.

اليوم م الموافق ‏04/‏ربيع الأول/‏1446هـ

 
 

 

عناية الله بالعبد وآثار الإعراض عن الدين

281

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

عثمان بن جمعة ضميرية

الطائف

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- رعاية الله للإنسانية بدءاً من آدم. 2- جزاء الإعراض عن الله ودينه في الدنيا. 3- نماذج من عقوبة الله للأمم المعرضة. 4- عقوبات توعد الله بها هذه الأمة حال عصيانها.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فقد أعظم الله سبحانه وتعالى المنة على هذا الإنسان عندما خلقه في أحسن تقويم ، وكرمه وفضله على كثير من خلق تفضيلا ، وتزداد هذه الكرامة للإنسان بإنزال الوحي من الله تعالى على رسله ليأخذوا بيد البشرية إلى  حيث الهدى والنور ، إذا لا تستقيم حياتهم إلا بذلك ، ولهذا كان وحي الله تعالى ضرورة للبشر لا يستغنون عن الروح للحياة وعن النور للهداية:  وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا .

وقد تعهد الله تعالى هذا الإنسان بهذه الرعاية وهذه النعمة ورسم له طريق الخلاص والفلاح منذ اللحظة الأولى التي أهبط الله تعالى أبا البشرية أدم عليه السلام إلى الأرض ، عندما يستقيم على دين الله وشرعه وهداه ، فقال تعالى: قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم من هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .

قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

إن الإعراض عن دين الله تعالى ، والبعد عن منهج الله ووحيه ، وإن مخالفة أوامر الله تعالى، لابد أن يكون له آثار في حياة الإنسان ، ولابد أن مخالفة الإنسان جزاءه على ذلك كله إنفاذا لوعد الله تعالى وتناسقا مع سننه في الكون والحياة ، فإن القيم الإيمانية مرتبطة تماما بسنن الله الكونية ، لأنها كلها سنة الله في الأرض ، فالذنوب تهلك أصحابها ، تماما كما يهلك الوباء أهله ، فهي تؤدي إلى الدمار والهلاك على مستوى الفرد والجماعة والأمة ، إما بقارعة من الله ، وإما بالانحلال البطيء الذي ينخر في جسد الأمة ، ولذلك كانت الذنوب مؤشرا على الانهيار الحضاري ونكسته: فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين .

فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ، مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا .

وواقع الناس يشهد لهذا كله ويصدقه ، فقد كتب على هذه البشرية عندما ابتعدت عن دين الله وعندما صعدت وأعرضت عن الإيمان ، وعندما جاهرت بالمعاصي والذنوب ، كتب عليها أن يؤدي الثمن باهظا ، وأن تدفع الضريبة فادحة ثقيلة ، وآثار ذلك بارزة في كثير من الصور المفزعة الرهيبة ،في الأمراض العصبية العقلية والنفسية ، في القلق والخوف ، الخوف على المستقبل والخوف على لقمة العيش ، والخوف على النفس ، في الضياع والتيه والتخبط ، وفي نزع البركة من أيدي الناس ، واسمعوا إلى قوله الله تعالى: واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس .

فيا أيها المسلمون : إن ما عند الله تعالى الجنة والنعيم والخير والنعمة والرزق والبركة لا ينال إلا بطاعة الله وتقواه ، وتبا لأقوام يبنون حياتهم على الذنوب والمعاصي والمجاهرة بعدوان الله ثم يزعمون أنهم عباد لله مسلمون طائعون ، وينسون أنهم بذلك يمهدون الطريق للمصائب التي تحل بهم والله تعالى يقول: وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير .

فما الذي أهبط الأبوين آدم وحواء من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب إلا معصيتهما بأكلهما من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها ؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده من رحمة الله غير معصيته بامتناعه من سجدة واحدة أمر أن يسجدها (ونحن كم نخالف من أوامر الله وكم نمتنع عن سجدة وطاعة ).

وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال .؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية .؟

وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قلبها عليهم وأتبعوا بحجارة من سجيل ؟ وما الذي أرسل على قوم شعيب العذاب كالظلة فلما صار فوقهم أمطر عليهم نارا تلظى ؟

وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ، ثم نقلت أرواحهم إلى نار جهنم ، فأبدانهم للغرق وأرواحهم  للنار والحرق ، ما الذي جعل ذلك كله يحل بتلك الأقوام إلا المعاصي ، فإنها هي التي دمرت عليهم وأصارتهم إلى أسوأ عاقبة ، قال تعالى: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون .

ولذلك حذر النبي أمته من المعاصي في كثير من الأحاديث منها ما رواه عبد الله بن عمر قال كنت عاشر عشر رهط من المهاجرين عند رسول الله فأقبل علينا رسول الله بوجهه فقال : ((يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن ، وأعوذ بالله أن تدركوهن : ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين قضوا ، ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشرة المؤنة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ، ولا نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا لبضع ما في أيديهم ، وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم )).

عن أم سلمة ((إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده قلت يا رسول الله: فيهم يومئذ قوم صالحون ؟ قال : بلى ، قلت : كيف يصنع بهم ؟ قال : يصبهم ما أصاب الناس مما يصيرون إلى مغفرة من الله ولرضوان )). وهذه العقوبات النظرية القدرية على المعاصي هي واحدة من سنن الله تعالى في الكون وفي الحياة ، يراها الناس بأعينهم ويقرؤونها في كتاب الله عن الأمم السابقة الذين أعطاهم الله تعالى من كل شيء ثم وقع العذاب فجأة: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين .

حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ، كذلك ففصل الآيات لقوم يتفكرون .

أيها المسلمون : لا شيء يدفع هذه العقوبات ، ويستجلب الرحمات ويدفع السوء إلا التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه والتمسك بدينه والمحافظة على شرعه و التاريخ يعلمنا أن العرب لم يكونوا شيئا قبل الإسلام  ، فاللهم يا ذا الأمر الرشيد والعزم الشديد نسألك الأمن يوم الوعيد.

 

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً