الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن شأن المؤمن كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)), نعم هذا هو حال المؤمن وهذا هو شأنه قوي ثابت في كلا الحالين في الرخاء وتوافر النعم هو شاكر لربه ذاكر لربه لا ينسى ربه عز وجل ولا ينسى القيام بحقه وإن كانت هذه أصعب من الأخرى فإن الرخاء من طبائعه وعاداته أنه ينسي ويطغي. وفي الضراء عند تكالب المصائب والنقم تجد المؤمن صابراً قوياً محتسباً لأنه موقن بأن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره والله عز وجل لا يقضي إلا بالحق ولا يقدر شيئاً إلا لحكمة وفي هذه الأيام نعيش جميعاً في حزن وأسى لما أصاب العرب والمسلمين وقد فزعنا ببغي الإخوان وعدوان الجيران وهو أشد مرارة ومصابة في النفس من البغي والعدوان لو جاء من العدو الصريح, إنها هجمة جاهلية تدفيها دسائس أجنبية فبعد سقوط قبلتنا الأولى في يد ذلك العدو الصهيوني البغيض بدأت الآن بوادر المرحلة الأخرى وهي مرحلة خطيرة جداً المستهدف فيها أهل الإسلام والإيمان المقصود منها إشغالهم عن عدوهم الحقيقي وتمزيق صفوفهم وتمزيق كلمتهم، إن أعداء الإسلام والمسلمين لا تنتهي أطماعهم عند حد والمسلمون اليوم والعرب على وجه الخصوص يعيشون في انحطاط وتدهور سياسي نتيجة تكالب الأعداء وفساد النفوس وضعف الإيمان، تكالب الأعداء علينا من كل جانب وتسلطوا علينا وعلى مقدراتنا ولا ينجينا من هذه الشرور وهذه الفتن إلا يقظة إيمانية وصحوة إسلامية وأن نعود إلى ديننا ونهب هبة واحدة، هبة الإيمان في وجه عدونا وفي وجه أذنابه الذين كلما خمدت فتنة أوقدوا فتنة أخرى وكلما أطفأ الله ناراً للحرب أشعلوها، لا ينجينا من هذه الفتن والشرور إلا اليقظة الإيمانية والصحوة الإسلامية وأن نعود إلى ديننا ونلجأ إلى ربنا عز وجل.
أيها المسلمون استعدوا للدفاع عن أنفسكم وعن أموالكم وعن أعراضكم وعن حياضكم وعن دياركم، إذا كنتم قد نسيتم ذلك الأمر الإيماني، ألم يأمركم ربكم من قبل فقال سبحانه وتعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [الأنفال:60]. فإذا كنتم نسيتم ذلك فتذكروه الآن فها هي مصائب الزمان تذكركم بذلك وتنبهكم إلى أنكم يجب عليكم دائماً أن تضعوا هذا الأمر الإلهي نصب أعينكم في حياتكم, وأعدوا هذا الأمر الإلهي يجب علي المسلمين جميعاً أن يجعلوه نصب أعينهم دائماً, إذا كنتم قد نسيتم هذا الأمر الإلهي فتذكروه الآن وأعدوا أنفسكم فإن المؤمن الحقيقي دائماً لا يخلو من أحد حالين إما جهاد وإما إعداد للجهاد. لكن الفرق بين المؤمن وغيره أن المؤمن جهاده عن رسالة ودفاعه عن دين.
أيها المسلمون استعدوا للقاء عدوكم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ولكن إذا لقيتموهم فاصبروا)), وهل هناك أشجع وأقوى وأثبت وأصبر من المسلم المؤمن القوى الإيمان عند اللقاء ولكنه مع ذلك ليس من دعاة الفتن ولا من هواة الحروب لكنه إذا اضطر إلى اللقاء فما أصبره علي ذلك وما أثبته على ذلك لأنه موقن بأنه لا يخلو من أحد مصيرين إما جنة عرضها السماوات والأرض وإما نصر مؤزر.
فنسأل الله تعالى أن يقينا شرور أنفسنا وأن يقينا من شرور أعدائنا وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يلهم ولاة أمورنا رشداً ويعينهم وينصرهم على ما فيه صلاح الأمة والدفاع عن الدين.
اللهم أصلح حال المسلمين. اللهم اجمع كلمتهم على الحق وألف ذات بينهم وردهم إلى دينك رداً جميلاً وادرأ عنا مكائد الكائدين وشرور المفسدين يا رب العالمين.
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله علي الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا علي خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا)). اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارضى اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.