أما بعد:
لا أظن أن مسلماً يشك في أن أمتنا تمر بمرحلة من الذل والهزيمة ،لم تبلغها في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي. فقد اجتمعت عليها قوى الشر من يهود ونصارى وشيوعيين وملحدين وزنادقة وعلمانيين ،وأصحاب بدع وأصحاب أهواء وشهوانيين ،وغيرهم. فرمت بسهامها عن قوس واحدة ،فأصابت الأمة في مقاتل عدة.
ومن المقاتل التي أصابت الأمة ،التخلخل ،والنكوص ،والانهزام ،والاستسلام لرغبات العدو ،والإذعان بتنفيذ أوامره ،وانتشار الفساد الخلقي ،والفساد الإداري ،وغيرها من المصائب ،حتى أصبحت الأمة لا تملك من أمرها شيئاً. فالجهاد ومقاتلة العدو الكافر الذي هو ذروة سنام الإسلام قد تعطل ،إلا في نتف يسيرة من الأرض ،بل إن الدعوة إلى الله أصبحت أمراً نشازاً حتى في بعض الأقطار الإسلامية.وأصبحت عملية ترويض الشعوب ،وإخضاعها لعدوها ،والاستسلام لها ،وبذل كل ما يطلبها منها ،هي النغمة التي تردد صباح مساء حتى تقتنع هذه الشعوب بأنه لا جدوى ولا حيلة.
أيها المسلمون: وبعد هذه المقدمة التي لا جديد فيها بالنسبة لمعلوماتكم ،فالجميع يعلم ،بل يشاهد ويرى مآسي في أمتنا.
لكن السؤال الذي ينبغي طرحه ومناقشته ،هو: ما هو دور الفرد المسلم في مجابهة هذا الواقع المؤلم؟ وأنا فرد مسلم ولوحدي ،ما الذي يمكن أن أعمله في مواجهة كل هذه القوى. إن الغارة قد تعددت أشكالها ،واختلفت أنواعها ،وإن القصف بدأ من كل ناحية ،فهل يمكن للفرد المسلم أن يمارس دوراً ويكون هذا الدور دوراً مؤثراً ،وفعالاً في ظل هذا الواقع؟ الجواب لاشك أنه نعم، وهذه الخطبة بحوله وقوته ،جواب على هذا السؤال.
أولاً: إن إحداث التغيير من الأسوأ إلى الأحسن يرتبط بمدى فهم الفرد المسلم لأهمية دوره في إحداث التغيير ،وإن الدور السلبي الذي يمارسه كل فرد من أفراد المسلمين ،إنما يعود في أساسه إلى الجهل المطلق ،لما يوجبه الإسلام على الفرد المسلم من مسؤولية تجاه مجتمعه.
أيها المسلمون: لقد وردت أحاديث كثيرة تحدد دور الفرد المسلم ،في وسط المجتمع المسلم. وترتبط معرفة هذا الدور بفهم هذه الأحاديث ،وربطها بالواقع ،والتفاعل مع مدلولها العام الشامل. ثم إنزالها على حال الأمة في هذا الزمان.
اسمع أخي المسلم إلى بعض ما خرج من مشكاة النبوة ،وهي أحاديث ،لكنها في نفس الوقت دواء لعلاج هذا المرض الذي نتحدث عنه: روى الترمذي في كتاب الفتن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس فقال: ((ألا أخبركم بخيركم من شركم؟ قال: فسكتوا ،فقال ذلك ثلاث مرات ،فقال رجل: بلى يا رسول الله ،أخبرنا بخيرنا وشرنا ،قال: خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره)) وعن أبي هريرة أيضاً فيما رواه البخاري في الأدب المفرد ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن مرآة أخيه ،والمؤمن أخو المؤمن ،يكف عليه ضعفه ويحوطه من ورائه)) وروى النسائي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ،والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم)).
