.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

حرمة قتل النفس المسلمة بغير حق

1242

الرقاق والأخلاق والآداب

الكبائر والمعاصي

حسين بن شعيب بن محفوظ

صنعاء

23/5/1420

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حفظ الإسلام للضروريات الخمس. 2- القتل بغير حق من كبائر الذنوب. 3- سدّ الذرائع إلى القتل. 4- ظاهرة التفجيرات في الأماكن العمومية. 5- التحذير من التهاون في حمل السلاح. 6- وجوب الدية والكفارة في قتل الخطأ. 7- بيان جُرم الذين يثبتون التفجيرات. 8- بيان حقيقة الجهاد.

الخطبة الأولى

فإن الإسلام حافظ على الكليات الخمس الضرورية وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال ووضع الحدود والقيود التي تحافظ على هذه الضروريات الخمسة، ففي سبيل حفظ الدين تزهق الأنفس المسلمة في الجهاد في سبيل الله، لأن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس والنسل والعقل والمال، ولأجل الحفاظ على النفس حرم قتل النفس المسلمة بغير حق، وأمر بالقصاص في القتل فقال تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تفلحون [البقرة:179] وعن عبدالله بن مسعود أن رسول الله قال: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة))1، فدم المسلم حرام وماله حرام وعرضه حرام، وقد صان الإسلام الدماء والأموال والفروج، ولا يجوز استحلالها الا فيما أحله الله فيه، وأباحه، وقتل المسلم بغير حق من كبائر الذنوب، والقاتل معرض للوعيد، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قتل النفس بغير حق فقال تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق [الأسراء:33].

وحفاظاً على النفس المسلمة البريئة من إزهاقها وقتلها بغير حق نهى رسول الله عن الإشارة الى مسلم بسلاح ولو كان مزاحاً سداً للذريعة، وحسماً لمادة الشر التي قد تفضي إلى القتل، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((لا يشير أحدكم الى أخيه بالسلاح فإنه لايدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار))2، وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم : ((من أشار الى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه))، فاذا كان مجرد الإشارة الى مسلم بالسلاح نهى عنه رسول الله ، وحذر منه ولو كان المشير بالسلاح مازحاً، ولو كان يمازح أخاه من أبيه وأمه، لأنه قد يقع المحذور ولات حين مندم، فكيف بمن يقتل الأنفس البريئة ويروع المسلمين بتفجير المحلات والأسواق العامة، ويستهدف أرواح الأبرياء، فيقتل الأنفس المسلمة بغير حق، فيالها من جريمة نكراء، ويالها من بشاعة تقشعر منها الأبدان، ولقد شاعت في الآونة الأخيرة حوادث القتل والتفجيرات بشكل مخيف، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى القسوة والغلظة التي تملأ قلوب هؤلاء القتلة المجرمين، يقتلون المسلم ولأتفه الأسباب، فقست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة. فأعلموا عباد الله أن المسلم دمه معصوم وماله معصوم، ولا يجوز استباحة دماء المسلمين وأموالهم الا بحقها، بل لايجوز الإشارة الى المسلم بالسلاح، لأن الشيطان قد ينزع في يده فيقتل نفساً بخير حق، فيتحمل الوزر عند الله، ومعنى ينزع أي يرمي فيقع الفساد.

فالإشارة بالسلاح ولو مزاحاً قد يقع من وراءه القتل والفساد فكيف بمن يتعمد قتل المسلم بغير حق فإن من فعل ذلك كان معرضاً لأشد العذاب والعقاب والوعيد قال الله تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً [النساء:93]. إن الإسلام قد شدد على المسلم في هذا الأمر لخطورته فالناس قد يتهاونون في السلاح من غير مبالاة فيقع المحذور، وكم من حوادث قتل حصلت بسبب إشارة الناس بالسلاح بعضهم الى بعض، أو تعاطيهم السلاح مسلولاً غير مغمود في غمده، فالحذر الحذر يا عباد الله من التهاون في مثل هذه الأمور فإنها قد جرت للمسلمين الويلات والمصائب وأعلموا أن رسول الله ((نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً))3، فتعاطى السلاح دون أن يؤمّن، والتهاون في الإشارة بالسلاح عن طريق المزاح أقل أحواله أنه يؤدي الى جرح المسلم هذا اذا لم يؤدي الى قتله، فاتقوا الله يا عباد الله وامتثلوا لأمر ربكم وتوجيهات نبيكم ترشدوا.


