.

اليوم م الموافق ‏03/‏جمادى الثانية/‏1446هـ

 
 

 

دروس من سورة يوسف عليه السلام

898

التوحيد, العلم والدعوة والجهاد

أهمية التوحيد, القرآن والتفسير

عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري

المدينة المنورة

قباء

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

معالم ملة التوحيد – أنواع التوحيد – الكفر بالطاغوت أولاً – التوحيد وسورتي : ( الكافرون – الإخلاص )

الخطبة الأولى

أما بعد:

فقال الله تعالى حكاية عن نبيه يوسف عليه السلام: واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون [يوسف:38].

هذه حلقة أخرى من دروس هذه السورة العظيمة نحاول فيها أن نتعمق أكثر في معاني هذه الآية الكريمة وكلام ربنا معجز يا له من كلام معجز لو كان البحر مدادا له ما نفدت معانيه ولا انتهت عجائبه ولو نفد البحر. فما هي الملة التي أشار إليها يوسف عليه السلام وبين أنها دينه ودين آبائه الأنبياء إنها ملة التوحيد ولذلك بادر يوسف الصديق عليه السلام وسارع إلى نفي الشرك نفيا قاطعا شاملا يقضي على سائر أنواعه صغيرها وكبيرها ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء أي شيء فهذا الأسلوب يفيد عموم النفي يفيد عموم النفي إما أن يكون النفي لسائر أنواع الشرك أي ما كان لنا أن نشرك بالله أي نوع من أنواع المشرك لا ملكا ولا جنيا ولا إنسيا ولا صنما وإما أن يكون النفي للوصف للمصدر أي ما يحق لنا أن يقع منا أي نوع من أنواع الإشراك فهذه الملة ملة التوحيد هي ملة الأنبياء جميعا الملة البيضاء النقية من شوائب الشرك والوثنية ولنتحدث اليوم عن بعض معالمها وأركانها الأساسية فقد ثبت عن سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في سنة الفجر قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد [1]وكذلك يقرأهما في سنة المغرب[2] فكان صلى الله عليه وسلم يفتتح يومه بهاتين السورتين ويختتمه كذلك بهما فما هو السر في ذلك، السر في ذلك أن هاتين السورتين العظيمتين تضمتنا موجز عقيدة هذه الملة وجوهرها فعقيدة الإسلام بنيت على عقيدتين إحداهما نفي والأخرى إثبات أما النفي فتمثله قل يا أيها الكافرون فهذه السورة فيها البراءة من الشرك وأهله وفيها المفاصلة بين الموحدين والمشركين ولذلك سميت سورة البراءة من الشرك هذه السورة قل يا أيها الكافرون تضمنت رفض الشرك وتضمنت البراءة من أهل الشرك  قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم [سورة الكافرون]. والنفي فيها تعلق بأمرين عجيبين تعلق بالفعل لا أعبد ما تعبدون وهذا السر فيه لنفي وقوع الفعل وحدوثه الذي هو الشرك وتعلق باسم الفاعل ولا أعبد ما تعبدون في قوله ولا أنا عابد ما عبدتم وهذا السر فيه في نفي الوصف معنى ذلك كله أنه لا يحق لنا أن يقع معنا فعل الشرك ولا يحق لنا أن نتصف بوصف الشرك فهذه السورة العظيمة تمثل إذن الدعامة الأولى من دعائم هذه الملة والركن الأول من ركني هذه العقيدة عقيدة التوحيد ألا وهي دعامة النفي والبراءة وأهله وهذا النفي هو مضمون النصف الأول من كلمة التوحيد (لا إله) هذا هو النصف الأول من كلمة التوحيد الذي يتضمن النفي ولكن النفي وحده لا يكفي ولذلك جاءت الدعامة الثانية ألا وهي الإثبات الذي هو مضمون النصف الثاني من كلمة التوحيد إلا الله وهذه الدعامة الثانية تمثلها سورة الإخلاص قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [سورة الإخلاص]. فإلهنا الذي نعبده ولا يشاركنا في عبادته الكافرون يتصف بهذه الأوصاف فهو الإله الواحد الذي (لم يلد) فيكون له فرع (ولم يولد) فيكون له أصل وليس له كفوا أحد فيكون له شبيه أو نظير بل هو الصمد أي هو الذي جمع صفات الكمال كلها فهاتان السورتان انتظمتا نوعي التوحيد المطلوبين من كل مكلف الذين هما جوهر هذه الملة وجوهر هذه العقيدة ركني التوحيد أولهما توحيد المعرفة والإثبات الذي تضمنته سورة قل هو الله أحد وثانيهما توحيد الإرادة والقصد أو توحيد العبادة الذي تضمنته سورة قل يا أيها الكافرون فلا بد من الإخلاص في التوحيد بكلا نوعيه وعلى كل مسلم يريد النجاة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم أي سليم من الشرك على كل مسلم أن تستقر عقيدة التوحيد في قلبه لكن قبل ذلك لا بد أن يفرغ قلبه وينقي قلبه من شوائب الشرك والوثنية فالتخلية والتنقية قبل التحلية البراءة من الشرك أولا قبل التوحيد الكفر بالطاغوت أولا وقبل الإيمان قال تعالى: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها [البقرة:256]. من عجائب هذا القرآن أن معنى قوله تعالى حكاية عن يوسف الصديق عن نبيه يوسف ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [يوسف:38]. نفس المضمون والمعنى في قوله: لا أعبد ما تعبدون وفي قوله: ولا أنا عابد ما عبدتم ففي قوله: لا أعبد ما تعبدون نفي لحدوث الفعل الذي هو الشرك وفي قوله: ولا أنا عابد ما عبدتم نفي للاتصاف بهذا الوصف الذي هو الإشراك فلا يحق لنا أبدا نحن عبيد الله وخلقه أن يحدث منا ويقع منا الشرك به سبحانه كما لا يحق لنا أن نتصف بوصف الإشراك فإن الشرك ظلم عظيم في حق الإله الواحد الأحد ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء أي شيء .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


 



[1] مسلم كتاب صلاة المسافرين (726).

[2] سنن الترمذي (431)، النسائي (992)، ابن ماجة (1166).

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيا أيها الناس اتقوا الله واعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأطيعوه ولا تعصوه فإن من أطاعه سبحانه وتعالى نجا وسلم ومن عصاه فقد هوى وهلك.

أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

يا ابن آدم أحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا))[1]، اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعيين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.



[1] صحيح مسلم (408).

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً