الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: أعداء رسول الله اليوم هم أعداء سنته وخصوم شريعته. أعداء سنته الذين ناصبوها العداوة وحاربوها بالبدعة، وخصوم شريعته الذين ناصبوها العداوة وحاربوها بالقوانين البشرية الوضعية، أما أعداء سنة المصطفى فإنهم يتصورون بصور ثلاث ويتشكلون بأشكال ثلاثة:-
أولهم: من جاهر بإنكاره سنة النبي المصطفى ، أنكرها جملة وتفصيلاً وقال: يكفينا القرآن. هذا من أخبث أعداء رسول الله هو ومن أنكر نبوة المصطفى سواء، وقد حذر النبي من ذلك فقال: ((لا ألقين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول لا نجد هذا في كتاب الله)).
وثانيهم: ذلك الذي لا يجاهر بإنكاره للسنة النبوية من حيث المبدأ، لا ينكرها جملة وتفصيلاً لا يظهر ذلك لكنه يشكك فيها من جهة ثبوتها ويعارض بينها وبين القرآن، يزعم أنها تضارب القرآن وتعارضه، هذا أيضًا من أخبث أعداء المصطفى وإن لم يظهر جحوده وإنكاره للسنة النبوية إجمالاً وتفصيلاً فإن تشكيكه في ثبوتها هو في مثابة الإنكار والهدم لسنة النبي المصطفى ، وأعنى الذي يشكك في ثبوت السنة النبوية من حيث المبدأ وليس في حديث أو حديثين أو بعض الأحاديث عن فقه أو عن علم وإنما ذلك الذي يطعن في ثبوت السنة من حيث المبدأ، هذا من أخبث أعداء المصطفى فإن الله عز وجل تكفل بحفظ القرآن الكريم، ومن لوازم حفظ هذا القرآن حفظ سنة النبي التي هي شارحة له، شارحة للقرآن ومبينة له. فمن لوازم حفظ القرآن الكريم حفظ السنة النبوية.
وثالثهم: أولئك الذين يصادمون السنة بالبدعة، أولئك الذين يعارضون سنن المصطفى بالبدع ومن ابتدع شيئًا في الدين فقد اتهم سيدنا رسول الله بأنه لم يبلغ جميع رسالات ربه، سواء شعر بذلك أم لم يشعر، لأن الابتداع في الدين معناه أن يعتقد في أمر من الأمور أنه دين تتعبد به ربنا عز وجل وتتقرب به إلينا فإذا اعتقدت في أي أمر من الأمور أو فعل من الأفعال أو قول من الأقوال أنه دين وعبادة تتقرب به إلى الله عز وجل دون أن يثبت ذلك عن النبي المصطفى فأنت بلسان حالك وإن لم يكن بلسان مقالك كأنك اتهمت الحبيب المصطفى بأنه لم يبلغ جميع رسالات ربه. ورسول الله قد بلغ أمر ربه أكمل البلاغ، وأدى الرسالة أتم الأداء لم يترك صغيرة ولا كبيرة من أمور الدين، ولا من أمور العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، إلا بينها لأمته فأكمل البلاغ وأدى الأمانة وشهد له ربه بذلك حين أنزل عليه قوله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة:3].
فهذه الآية إخبار من الرب عز وجل بأن الرسول قد أكمل البلاغ وأتم الرسالة وأن الدين قد كمل وأن النعمة قد تمت فالحمد لله رب العالمين، فإياك يا محب رسول الله إياك والبدعة احذر منها وجانب أهلها فإن أهل البدع أعداء رسول الله وخصماؤه.
أما أولئك الذين حاربوا شريعة سيدنا محمد ناصبوها العداء وحاربوها بالقوانين الوضعية وبذلوا في ذلك كل الحيل والوسائل من سابق تصميم وإرادة هؤلاء لا أدري ما هو حظهم من الإسلام وقد أنزل الله عز وجل في رجل رفض حكمًا واحدًا من أحكام رسول الله حكمًا واحدًا فقط عانده ذلك الرجل ورفضه من أحكام رسول الله فأنزل فيه قوله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا [النساء:65].
فذلك الرجل الذي رفض حكمًا واحدًا في مسألة واحدة من أحكام سيدنا رسول الله نفى الرب عز وجل عنه الإيمان إلا أن ينقاد ويرضى ويسلم لرسول الله فما هو من شأنه أن يرفض كل ما جاء عن رسول الله من شرائع وأحكام جملة وتفصيلاً ما أبعده عن الإيمان.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.
واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وإن كنتم قلة على ذلك.
يا بن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تُدان، ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علىَّ وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
|