1  - متفق عليه .

2  - متفق عليه .

3  - رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن – عن جابر رضي الله عنه .

الخطبة الثانية

إن تعظيم الإسلام النفس المسلمة والتشديد في النهي عن قتلها لا يقف عن حدود النهي عن قتل المسلم بغير حق، بل إن الإسلام أوجب الدية والكفارة على قاتل النفس المسلمة خطأ، فقتل الخطأ شرع فيه الإسلام الكفارة والدية، وهو خطأ غير مقصود، تعظيماً لحرمة النفس المسلمة التي صانها الإسلام، ووضع لها القيود للحفاظ عليها، قال الله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقة مؤمنة ودية مسلمة الى أهله إلا أن يصدقوا، فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة  فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً [النساء:92] .

قتل المسلم خطأ يدل على التشديد في حرمة النفس المسلمة فإذا كان الإسلام قد وضع هذه القيود على من قتل مسلماً خطأ فكيف بمن يزهق الأرواح البريئة متعمداً قتل الأنفس المسلمة بغير حق، كيف بمن يزرع القنابل والألغام والمتفجرات فيستهدف الأرواح المسلمة البريئة، فيقتل العشرات ويجرح المئات ويروع الآلاف من المسلمين، كيف بمن يقتل الصغير والمرأة والشيخ العجوز من غير جريرة اقترفوها إنما أشباعاً لنزواته الشيطانية، والأعجب من ذلك أن ترى من لا ضمير له ومن نزعت الرحمة من قلبه يتبنى مثل هذه الأعمال الإجرامية والوحشية البشعة، فما من حادثة تفجير تقع الا وهو يعلن مسئوليته عنها مع أن هذه الحوادث كلها إنما أستهدفت أرواح الأبرياء من المسلمين، إن من يعلن تبنيه لمثل هذه الأعمال الإجرامية إما أن يكون خارجياً يرى رأي الخوارج في إستباحة دماء المسلمين وأموالهم، وإما أن يكون رجلاً أحمق ساذجاً مغفلاً يعتبر تلك الجرائم نوعاً من الجهاد.

فأعلموا يا عباد الله أن معركتنا مع اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين. فالمسلم الغيور على دينه هو الذي يرى أن لاعصمة لمال الكافر الحربي ودمه، وأُمر المسلم بمقاتلة المشركين كافة لقوله تعالى: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة [التوبة:36]، فاذا وجدت القدرة عند المسلمين واستكملوا الإعداد وكانت بيدهم الشوكة التي تمكنهم من الجهاد في سبيل الله أمروا بمقاتلة من لا يدين بدين الإسلام من الكفار المحاربين ممن يلونهم من المنافقين والمرتدين، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة وأعلموا أن الله مع المتقين [التوبة:123]، ولا يستثنى من ذلك من الكفار إلا الذمى والمعاهد ومن أعطى له الجوار.

أما أن يجعل الإنسان هدفه المسلمين فيستبيح دماءهم وأموالهم وهم يشهدون أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويصومون ويحجون فذلك مما تبرأ منه الإسلام، ونحن براء من ذلك، وقد أثبتت الأحداث والوقائع المؤسفة التي حصلت أن بعض السذج ممن صرح أو أعلن مسئوليته عن تلك الحوادث المؤسفة أنه ليس هو وراءها‍‍!! فالعجب أن يعلن إنسان مسئوليته عن قتل الأنفس المسلمة، وهو ليس من تدبيره فأي سذاجة وحماقة أعظم من هذا فأمثال هؤلاء - لست أدري - أيحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فإن كان ذلك كذلك فتلك مصيبة، أم أنهم يتشبعون بما لم يعطوا، فإن كان الأمر على ما وصفنا فليعلموا أن رسول الله يقول: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) فالمصيبة إذاً أعظم، ثم يعتبرون ذلك نوعاً من الجهاد وهم قد جمعوا في جرائمهم تلك بين قتل الأنفس الزكية المسلمة بغير الحق وبين ترويع المسلمين وإيذائهم وهو منهي عنه قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما أكتسبوا فقد إحتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [الأحزاب:58] وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر مانهى الله عنه))4، اللهم إنا نشهدك أننا براء من هذه الأفعال والجرائم ومن أصحابها.

 



4  - متفق عليه .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً