الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
تعددت يا بنـي قومـي مصائبنـا فأقفلت بابنا المفتوح إقفـالا
كنا نعالـج جرحـا واحـدا فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا
أيها الاخوة الكرام، لقد أدرك الأعداء أن المرأة حصن عظيم ومهم في الأمة المسلمة، وأن هذا الحصن قد ظل قرونا يحافظ على قوة المجتمع المسلم وصلابته، واهتدوا بهدى الشيطان إلى أنه متى استولوا على هذا الحصن العظيم وأصبح بأيديهم، حينئذ كَبِر على المجتمع أربعا.
لقد استفاد الأعداء مما حل بالحضارتين اليونانية والرومانية من انهيار بسبب فساد المرأة، لقد كانت المرأة في أول حضارتهم مصونة محتشمة تدبر المنزل تشغل الصوف، فاستطاعوا أن يفتحوا الفتوح ويوطدوا أركان إمبراطوريتهم العظيمة، فلما تبرجت المرأة وأصبحت ترتاد المنتديات والمجالس العامة وهي في أتم زينة وأبهى حلة، فسدت أخلاق الرجال، وضعفت ملكتهم الحربية، فانهارت حضارتهم انهيارا مريعا، نعم سقطت الإمبراطوريتان العظميان في ذلك الزمان، ولا بد أن تسقط الأمة الإسلامية سقوطا لا قيام بعده، هذا هو الهدف الاستراتيجي الذي يسعى إليه أعداء الأمة المسلمة، جاء في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون: (لقد كنا أول من صاح في الشعب بما مضى بالحرية والإخاء والمساواة، تلك الكلمات التي راح الجهلة في أنحاء المعمورة يرددونها بعد ذلك دون تفكير أو وعي، وكانت هذه الكلمات في ذلك الوقت، شيء إلى الرخاء السائد لدى المسيحيين وتحطم سلمهم وعزيمتهم ووحدتهم، عاملة بذلك على تقويض دعائم الدولة).
أيها الاخوة الكرام، إن أعداء المرأة المسلمة هم اليهود والنصارى، وأتباعهم من المنافقين والعلمانيين والنفعيين، وبالطبع فإن حملة لواء إفساد المرأة المسلمة وإخراجها من بيتها لا يمكن أن يدعو إليه إلا أبناء المسلمين الذين جعلوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنهم دعاة إلى أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب.
أيها المؤمنون، لقد تم نزع حجاب المرأة المسلمة إثر مخطط محكم ومدروس وفي ظل غفلة الأمة، تم نزع الحجاب في مصر والجزائر وأفغانستان وتركيا وغيرها، وسيناريو ـ أو قل ـ مسرحية نزع حجاب المرأة المسلمة واحدة وإن اختلفت الأسماء والأدوار.
وإليك أخي الحبيب، هذا المخطط الإفسادي لنكون جميعا على حذر، ولكي لا يخدعنا أعداء المسلمين من المنافقين والعلمانيين.
أولا: افتعال قضية، فالناس لا يتحركون بغير قضية تزعجهم وتقض مضاجعهم، ومن هنا يحرص المنافقون أن يوحوا للناس أن للمرأة قضية تحتاج إلى نقاش، ثم يستدعون الأنصار لها والمدافعين عنها، فيكثرون الحديث في وسائل الإعلام المختلفة بأن المرأة تعاني ما تعاني وأنها مظلومة وشقٌ معطل ورئة مهملة، ولا تنال حقوقها كاملة، وأن الرجل قد استأثر بكل شيء، وهكذا يشعروا الناس عن طريق الإعلام أن هناك قضية للمرأة، وإذا سئلوا عن الحل قالوا هل سيكون إقامة دعوى ضد الرجل أم ماذا؟ قالوا: لا، الحل في نزع الحجاب، لأنه هو السبب الذي جعل المرأة مظلومة والحق أن المرأة لا تعيش (في مجتمعنا) أي مشكلة، وعلاج مشاكل المرأة تكون بدعوة الرجال والنساء والكبار والصغار إلى تقوى الله، فأي أمة تتقي الله وتخافه، ـ واللهِ ـ لتعيشن السعادة في الدنيا والآخرة.
