.

اليوم م الموافق ‏19/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

حرمة مودة الكافرين

278

الإيمان

الولاء والبراء

عثمان بن جمعة ضميرية

الطائف

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- مبدأ ولاية المؤمنين لبعضهم البعض. 2- التحذير من موالاة المشركين بمحبتهم أو نصرتهم 3- الموالاة المخرجة من الملة ليس من شرطها اتباع دين الكافرين. 4- عناية الكافرين في أمة الإسلام. 5- دروس الأنبياء في الموالاة والمعاداة. 6- أمور يتحقق بها صدق الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين [المائدة 51].

لقد قرر الله سبحانه وتعالى مبدأ الولاية بين المؤمنين ، وجعل بعضهم أولياء بعض ، يتناصرون ويتعاونون ويتعاضدون ، ويتحابون فيما بينهم بمقتضى ميثاق الأخوة الإيمانية:  والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وذلك لأن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة المسلمة التي تتجمع وتتعاون لموجهة كل من يعارض الإسلام ويحارب المسلمين ويعاديهم .

والخروج عن هذا المبدأ الإسلامي الأصيل ثغرة في الإيمان ونقص ينبغي تداركه وإذا وصل إلى موالاة الأعداء ومحبتهم والتعاون معهم فإنه الخروج على قانون الإسلام أو الارتداد عنه .

ولذلك جاءت الآيات الكريمة ، يحذرنا الله فيها من أن نلقي بالمودة والمحبة إلى الكفار، أو أن نتخذهم أولياء لله دون المؤمنين حتى ولو كانوا أقرب الناس نسبا ، فقال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هو الظالمون [التوبة 23]، يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة [الممتحنة 1]، لا يتخذ المؤمنون الكافرون أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه و إلى الله المصير [آل عمران 28].

والولاية التي نهى الله تعالى عنها تعني: التناصر والتحالف مع الكافرين ، ولا تتعلق بمعنى إتباعهم في دينهم ، فبعيد جدا أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين ، فإن ذلك ردة صريحة وكفر واضح مستبين ، إنما هو ولاء التحالف والتناصر الذي قد يلتبس أمره على بعض المسلمين فيحسبونه جائزا بحكم ما يقع بين الناس من تشابك المصالح والأواصر .

ويرشدك إلى هذا المعنى أن الله تعالى أنزل على نبيه محمد صدر سورة الممتحنة في شأن حاطب بن أبي بلتعه ، وفيه نهى الله تعالى عن موالاة أعداء الله ، وما كان حاطبا متبعا للكافرين ، وإنما ألقى بشيء من أسرار النبي إلى الكفار بحكم ما كان بينه وبين القوم فأراد أن يصنع عندهم يدا ، فقد كان حاطب رجلا من المهاجرين ، وكان من أهل بدر وكان له بمكة أولاد ومال ، ولم يكن في قريش من أنفسهم ، بل كان حليفا ، ولما عزم النبي   على فتح مكة أرسل إليهم الخبر خشية منه على  أهل له بمكة،فكان ذلك موالاة لهم.

المؤمنون بعضهم أولياء بعض ، والكافرون بعضهم أولياء بعض مهما اختلفت مللهم وتباينت نحلهم ، وتعددت راياتهم ، ولن يهدأ لهم بال حتى يردوا المسلمين عن دينهم إن استطاعوا ، قال تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم . وقال: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .

ويتفق موقف أهل الكتاب من اليهود والنصارى مع موقف المشركين تجاه الإسلام والمسلمين و الواقع التاريخي كله ،شاهد صادق على ذلك والأمثلة عليه تعز على الحصر ، وحسبنا أن الله سبحانه وتعالى أعلمنا بذلك فقال: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ، وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة .

ولذلك أيها المؤمنون: كان الإيمان هو الآصرة التي يتجمع حولها المسلمون ، وكانت كلمة التوحيد ، كلمة لا إله إلا الله هي الراية التي ينضمون تحتها ، وكانت كل دعوة عداها دعوة جاهلية منتنة ، ينبغي على المسلم أن لا يعبأ بها ولا ينتصر لها ، إن النسب المصلح أو الجنس أو الوطن أو القوم أو غير ذلك من الشارات والشعارات ينبغي أن تكون الدعوة إليه ، إن كانت على أساس أنه ينضوي ويدخل تحت راية لا إله إلا الله ، وإلا فإن الإسلام بريء من ذلك .

وقد قطع الله تعالى العلاقة بين نوح وابنه ، وبين نوح وزوجته ، وبين لوط وزوجته ، وبين إبراهيم وأبيه ، وبين محمد وأقرب الناس إليه ، لقد فرقت بينهم العقيدة .

أيها المسلمون :ولئن كانت كل صور المودة والولاء للكفار على ما سبق من التحرش ، ولئن كانت ولايتهم تعني التناصر معهم والتحالف ، فإن ذلك يتخذ في عصرنا الحاضر صورا شتى عند بعض الناس ، نجد أمثلة لها في أولئك القوم الذين هم من بني جلدتنا ويتكلمون لغتنا ويزعمون أنهم على ديننا ، ولكنهم صنيعة من صنائع الكفار ، صنعوهم على أعينهم ، وربوهم تربية غربية خالصة في التفكير والسلوك فكانوا نموذجا لطليعة التغريب وأمثلة للغزو الفكري وأداة التقريب بين الكفار والمسلمين ليتيح موقف المفاصلة وكسر الحاجز النفسي بين المسلمين والكفار ، وأداة لمحاربة العقيدة السمحة .

ونجد هذا الذي أشرنا إليه في مجالات كثيرة ، نجده في مجالات التربية والتعليم ، عند الذين يريدون لهذه الأمة أن تخضع لمناهج الغرب في التربية والثقافة ، ونجد في وسائل الإعلام المتنوعة التي تسبح باسم الحضارة الغربية وتمجدها ، وتجده أيضا في التلقي عن الكفار والترويج لأفكارهم وآرائهم .

كما تجده في نشر المذاهب العلمانية اللادينية والأفكار الجاهلية ، وفي تقليد الكفار في أمورهم التافهة التي تشغل الأمة عن معالي الأمور عن الجد والعمل النافع المثمر ، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلناه ، وهذا ما حذر منه النبي : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )) وهنا جملة أمور يجب التنبيه عليها ، ليتم لفاعلها مجانبته دين المشركين والبراءة منهم ، ليتحقق الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين :

الأمر الأول : ترك اتباع أهواء الكفار في قليل الأمر وكثيره ، وقد أمرنا الله تعالى بذلك فقال: ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك .

الأمر الثاني: معصيتهم فيما أمروا به ، لأن الله تعالى نهى عن طاعة الكافرين فقال: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً .

والأمر الثالث : ترك الركون إلى الكفرة والظالمين حيث قال تعالى: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون .

الأمر الرابع : ترك مودة أعداء الله: لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم .

الأمر الخامس: ترك التشبه بالكفار في الأفعال الظاهرة مما هو من خصائصهم ، لأن التشبه في الظاهر يورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن .

فيا أيها المسلمون: عودوا إلى أنفسكم وتلمسوا فيها الإيمان وحافظوا عليه ، فإن هذا الولاء لله وللمؤمنين ، والبراء من الكفر والشرك والكافرين والمشركين ، من لوازم التوحيد ومن مقتضيات العقيدة الإسلامية ، ومتابعة النبي ومحبته: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين .

نفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم . .

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً