا دينهم مع سائر الأنبياء والمرسلين وأولياء الله المتقين, إنهم أعداء الإسلام, أعداء العدل والوئام, أعداء المرسلين وعباد الله المؤمنين, لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمّة وأولئك هو المعتدون.
كم تكرر منهم العداء على العاملين, وكم تجبروا على المستضعفين, وكم نكسوا أيمانهم, وكم نبذوا مواعيد ومواثيق, أو كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون لقد استمرؤوا إزهاق الأرواح واغتصاب الأموال وانتهاك الحرمات, لقد تجرأوا على حرق المسجد الأقصى والاستهانة به وبشعائر دين الإسلام وهم يريدون الكره ويحاولون هدمه ونسفه بين حين وآخر على عباد الله القانتين والقائمين والركع السجود في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار.
لقد هتكوا بالمسلمين العاملين بغيًا وعدوانًا واستهانة بالمسلمين واحتقارًا لهم وجرحًا لشعور عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
أين المسلمون وحفاظهم على شعائر دينهم ومقدساتهم ومواطن عبادتهم وإخوانهم المسلمين المستضعفين؟!! إن الواجب الديني يحتم على كل مسلم العمل بما يستطيع من مناصرة الحق وجهاد أعداء الله والدين, جهاد صدق وحق, جهادًا لله, لا لغرض آخر بل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى, جهادًا بالنفس وطلبًا للشهادة, جهادًا بالمال وبذله في سبيل الله, جهادًا بالقلم واللسان, جهادًا بالدعوات القلبية ورفع الأكف في الأسحار إلى الله الذي بيده ملكوت كل شيء الذي يقول للشيء كن فيكون.
ولكن يا عباد الله إن النصر والانتصار لا يتحقق, والدعاء لا يستجاب مالم يستكمل شروطه, وهو الإيمان بالله على الوجه الصحيح, الإيمان الحقيقي الذي وصف سبحانه أهله بقوله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقًا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم , هذا هو وصف المؤمن الحقيقي الصادق في الإيمان, أما إذا كان الإيمان بالاسم فهذا لا يجزئ شيئًا, والله لا تخفى عليه خافية, فأين الإيمان ممن يعتنق المبادئ الهدامة ويجري وراء التيارات المنحرفة ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يحافظ على صلاته وصيامه, ولا يتقيد بالأوامر الإلهية والإرشادات النبوية, لا إيمان يربطه بربه, ولا صلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر, ولا صدق معاملة مع الله تحميه من الانزلاق في مهاوي الشكوك والارتياب.
فاتقوا الله عباد الله وحققوا إيمانكم بربكم يحصل لكم الفوز المبين والنصر والتمكين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدًا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين, أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
|