.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

غض البصر

287

الرقاق والأخلاق والآداب

الكبائر والمعاصي, فضائل الأعمال

عثمان بن جمعة ضميرية

الطائف

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- ما شرعه الدين إنما هو لحفظ الإنسان وصيانة حياته. 2- خطر إطلاق النظر. 3- النصوص تأمر والرجال والنساء بغض البصر. 4- أعين لا تمسها النار.

الخطبة الأولى

أما بعد:

أيها الناس: فإنه لا بد من ضوابط لهذه الحياة، حياة المرء مع نفسه التي بين جنبيه، وحياته مع غيره من الناس.

 ويقيم الإسلام هذه الضوابط في حياة الناس ويحددها بدقة ووضوح ويربطها كلها بالله، ويكفل لها الاحترام الواجب فلا تنتهك ولا يستهزأ بها، ولا يكون الأمر فيها للأهواء المتعارضة التي يراها فرد من الناس أو مجموعة أو أمة، فهذه الضوابط والأحكام التي شرعها الله تعالى وأقامها للناس هي المصلحة الحقيقية لهم حتى ولو رأى الناس بعقولهم القاصرة شيئا غير ذلك، فالله يعلم والناس لا يعلمون، وما يقرره الله خير وأصلح مما يقررون، وليس للمسلم تقدير غير ما قدر الله، وليس له مع تقدير الله إلا الطاعة والاستسلام والرضى والثقة والاطمئنان، والإسلام يهدف إلى إنشاء مجتمع صالح نظيف يعبد الله تعالى ويجانب الرذيلة، يبث الخير ويدعوا إليه، وينهى عن المنكر ويعاقب على الفتنة والجريمة.

والله سبحانه وتعالى يضع الاجراءات الوقائية ويقطع الطريق على الفتنة عندما يمنع النظر إلى مواطن الفتنة المثيرة الداعية إلى الغواية.

يقول الله سبحانه وتعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم  ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .

أيها الناس: إن غض البصر نموذج من أساليب معالجة الفتنة والإثارة والغواية من الجانبين: وغض البصر من جانب الرجال أدب نفسي ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام، كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم، فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله في الحديث القدسي: (( النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه)).

وفي الصحيحين عن رسول الله أنه قال: ((العينان زناها النظر، والأذنان زناهما الاستماع)) وقال رسول الله : ((كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا)) وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله البجلي قال: ((سألت النبي عن نظرة الفجأة (البغتة دون قصد) فأمرني أن أصرف وجهي)) وقال لعلي بن أبي طالب: ((يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة)).

وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر، أو هو الخطوة التالية لتحكم الإرادة وتغطية الرقابة والاستعلاء على الرغبة في مراحلها الأولى، ومن ثم يجمع الله تعالى بينهما في آية واحدة: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون .

كما يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنات بغض أبصارهن وحفظ فروجهن: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .

والبصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأقرب طرق الحواس إليه، وما أكثر السقوط من جهته، ولذلك وجب التحذير منه وغضه عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال رسول الله : ((إياكم والجلوس على الطرقات، فقالوا: يا رسول الله: مالنا من مجالسنا بُد نتحدث فيها، فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه: قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)). وعن أبي طلحة قال: كنا قعودا بالأفنية (الأماكن المتسعة أمام البيوت) نتحدث فيها فجاء رسول الله فقام علينا فقال: ((ما لكم ولمجالس الصّعرات (الطرقات) فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث، فقال: إما لا فأدوا حقها: غض البصر ورد السلام وحسن الكلام)).

وقد بدأ الله تعالى في الآية فأمر بالغض من البصر قبل حفظ الفرج لأن البصر رائد القلب، وقد أمر الله تعالى المؤمنات بغض البصر عما لا يحل لهن، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة غير المحرمة عليه ولا المرأة إلى الرجل كذلك، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((كنت عند رسول الله وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي : (احتجبا منه) فقلنا: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟)).

فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد، فهو آمن من أن يتحرك طبعه إليها لوقوع اليأس له منها.

وحفظ الفرج الذي أمر الله تعالى به معناه ستره عن أن يراه من لا يحل له ومعناه أيضا عدم الزنا، فعن معاوية بن القثيري قال: ((قلنا: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك، قال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال إن استطعت ألا يراها، فافعل، قلت: الرجل يكون خليا (أي وحده منفردا) فقال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس)). وغض البصر وحفظ العين مبدأ مهم، وهو عسر من حيث إنه قد يستهان به ولا يعظم الخوف منه، والآفات كلها منه تنشأ، وزنا العين من كبائر الصغائر وهو يؤدي إلى القرب من الكبيرة الفاحشة، وإن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه.

وقال عيسى عليه السلام فيما ينسب إليه: إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة وكفى بها

    فتنة كل الحوادث مبدأها من النظر             ومعظم النار من مستصغر الشرر 

    كم نظرة بلغت من قلب صاحبها               كمبلغ السهم بين القـوس والوتـر

وقيل ليحيى عليه السلام: ما بدء الزنا؟ قال: النظر والتمني. والعبد مادام ذا طرف يقلبه في أعين العين موقوف على الخطر.

 يسر مقلته ماضر مهجته                لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

وغض البصر عبادة توجب رضا الله تعالى وترفع سخطه وعذابه يوم القيامة، فعن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله : ((ثلاثة لا ترى أعينهم النار،: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين كفت عن محارم الله)) فهذه العين التي امتنعت عن النظر فيما يجلب سخط الله لا تبكي يوم تبكي العيون من شدة الأهوال من القيامة، فقد قال رسول الله : ((كل عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في سبيل الله، وعين خرج منها مثل رأس الذباب (أي دمعت العين قليلا) من خشية الله)).

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً