عباد الله: إن التواضع لله وخفض الجناح للمؤمنين من شيم الصالحين المتبعين، وإن الكبر والتكبر من أعمال الجاهلين والكافرين والجبابرة المتغطرسين، وإن عاقبة المتواضعين أن يرفعهم الله فوق العالمين، وعاقبة المتكبرين أن يمقتهم الله ويبغضهم لخلقه أجمعين ويجعلهم في الآخرة ذليلين وفي أسفل سافلين، قال الله تعالى لنبيه: واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ، ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً ، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ، ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم ، سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً ، أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون ، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا وأستكبروا إستكباراً ، يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين .
كفى بالقرآن واعظاً، كفى بالقرآن زاجراً، كفى بالقرآن معلماً ومؤدباً.
عباد الله: إن الله يأمركم بخفض الجناح والتواضع، وينهاكم عن التكبر على الحق وعلى الخلق، ويبين لكم عاقبة أقوام تكبروا على الحق وعلى الخلق فأهلكهم وجعلهم عبرة للمعتبرين، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقى في بطن أمه، فهل يمشي في الأرض مرحاً وخيلاء من يعلم ضعفه وعجزه وأوله وآخره وقذارة ما يحمل في بطنه؟ فهل يتعالى على الناس من يعلم أنه لا يخرق الأرض برجله ولا يبلغ الجبال بهامته؟
كيف تصعر خدك تكبراً على الناس وأنت تعلم أن الله لا يحب كل مختال فخور؟ إن المؤمن لايقلد المستكبرين الذين توعدهم الله بالعذاب الأليم والخلود في دار الجحيم، وكيف يقلدهم وهو يعلم أن النبي قال: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لايفخر أحد على أحد ولايبغي أحد على أحد))، وكيف يرضى مسلم بدار الهوان ويترك عز الدنيا والآخرة الذي وعد به المتواضعون المخبتون: وبشر المخبتين .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))، فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى .
|