.

اليوم م الموافق ‏25/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

الاستجابة لنداء العلماء المصلحين

1042

العلم والدعوة والجهاد

التربية والتزكية

محمد بن منصور

برج أم نايل

1/11/1354

محمد بن منصور

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- بيان سُنة الله في عباده ببعثة أئمة هداة دعاة يُجدّدون للناس أمر دينهم 2- أن الله عز وجل جعل لهؤلاء الدعاة الهداة أنصاراً أحراراً يشدّ بهم أزرهم ويُقوّي بهم ظهرهم 3- وجّه نداءً إلى المؤمنين بأن يجتهدوا في العمل الصالح وأن يَسْعَوا في اتخاذ الأسباب مع مراقبة تحقيق التوكل على الله عزّ وجل 4- ذكّر بوصية لقمان الحكيم لابنه وبيّن أهميتها 5- حضّ على التمسّك بالقرآن الكريم وتدبّر آياته 6- أوصى بالعناية بتزكية النفس وتطهيرها من الشرك والمعاصي والإكثار من الطاعات والعمل الصالح للفوز بالجنة والنجاة من النار

الخطبة الأولى

جرت سنة الله في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا أنهم كلما بعدوا عن الهدى وحادوا عن الصراط السوي لطول الأمد وقساوة القلوب بعث إليهم أئمة يهدون بأمره، ودعاة يدعون إلى دينه القويم، وصراطه المستقيم، بالبراهين الساطعة، والحجج الدامغة، وجعل لهم في كل وقت أنصاراً، رجالا أحرارا، يعشقون الفضيلة، ويتباعدون عن الرذيلة، ولا تأخذهم في الحق لومة لائم، ولا تقهقرهم ملاكمة ملاكم، يشد الله بهم أزر الهداة، ويقوّي بهم ظهر الدعاة، ليزدادوا بذلك نشاطا إلى نشاطهم وقوة إلى قوتهم الموهوبة التي خلقها الله فيهم، وجعلها ممزوجة بلحومهم ودمائهم، لا تغيرها الحوادث، ولا تزعزعها الكوارث، بل تجدهم آناء الليل وأطراف النهار مثابرين على الدعوة إلى الله وإلى توحيده والمحبة فيه، بإظهار آياته الكونية الدالة على كمال قدرته، وعجائب صنعته، وواسع رحمته، تنبيها للقلوب الغافلة، والأفكار الراكدة، ولا عجب ولا بدع أن قيّض الله لأهل هذا العصر الحاضر رجالا من أهل العلم الصحيح أخذتهم الغيرة الدينية، والعاطفة القومية حين رأوا الناس في اضطراب شديد، واختلاف ما عليه من مزيد؛ شرّه متفاقم، وموجه متلاطم، فأسرعوا إلى تلافي هذا الخطر المحدث بكيان هذه الأمة المسكينة التي رميت من كل صوب بمصائب لو نزلت على الجبال لدكّتها دكّا، أو على الجمال لحثّتها حثّا، ونادوا بصوت واحد سمعه أهل القبور في قبورهم: ألا هبّوا أيها النائمون، تنبّهوا من منامكم، وقوموا على أقدامكم، فهذا وقت وعصرٌ تحرّك فيه كل شيء حتى الجماد، فكيف لا تستيقظون أيها العباد، فقام من نومه من قام، وهب ينفض عن نفسه التراب، ويقول: هل من توبة لمن تاب؟ فقيل له: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده [ الشورى: 25]، فقم الآن للعمل وتباعد عن داء الكسل، ونبّه من غفل، ولا تكن في الأمة عضوا أشلّ فقد ورد: ((إن الله يحب العبد المحترف، ويبغض العبد البطال)).

فاعمل اليوم لتفوز غدا، وتنجو من الهلاك والردى، وتعاط الأسباب، وتوكل على الملك الوهاب، ولا تتكل على عمل غيرك، ظنًا منك أنه ينجيك، أو يقرّبك إلى الله ويدنيك، هل رأيت أحدا صعد إلى سطح دار بغير سلّم؟ هل رأيت أحدا علم من غير أن يتعلّم؟ هل رأيت أحدا حصد ما لم يزرع؟ هل رأيت أحدا بأكل غيره يشبع؟ هل رأيت أحدا وُلد له من غير أن ينكح؟ هل يُعدّ الرجل صالحا من غير أن يصلِح؟ إن الله سبحانه وتعالى ربط المسببات بأسبابها، وأمرنا أن نأتي البيوت من أبوابها، فإذا فعلنا ذلك كنّا ممتثلين أمره راجين وعده، وكان وعده مفعولا، وفضله مأمولا.

وتذكّر أيها العاقل وصية لقمان الحكيم لابنه، فقد ذكرها الحكيم العليم في كتابه الكريم بقوله: وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ووصينا الإنسان بوالديه..  [ لقمان: 13-14] إلى أن قال: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ّ [ لقمان: 15] ثم قال: يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردك فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور [ لقمان: 16-17].

فلو تمسّك الناس بهذه الوصية لأفلحوا وفازوا بكل خير من خيري الدنيا والآخرة، ومهما تأمّل الإنسان في أي آية من آيات القرآن إلا وجدها جمعت فأوعت.

و الله لـو قـام بـه العـباد            لارتفعوا إلى السما و سادوا

لكـنهم قـد تـركوا القـرآن           و طلبـوا سواه  حيث  كان

فصار حظهم حضيض الجهل            و كثـرة القول بـدون فعل

واختلـط السقيـم بالـصحيح            هل يجدْهم بيان من  فصيح

عليك  بالقول الصحيح يا فتى            فهو الذي عن الصحابة أتى

و أخـذ الأئمـة الأعــلام             بـه على حسـب ما يرام

ومخضوا الألفاظ مخضا فبدا             لكـل واحد طـريق الاهتدا

فمـا أتى عنهـم فذاك الدين             ديـن الإله حبْلـه المـتين

فـلازم درسه و بادر للعمل             وجد في الطلب واحذر الكسل

فعليك أيها العاقل بالعمل في هذه الدار التي هي دار عمل لا دار قعود وكسل، وامش ساعيا في مناكب الأرض وكل مما رزقك ربك، وأحسن إلى عباد الله كما أحسن إليك، ولا تبغ بنعمة الله الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين، قال عز وجل: فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور [ الملك: 15]، وقال: ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين [ القصص: 77].

وأعلم أن الآخرة دار جزاء للعالمين، ولا يغرّنّك المغرورون فتترك طاعة ربك وتطيعهم، فإن من يبخل ويشحّ ولا تسمح له نفسه أن يدفع إليك اليوم درهما كيف يمنحك غدا جنّة واسعة الأطراف والمدى؟ فالجنة خلقها الله للعاملين الذين يقول لهم: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، وأعد لهم عنده م لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرأوا إن شئتم، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ، فالأعمال الحسنة جعلها الله سببا في تطهير النفوس وتزكيتها، والأعمال السيئة بضدّ ذلك: وما تعمل في هذه الدار تجده هنالك، فطهّر نفسك وزكّها بالأعمال الصالحة، قال الله عز وجل: قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها أي نجا من الناس وفاز بالجنة من زكى نفسه وطهرها من الشرك والمعاصي، وكمّلها وصفّاها بالإيمان والأعمال الصالحة، وقد خاب وخسر في الدنيا والآخرة من دسّاها أي دسّ نفسه ونقصها وأخفاها في ظلمات الشرك ودياجير الكفر والمعاصي، فإن الأعمال الصالحة تكميل للنفس، وتزكية لها، وضدّها نقصان وإخفاء لها، جعلني الله وإياكم ممّن أنار الإيمان مشكاة قلوبهم، وألان اليقين من لبّهم، فالتذوا بالطاعة، وعملوا بقدر الاستطاعة.

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً