إن الله سبحانه وتعالى وضع علامات ودلائل يتسنى من خلالها معرفة من يصدق في دعوى محبته للنبي ، فكل دعوة لابد لها من برهان يدل على صدقها، قال تعالى: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين وكلما كان التحقيق لهذه العلامات أكبر كانت درجة المحبة أرفع وأعظم، وأول هذه العلامات ما نبهنا عليه آنفا:
1) محبة اتباعه والأخذ بسنته: فالاقتداء بالنبي واتباعه والسير على نهجه في الدعوة إلى الله، هو أول علامات محبته ، فالصادق في حب النبي هو من تظهر عليه هذه العلامة في عبادته لله، فيحرص على أن تكون صلاته كصلاة النبي وصيامه كصيام النبي ، وكذا معاملته مع الناس، المحب للرسول هو من يحرص على التمسك بسنته وإحيائها وتقديمها على هوى النفس فلا يتصور أن يكون شخص محبا لرسول الله وهو معرض عن اتباع سنته مستهزئ بمن أقامها.
2) من علامات محبته تعلم القرآن والمداومة على تلاوته وفهم معانيه وكذا تعلم سنته وتعليمها ومحبة أهلها فعن ابن مسعود قال: لا يسأل أحد عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله.
3) محبة من أحبهم النبي من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم، فمن واجب الأمة نحو أصحاب رسول الله محبتهم والترضي عنه فهم قوم اختارهم الله وشرفهم بصحبة نبيه وخصهم في الحياة الدنيا بالنضر إليه وسماع حديثه ونصرته والذب عنه وبعد وفاته كانوا هم الواسطة بينه وبين الأمة، فقد بلغوا عن الرسول ما بعثه الله به من النور والهدى وذبوا عن هذا الدين بسنانهم ولسانهم، ومما يدل على عظم فضل الصحابة ما جاء في حديث أبي سعيد الخذري قال رسول الله : ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل حد ذهاب ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغضهم)).
فلما كان الصحابة بهذه المنزلة الرفيعة، فعلينا أيها المسلمون أن نتبعهم في محبتنا للنبي وأن نسير على نهجهم دون أن نغالي أو نبتدع، فهم الذين حققوا إيمانهم بالمحبة حكما وقاموا بمقتضاها اعتقادا وقولا وعملا، فآمنوا وصدقوا بنبوته ورسالته وقاموا بما يلزم من طاعته والانقياد لأمره والتأسي بفعله وهم مع قيامهم بهذا لم يتجاوزوا ما أمروا به من المحبة فلم يغالوا ولم يبالغوا، لأنهم علموا أنه ليس من المحبة في شيء الغلو في حقه وقدره، بل هذه المحبة تحكمها قواعد الكتاب والسنة.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يحبه ويحب نبيه وأن يوفقنا لكل عمل يقربنا إلى حبه وحب نبيه هو ولي ذلك والقادر عليه وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
|