.

اليوم م الموافق ‏03/‏جمادى الثانية/‏1446هـ

 
 

 

أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وقصة التحكيم

353

سيرة وتاريخ

معارك وأحداث

سليمان بن حمد العودة

بريدة

30/10/1415

جامع الراشد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل الأشعريين 2- أبو موسى الفقيه 3- أبو موسى الإمام المعلم 4- ثناء عمر وثقته بأبي موسى 5- عبادة أبي موسى الأشعري 6- قدح الرافضة في الصحابة 7- تضعيف رواية عزل الأشعري لعلي في التحكيم

الخطبة الأولى

 

إخوة الإيمان: وما أجمل العيش في سير القادة العظماء، ويطيب أكثر إذا كان في مواقف وأخبار السادة النجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، هم أبر الأمة قلوبا، وأنقاها سريرة وأصلحها سيرة، ويتحتم أكثر فأكثر حين يكون ذودا عن المتهمين زورا وكذبا، وإيضاحا للحقيقة صدقا وعدلا.

أجل لقد جاء الثناء على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن، ونوه الله بذكرهم في التوراة والإنجيل فقال تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه [الفتح:29].

وفي هذه الخطبة استجلاء لشخصية أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، رضي الله عنه، الذي ربما غابت بعض مواقفه البطولية عن بعض الناس، وربما ترسخ في أذهان آخرين ما تنسبه إليه بعض الروايات التاريخية الساقطة من التغفيل والجهل بأبسط قواعد السياسة والحكم في قصة التحكيم، وهو العالم والفقيه والقاضي والوالى والقارئ والكيس الفطن، ويكفيه فخرا أن القرآن نزل في الثناء عليه وعلى قومه كما في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم [المائدة:54].

أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن عياض الأشعري قال: لما نزلت: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه[1])).

وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لأبي موسى وعمه أبي عامر الأشعري في قصة تكشف عن شجاعة وصدق أبي موسى وعمه، وطلب عمه من النبي صلى الله وسلم الاستغفار له وهو في سياقة الموت، وشملت الدعوة أبا موسى، فقد روى البخاري ومسلم – في صحيحيهما – عن أبي موسى قال: ((لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر الأشعري على جيش أوطاس، فلقى دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه، فرمى رجل أبا  عامر في ركبته بسهم فأثبته، فقلت: ياعم من رماك؟ فأشار إليه، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى ذاهبا، فجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربيا؟ ألا تثبت؟ قال: فكف، فالتقيت أنا وهو فاختلفنا ضربتين فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: قد قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته، فنزّ من الماء، فقال: ياابن أخي: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام وقل له: يستغفر لي، واستخلفني أبو عارم على الناس، فمكث يسيراً ثم مات، فلما قدمنا وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثم رفع يديه ثم قال: ((اللهم اغفر لعبدك أبي عامر))، حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال " ((اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك)) قلت: ولي يا رسول الله؟ فقال: ((اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً[2])).

إخوة الإسلام: وأبو موسى الأشعري رضي الله عنه في عداد العلماء الفقهاء أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال صفوان بين سليم – أحد فقهاء التابعين الثقات -: (لم يكن يفتي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء: عمر وعلي ومعاذ وأبو موسى(2).

وقال مسروق: كان القضاء في الصحابة إلى ستة: عمر وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد، وأبو موسى[3].

ولكفاءة أبي موسى وغزارة علمة، وحسن رأيه، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذاً في اليمن، وولي أبو موسى أمر الكوفة لعمر رضي الله عنه، وكذلك البصرة، وأحسن السيرة في أهلها حتى قال الحسن البصري: ما قدمها راكب خير لأهلها من أبي موسى[4].

ومع هذه السير الحسنة والعدل في الرعية، فلم تكن الولاية في ذهن أبي موسى وغيره من صلحاء الأمة شهوة جامحة، أو سبيلاً للاستعلاء والسيطرة.