أيها الأحبة: إن المعنى العام لهذه الأحاديث وغيرها ،يؤكد أن دور الفرد المسلم دور إيجابي يتفاعل مع قضايا المسلمين ،ويكون عوناً للمسلمين. فيعمل بكل جهده على تقوية ومساندة إخوانه ،ممن يعانون الظلم والاضطهاد، فعلى المسلم أن يُؤمَنَ شره عن المسلمين.وأن يحيط إخوانه ،ويكف عن مساعدة أعدائهم ،وكف اللسان واليد.
أيها الأخوة: يأخذ أشكالاً عدة إذا أحسن المسلم استعمالها فإن تأثيرها على الأعداء كبير من جهة ،كما أنها نصرة للمسلمين من جهة أخرى.
والسؤال هنا مرة أخرى: كيف يمكن للفرد المسلم أن يمارس هذا الدور المؤثر لصالح المسلمين في هذا العصر الذي أصبحت المناصرة الجهادية باليد والمال محظورة ،وباللسان ممنوعة في معظم الأقطار إلا ما رحم ربي. فنقول: بأن الفرد المسلم الواعي قادر على ممارسة الدور ،إذا استشعر المسؤولية تجاه أمته ،ثم عزم على أن يمارس دوره الفردي ،وإن كان مجرداً من أشياء كثيرة ،يظن الكثيرون أنها بدونها لا يستطيع أن يفعل شيئاً.
إن أول خطوة لممارسة هذا الدور يتمثل في معرفة أعداء الأمة الحقيقيين ،الذين يحملون الحقد والضغينة على الدين وأهله. إن هذه المعرفة وتعمقها في نفس الفرد تمثل الخطوة الأولى في ممارسة الدور. ولهذا نجد أن من ركائز الإيمان الولاء والبراء.
ومن رحمة الله بالمسلمين أنه لم يدع أمر اكتشاف أعدائهم لقدراتهم ،ولكنه سبحانه أوضح أولئك الأعداء بجلاء ووضوح لا لبس فيهما ،فقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بصريح العبارة في قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا وقوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم وقوله سبحانه: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً فاليهود وأنصارهم والنصارى وأذنابهم الذين تتركز قوتهم المعاصرة في دول الغرب الكافرة ،عموماً ،هم الأعداء الذين حذر القرآن منهم ،والذين ينبغي على كل فرد مسلم أن يحذرهم على أساس أنهم أعداء، ولا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة. وأيضاً لا يُنسى دور الفرق الباطنية.ثم إن التاريخ القديم والمعاصر أكبر شاهد على ذلك ،بل إن المصائب المعاصرة التي حلت بالمسلمين من احتلال لأراضيهم ، وانتهاك لحرماتهم ،ونهب لخيراتهم ،وتوجيه لولائاتهم، ومساندة لأعدائهم ،والسعي بكل جهد على إيجاد الظروف السياسية والاقتصادية ، لتمكين بلاد المسلمين من قبضتهم. وذلك من خلال تمكين شرذمة من المنافقين المرتزقة الذين تربوا في أحضانهم ،ورضعوا من لبانهم ،للقيام بأدوار في بلاد المسلمين ،عجزوا هم عن القيام بها مباشرة. من خلال القضاء على كل روافد ومنافع الخير للأمة الإسلامية.
أضحى لنا اليوم بين الناس من شان كي يطرد النـوم عنـه كل وسنان ولوعة عمت القاصـي مع الدانـي تمـزقت إربـاً في أرض بلقـان في أذربيجـان أو في طاجكسـتان وفـرقـة فتكـت فتكـاً بأفغـان أخســة أهـل أصنـام وأوثـان وبددت ود أصحــاب وجيـران أيدي إليهـود على أرجـاء لبنـان ومـا يلاقيـه من جـوع وحرمان في الهنـد عبـاد أبقـار وثيـران رؤوسنـا اليـوم فـي ذل وإذعان وبدلـت حينمـا نامـت بغربـان بحبلـه واحـذري مـن كل فتـان أمـا التفـرق يصلاهـا بنيـران بفرقـة واختـلافـات وأضغـان وعـلام ناصـح بالحـق ربـاني الخير فـي سـنة مُثلـى وقـرآن تجلـو الهموم وتروي صدر هيمان سلطانـه يتحـدى كـل سلطـان
|
|
نبكـي فليـس لنـا إلا البكـاءُ فما نبكـي بكـاءً يهز النفـس يشعلهـا نبكـي جراحاتنـا فـي كـل ناحيـة نبكـي فلسـطين أم نبكـي على جثث نبكي على الأهل ،في السوفيت كم ذبحوا نبكـي المذابـح فـي ألبانيـا علنـاً نبكـي علـى العرض في كشمير دنسه نبكي من الحرب في الصومال قد نشبت نبكى على الجنـة الخضـراء تحرقها نبكـي لشـعب العـراق الحـر محنته نبـكـي منـابرنـا أمـس يحطمهـا يـا للفضيحـة كـم نمشـي منكسـة باتت نسـيور بنـي الإسـلام خانعـة يا أمتـي أمّلـي فـي اللـه واتصلي يــا أمـة باتحـاد الصـف رفعتهـا واللـه لا عـزة ترجـى ولا أمـل تشبثـي أمتـي فـي كـل داعيـة الخيـر فـي عـودة للـه صادقـة نهـر الهدايـة لا زالـت منابعـه واللـه ما خـاب من يرضى بـه حكماً |
وإليك أخي المسلم بعض الأدوار التي يمكنك أن تقوم بها وأنت فرد في وسط هذه الأمواج الملاطمة:
أولاً: هناك دور يمكنك أن تقوم به ،تسميه الدور الاقتصادي ،من الذي يجبرك أن تشتري السلعة الفلانية ،لا أظن أحداً يُلزمك بذلك لو احتسب كل فرد مسلم ،وقام بمقاطعة بعض السلع التي تصدرها بلاد عدائها مكشوف لنا ،ومحاربتها للدين معلن وليس مخفى ،ألا تتوقعون أن هذا يؤثر ،بكل تأكيد أنه يؤثر.
إن هذه المقاطعة لمنتجات الدول المعلنة لمحاربة الإسلام ،وحتى مقاطعة سلع بعض أصحاب الفرق الباطنية ،لا يكلف الفرد المسلم أي جهد ماعدا تغيير نمط الاستهلاك. وإحلال سلعة مكان سعلة ،قد يكون البديل أقل جودة ،لكن هنا يظهر قوة الإيمان ،ومدى التفاعل مع قضايا الأمة ،والاحتساب ،لكن المشكلة أن كل واحد منا ،يقول: أنا فرد واحد ،وما يضر ،وما مدى التأثير لو امتنعت لوحدي ،ولو كل واحد فكر بهذه الطريقة لما تغير واقع ،ولما صلح وضع.
قضية أخرى: أصحاب الشركات والمؤسسات التي تمارس الأعمال التجارية.لو امتنعوا عن استقدام الأيدي العاملة من الجنس الكافر الحاقد ،كالهندوس مثلاً أو غيرهم ،ممن لهم مواقف معلنة ،وفي المقابل حاول أن لا يدخل بلاد المسلمين إلا المسلمين، ويستثنى من هذا ،بعض الكوادر التخصصية النادرة ،أما العمالة العادية فإنه يمكن الاستغناء عنه. وبهذا تكون قد أديت دوراً عظيماً لدينك وأمتك وأنت فرد. وإذا أضفت إلى هذا أنك امتنعت أيضاً عن الاستيراد من بعض الدول بضائعها ،ممن أعلنوا الحرب على الله ورسوله ،فإن هذا يعد عملاً جباراً منك.
أيها المسلمون: هذا دور بسيط ،لا يحتاج إلى كبير تخطيط ،ولا يحتاج إلى أن تتكاتف أنت ومجموعة للقيام بهذا الدور ،إنه من الأدوار الفردية والتي بمقدور كل مسلم أنه يقوم به.
أما إذا حصل نوع من التواصي وتكاتف الجهود وتوحيد الطاقات ،فهذا خير كبير ،ونفع عظيم للأمة ،في مواجهة ما يُدبّر لها.
نسأل الله جل وتعالى أن يبصرنا في ديننا ،وأن يعيننا على أنفسنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول قولي. . |