أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وإن خير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن ما شئت فكما تدين تدان. صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا على النبي وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلي الله عليه وسلم ((من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشراً )). وبارك على محمد وعلى آل محمد. كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعلى آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين .
وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال ((المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والذي إذا أشرف على طمع تركه لله تعالى)). فهذه درجات المؤمنين كما وصفها سيدنا المصطفي وهي درجات كما ترونها كلها درجات لا يقوى عليها إلا أولو العزم أصحاب الإيمان الصادق الراسخ. حتى الذي يكف شره عن الناس يكف لسانه ويده لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا إذا كان صاحب الإيمان صادق راسخ حتى الذي إذا وقف أمام المغريات أمام بهارج الدنيا الزائلة الزائفة من أموال ومناصب ونساء وملذات وبهارج زائفة. إذا وقف أمام هذه المغريات ثم أعرض عنها طاعة لله ورسوله لا يفعل ذلك إلا من كان ذا إيمان صادق راسخ نقول هذا ونحن نرى أكثر الناس يتكالبون على متع الدنيا ويلهثون وراء بهارجها حتى أشغلتهم عن ذكر الله عز و جل أنستهم الله، أنستهم الدنيا ربهم عز وجل وأنستهم ذكره سبحانه وتعالي. يلهثون وراء متع الدنيا الزائفة الزائلة حتى إذا ما جاءت المحن وكشرت عن نابها فزعوا وتحيروا وزاغت منهم الأبصار وذهبوا يعدون العدة للانهزام وللفرار بأموالهم وأنفسهم وما هذا إلا لأن قلوبهم خواء ليس فيها من الإيمان شئ أو لأن الإيمان الذي في قلوبهم ضعيف جداً لا يصمد أمام هجمات الشك والارتياب وأمام هجمات الشبهات والشهوات وأمام مخوفات المحن والفتن والله تعالي يقول إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ومظاهر الارتياب في حياتنا لمعاصرة نحن المسلمين ما أكثرها وسوف نستعرض بعضها إن شاء الله تعالى في الخطب القادمة .