 وهذا عمر رضي الله عنه، يطلب أبا  موسي في رهط من المسلمين بالشام ويقول له: إني أرسلك إلى قوم عسكر الشياطين بين أظهرهم، قال أبو موسى: فلا ترسلني، قال عمر: إن بها جهاداً ورباطاً فأرسله إلى البصرة[5].

وكذلك تكون رغبة الجهاد والمرابطة في سبيل الله ضماناً لموافقة أبي موسى وقبوله بالولاية.

أيها المسلمون: ويظهر الفهم الدقيق – في شخصية أبي موسى رضي الله عنه – لأمور الولاية في الإسلام، فهو الأمير والقاضي، وهو المقرئ ومعلم الناس القرآن، وهو الكيّس الفطن، وهو القائد الفاتح.

فقد قال أبو شوذب: كان أبو موسى إذا صلي الصبح استقبل الصفوف رجلاً رجلاً يقرئهم [6].

وعن أنس قال بعثني الأشعري إلى عمر، فقال لي: كيف تركت الأشعري؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن، فقال عمر: اما إنه كّيس ولا تسمعها إياه[7].

وفي مجال الفتوح، فقد افتتح في أثناء ولايته: البصرة، الأهواز، والرها، وسمساط، وفتح أصبهان[8].

ولذا كتب عمر في وصيته: ألا يقر لي عامل أكثر من سنة، وأقروا الأشعري أربع سنين(5).

هذا نموذج لولاية أبي موسى وحسن سياسته، وهو كما ترى مزيج بين الدين والدنيا، أما هذا الانشطار الغريب في الولاية بين أمور الدين والدنيا فلم يكن يعرفه أبو موسى ومن على شاكلته من ولاة المسلمين فيما مضي.

وإن تعجب – يا أخا الإسلام – من حسن سياسته وفهمه لمسؤولية الولاية والإمارة، فالعجب أشد حين تعلم شيئاً من نزاهته وترفعه عن متاع الدنيا وحطامها الفاني، فما ملك القصور والضياع ولا جمع المال والمتاع، ولم تغيره الإمارة ولا اغتر بالدنيا، كما قال الإمام الذهبي: كان أبو موسى صوماً قواماً ربانياً زاهداً عابداً، ممن جمع العلم والعمل، والجهاد وسلامة الصدر، لم تغيره الإمارة ولا اغتر بالدنيا[9].

وقال ابنه أبو بردة حدثتني أمي قالت: خرج أبوك حين نزع عن البصرة وما معه إلا ستمائة درهم عطاء عياله[10].

أولئك آبائي فجئني بمثلهم         إذا جمعتنا يا جرير المجامع

يا أخا الإسلام: وكما أن الأشعري من فرسان النهار، ومن صلحاء أهل الولاية في الإسلام، فكذلك الأشعري كان من رهبان الليل، ومن أهل الذكر والدعاء والصلاة وتلاوة القرآن، فقد روى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ويدي في يده، فإذا رجل يصلي يقول: ((اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب.

 فلما كانت الليلة الثانية دخلت مع الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد، قال: فإذا ذلك الرجل يقرأ، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتراه مرائياً  - ثلاث مرات -، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو مؤمن منيب، عبد الله بن قيس أو أبو موسى أوتي مزماراً من مزامير آل داود، قال: قلت: يا نبي ألا أبشره؟ قال: بلى، فبشرته فكان لي أخا[11])).

بل هو مؤمن منيب، تلك والله هي الشهادة العظمى، وأكرم بتزكية من لا ينطق عن الهوى، وعجبك لا ينقضي من هذا الصحابي المجاهد حتى لحظات حياته الأخيرة، وقد ورد أن أبا  موسى، رضي الله عنه اجتهد قبل موته اجتهاداً شديداً فقيل له: لو أمسكت ورأفت بنفسك؟ قال: إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من عمري أقل من ذلك[12].

توفي أبو موسى رضي الله عنه سنة أربع وأربعين للهجرة على الصحيح كما قال الذهبي[13]، رضي الله عنه وأرضاه، وألحقنا به وحشرنا في زمرته …

أقول ما تسمعون وأستغفر الله.



[1] السمتدرك 2/313 ، الطبقات لابن سعد 4/107 ، سير أعلام النبلاء 2/384.

[2] البخاري: المغازي 8/34، غزوة أوطاس ، ومسلم / 2498، في فضائل الصحابة ، سير أعلام النبلاء  2/385.

(2) تاريخ ابن عساكر 9/502، مخطوط عن : تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة 2/228.

[3] سير أعلام النبلاء وسنده صحيح 2/388.

[4] سير أعلام النبلا 2/389.

[5] سير أعلام النبلاء 2/389.

[6] ابن عساكر / 504 ، سير أعلام البنلاء 2/398.

[7] أخرجه ابن سعد ورجاله ثقات 4/18.

[8] السابق 2/390 ، 391 .

(5) ابن عساكر / 522، السابق 2/391.

[9] سير أعلام النبلاء 2/396.

[10] رواه ابن سعد في الطبقات 4/111، سير أعلام النبلاء 2/400.

[11] انظر شرح السنة البغوي 5/37، 38، سير أعلام البنلاء 2/386.

[12] سير أعلام النبلاء 2/393.

[13] سير أعلام النبلاء 2/398.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين وفق من شاء لطاعته وهداه، وأضل من شاء بعلمه وحكمته، فلا إله إلا هو، ولا رب سواه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له يمتحن الناس في هذه الحياة الدنيا، فيغتبط الصالحون ويندم المفرطون المفسدون.

 وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ربى صحابته على الإيمان والتقى، فكانوا منارات يستضاء بها في الأرض كحال النجوم في السماء، اللهم صل على محمد وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين …. وبعد:

فأي عقل لبيب وأي منطق سليم يرضي ويقنع بروايات أهل البدع والأهواء في هذا الجيل الفريد، وقاتل الله الرافضة فكم شوهوا في تاريخنا وكم حرفوا في مروياتنا.

 ولقد نال أبا موسى الأشعري رضي الله عنه من هذا التشويه والتحريف ما أصبح مادة لمن في قلوبهم مرض، فراموا تشويه تاريخ الصحابة بهدف تشويه الدين أساساً، وتأمل مقولة الإمام مالك رحمه الله في هدف الذين يقدحون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يقال: رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين[1].

ومما ذاع وشاع في التاريخ قديماً وحديثاً موقف الحكمين: أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما في قصة التحكيم بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، حين وقعت الفتة، وأن موقف أبي موسى رضي الله عنه يمثل موقف المغفل المخدوع، بينما يمثل موقف عمرو بن العاص موقف الماكر الخادع.

 إذ اتفقوا – كما تقول الرواية الساقطة – على أن يخلع كل منهما صاحبه أمام المسلمين وتولي الأمة من أحبت، فابتدأ أبو موسى وخلع صاحبه علياً، فلما جاء دور عمرو بن العاص وافق على خلع علي وأثبت صاحبه معاوية؟ فهل تليق هذه المراوغة بالصالحين من أبناء المسلمين فضلاً عن نسبتها للمؤمنين الصادقين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟

إن المقام لا يتسع للحديث عن شخصية عمرو بن العاص الإيمانية ومواقفه الجهادية، وعسى أن تتاح الفرصة لذلك قريباً.

ولكن القضية مرفوضة أولاً بميزان العقل والمنطق، فكيف يتهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بالتغفيل، وقد أرسله رسول  الله صلى الله عليه وسلم إلى زبيد وعدن، واستعمله عمر رضي الله عنه على البصرة حتى قتل، ثم استعمله عثمان على البصرة، ثم على الكوفة وبقي والياً عليها إلى أن قتل عثمان، فأقره علي رضي الله عنه، فهل يتصور أن يثق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه من بعده برجل يمكن أن تجوز عليه مثل الخدعة التى ترويها قصة التحكيم[2]؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله معلقا على حديث البخاري في بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن، قال: واستدل به على أن أبا  موسى كان عالماً فطناً حاذقاً، ولولا ذلك لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم الإمارة، ولو كان فوض الحكم لغيره لم يحتج إلى توصيته بما وصاه به، ولذلك اعتمد عليه عمر ثم عثمان ثم علي، وأما الخوارج والرافض فطعنوا فيه، ونسبوه إلى الغفلة، لما صدر منه في التحكم بصفين[3].

وكيف يسوغ أن يتهم الفقيه القاضي، والعالم المتجر بمثل هذا؟ بل ويقطع الفاروق عمر رضي الله عنه بكياسة أبي موسى، ومن هو أفضل من الفاروق في تقويم الرجال: (ألا إنه كيّس، ولا تسمعها إياه).

والقضية مرفوضة ثانياً بميزان العلم والنقد، وليس نقد السند بأقل من نقد المتن، فرواتها الذين صدروها ابتداء متهمون، وهم من أهل الأهواء والبدع، ويكفي أن فيها أبا مخنف، لوط بن يحيى، وهو شيعي محترق كما قال أهل العلم: هو مشهور بالكذب والافتراء والدس والتشويه في التاريخ عموماً، وأحداث الفتنة بين الصحابة خصوصاً.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله: ولا ريب أن غلاة الشيعة يبغضون أبا موسى رضي الله عنه لكونه ما قاتل مع علي، ثم لما حكمه على نفسه عزله وعزل معاوية، وأشار بابن عمر فما انتظم من ذلك حال[4].

إخوة الإسلام: وإذا رفضنا هذه المرويات الكاذبة لسقوطها سنداً ومتناً فما هى الرواية الصحيحة في التحكيم والتى تليق بمقام الصحابة رضوان الله عليهم، هناك رواية أخرجها البخاري في تاريخه مختصراً بسند رجال ثقاة، وأخرجها ابن عساكر مطولاً عن الحضين بن المنذر أن معاوية أرسله إلى عمرو بن العاص فقال له: (إنه بلغني عن عمرو بعض ما أكره – يعني في مسألة التحكيم بينه وبين أبي موسى الأشعري – فأته فاسأله عن الأمر الذي اجتمع عمرو وأبو موسى فيه، كيف صنعتما فيه؟ قال: قد قال الناس وقالوا، ولا والله ما كان ما قالوا، ولكن لما اجتمعت أنا وأبو موسى قلت له: ما ترى في هذا الأمر؟ قال أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. قال – عمرو – فقلت أين تجعلنى من هذا الأمر أنا ومعاوية؟ قال: إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغني عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما[5].

فأين الخداع، وأين الكذب، وأين التغفيل والمراوغة، في مثل هذه المرويات الصحيحة؟.

إن تاريخ الأمة المسلمة محتاج إلى استجلاء وتصحيح ونظر وتدقيق، وإن تاريخ الصحابة بالذات محتاج إلى تمحيص وفقه لأخذ الدروس والعبر، ومعرفة الطريق الأبلج، والمنهج الإسلامي، وكم من كنوز هذا التاريخ تحتاج إلى استخراج، وكم من عبر تنتظر السالكين إلى الله .. ويأبى الله إلا أن يدافع عن الذين آمنوا ولو كذب المنافقون، ولو تزيد المزايدون. قال تعالى: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال [الرعد:17].

أيها المسلمون: إن من أعظم الدروس التي نستفيدها من هذا الحدث، أن تدرك كيف تُروج إشاعات، وكيف تُساق جزافاً الاتهامات، وإذا كان هذا في جيل محمد صلى الله عليه وسلم، فغيرهم من باب أولى!.

فهل يتثبت المسلمون في أخبار الموتورين، وهل يتأكدون من الشائعات قبل ترويجها ... وهل نحافظ جميعاً على سمعه الخيرين من المبطلين .. وهل نزن الأمور بميزان الشرع والحق، لا بميزان الهوى والباطل … إن ذلك خليق بالمسلم الذي يقرأ قوله تعالـى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً [الإسراء:36].


[1] الصارم المسلول / 513 ، مرويات أبى مخنف / 10.

[2] أمحزون : تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة 2/266، 277.

[3] الفتح 8/62.

[4] سير أعلام النبلاء 2/394.

[5] أنظر : مرويات أبى حنف في تاريخ الطبرى : يحيى اليحيى / 408.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً