إن تعظيم الإسلام النفس المسلمة والتشديد في النهي عن قتلها لا يقف عن حدود النهي عن قتل المسلم بغير حق، بل إن الإسلام أوجب الدية والكفارة على قاتل النفس المسلمة خطأ، فقتل الخطأ شرع فيه الإسلام الكفارة والدية، وهو خطأ غير مقصود، تعظيماً لحرمة النفس المسلمة التي صانها الإسلام، ووضع لها القيود للحفاظ عليها، قال الله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقة مؤمنة ودية مسلمة الى أهله إلا أن يصدقوا، فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً [النساء:92] .
قتل المسلم خطأ يدل على التشديد في حرمة النفس المسلمة فإذا كان الإسلام قد وضع هذه القيود على من قتل مسلماً خطأ فكيف بمن يزهق الأرواح البريئة متعمداً قتل الأنفس المسلمة بغير حق، كيف بمن يزرع القنابل والألغام والمتفجرات فيستهدف الأرواح المسلمة البريئة، فيقتل العشرات ويجرح المئات ويروع الآلاف من المسلمين، كيف بمن يقتل الصغير والمرأة والشيخ العجوز من غير جريرة اقترفوها إنما أشباعاً لنزواته الشيطانية، والأعجب من ذلك أن ترى من لا ضمير له ومن نزعت الرحمة من قلبه يتبنى مثل هذه الأعمال الإجرامية والوحشية البشعة، فما من حادثة تفجير تقع الا وهو يعلن مسئوليته عنها مع أن هذه الحوادث كلها إنما أستهدفت أرواح الأبرياء من المسلمين، إن من يعلن تبنيه لمثل هذه الأعمال الإجرامية إما أن يكون خارجياً يرى رأي الخوارج في إستباحة دماء المسلمين وأموالهم، وإما أن يكون رجلاً أحمق ساذجاً مغفلاً يعتبر تلك الجرائم نوعاً من الجهاد.
فأعلموا يا عباد الله أن معركتنا مع اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين. فالمسلم الغيور على دينه هو الذي يرى أن لاعصمة لمال الكافر الحربي ودمه، وأُمر المسلم بمقاتلة المشركين كافة لقوله تعالى: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة [التوبة:36]، فاذا وجدت القدرة عند المسلمين واستكملوا الإعداد وكانت بيدهم الشوكة التي تمكنهم من الجهاد في سبيل الله أمروا بمقاتلة من لا يدين بدين الإسلام من الكفار المحاربين ممن يلونهم من المنافقين والمرتدين، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة وأعلموا أن الله مع المتقين [التوبة:123]، ولا يستثنى من ذلك من الكفار إلا الذمى والمعاهد ومن أعطى له الجوار.
أما أن يجعل الإنسان هدفه المسلمين فيستبيح دماءهم وأموالهم وهم يشهدون أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويصومون ويحجون فذلك مما تبرأ منه الإسلام، ونحن براء من ذلك، وقد أثبتت الأحداث والوقائع المؤسفة التي حصلت أن بعض السذج ممن صرح أو أعلن مسئوليته عن تلك الحوادث المؤسفة أنه ليس هو وراءها!! فالعجب أن يعلن إنسان مسئوليته عن قتل الأنفس المسلمة، وهو ليس من تدبيره فأي سذاجة وحماقة أعظم من هذا فأمثال هؤلاء - لست أدري - أيحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فإن كان ذلك كذلك فتلك مصيبة، أم أنهم يتشبعون بما لم يعطوا، فإن كان الأمر على ما وصفنا فليعلموا أن رسول الله يقول: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) فالمصيبة إذاً أعظم، ثم يعتبرون ذلك نوعاً من الجهاد وهم قد جمعوا في جرائمهم تلك بين قتل الأنفس الزكية المسلمة بغير الحق وبين ترويع المسلمين وإيذائهم وهو منهي عنه قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما أكتسبوا فقد إحتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [الأحزاب:58] وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر مانهى الله عنه))، اللهم إنا نشهدك أننا براء من هذه الأفعال والجرائم ومن أصحابها.
|