ثانيا: الإجهاض على مناعة المجتمع ضد الفساد حتى يصبح فاقدا الغَيْرة على دينه والحمية لعقيدته. ومن وسائل إضعاف المناعة ما يلي:
أ. المجلات الماجنة والصحف، فتظهر المرأة بالصورة الفاضحة والمنظر المخزي، ولست أدري كيف تصادر البضائع الفاسدة، ولا تصادر هذه المجلات التي تفسد قلوب وعقول الناس.
ب. والوسيلة الثانية: نشر الفكر المنحرف من خلال الأعمدة الصحفية أو المقابلات، حتى يعتاد الناس على سماعه مرة هنا ومرة هناك.
ثالثا: المطالبة بحرية المرأة، وأن المرأة مقيدة وأنها عبد يجب تحريره فيظهر الديوثون على أعراض أمتهم على أنهم منقذون رحماء. جاء في البروتوكول الرابع: (إن لفظة الحرية تجعل المجتمع في صراع مع جميع القوى، بل مع قوة الطبيعة وقوة الله نفسها).
رابعا: يصورون البيت ومهمة الأمومة والحضانة وقوامة الرجل بصورة بشعة، فالبيت ـ عندهم ـ سجن مؤبد، والزوج سجان قاهر، والقوامة سيف مصلت، والأمومة تكاثر رعوي، حتى تحدث هذه الدعاية ردة فعل سلبي تجاه هذه الأمور.
وأخيرا: يقولون إن العفة سلوك ينبع من النفس الطاهرة، وهذا يعني عند هؤلاء أن المرأة الراقصة مادامت نفسها طاهرة فهي عفيفة، أما المحجبة فلو كانت نفسها غير طاهرة فليست بعفيفة، هكذا يقلبون الموازين رأسا على عقب.
أيها الأحبة الكرام، هل تعلمون ما نتائج هذه الدعوة؟ إنهم يدعون إلى استجلاب غضب الله ـ تعالى ـ على المجتمع ونزول العقوبة به: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ.
وإذا نزلت العقوبة فمن ذا يدفعها؟ ومن ذا يردها؟
ويدعون إلى إفساد أخلاق أبنائنا وبناتنا، ودفعهم إلى الفواحش المرحمة بأنواعها يدعوننا إلى تحطيم الروابط الأسرية وانعدام الثقة بين أفرادها وتفشي الطلاق إنهم يدعون إلى انتشار الأمراض الفتاكة قال : ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا)). نعم لقد حرص المنافقون والعلمانيون على إفساد المرأة باسم التحرير، وإذا نزل بنا البلاء وتقطعت منا الأشلاء فلن ينفعنا تباكي أعداء المجتمع على المرأة.
يريدون هدم صروح الفضيلة، يريدون هدم المعاني الجميلة، يريدون وأدك والنفس حية، أنا لست أقبل هذا الهراء، وهذا العداء، فهيا اخرصوا أيها الأدعياء، فأنتم دعاة الهوة والرذيلة. لقد جرب اغرب ما تدعون، فهاهم لما زرعوا يحصدون حصاد الهشيم، ترى البنت تخرج من بيتها، قبيل البلوغ، فترجع تحمل في بطنها نتاج اللقاح، فنجهضه لتعيد اللقاء وتدعه ليلاقي أبناء أعباء الحياة وحده فتلقيه في ملجأ أو حضانة، فيبحث عن أمه أو أبيه، لكي يطعموه لكي يرحموه لكي يمنحوه الحنان الكبير لكي يرضعوه، فينأ يحمل حقدا دفينا لكل الوجود. أهذين الحقوق كما تزعمون؟ فأُفٍّ لكم ولما تدعون.
ألا صلوا وسلموا...
|