أما بعد:
أيها المسلمون!
قد يقول قائل: إن شيعة اليوم معرضون عن الخلافات القديمة التي وقعت بين أسلافهم وأهل السنة، حريصون على وحدة المسلمين!!
ولكن قائل هذا قد جانب الصواب؛ فشيعة اليوم أكثر سوء من شيعة الأمس، ومذهبهم ما قام في الأصل إلا لنقض عرى الإسلام، وزعزعة أركان هذا الدين، وإشاعة الفرقة بين المسلمين، والفتك بهم إذا تمكنوا من ذلك.
عباد الله!
ومن عرف الدور الذي قام به ابن العلقمي الوزير الرافضي من الفتك بالمسلمين؛ فإنه لا يستغرب ما وقع حول الحرم المكي الشريف؛ فإن الذي جرى حول الحرم المكي لم يكن مظاهرة، وإنما كان مؤامرة، ولم يكن مجرد مسيرة نظمها الحجاج الإيرانيون في مكة كما أرادوا تصويرها، وإنما كانت محاولة واضحة ومكشوفة لتوسيع نطاق حرب الخليج، وهي محاولة خطط لها النظام البائس في طهران، وأرادو نقل الاضطرابات إلى قلب الجزيرة، وهز الأمن والاستقرار.
لقد آن الأوان لإسقاط القناع الزائف عن وجه الثورة الإيرانية، وحان الوقت لكشف حقيقة الحرب بين إيران والعراق؛ فهذه حراب فارسية عربية، والإسلام منها براء، وليس الإسلام هو الذي يؤجج مشاعر الإيرانيين بقدر ما تشعلها النصرة الفارسية، وإحياء تلك النعرة الخطيرة بدأ قبل الثورة الإيرانية، التي لا أريد أن ألوث أسماعكم بزعمائها، وقبل سقوط الشاه بوقت، حينما نظم الشاه قبيل سنوات قليلة من سقوطه احتفالات ضخمة ومهرجانات هائلة لإحياء ذكرى قورش ( عظيم من عظماء فارس )، دعا عدداً كبيراً من خارج إيران للحضور، وقدم للحضور لحم الطاووس؛ احتفاء بهذه المناسبة.
وسقط الشاه، وبقيت النعرة التي أيقظها، نعرة أهل فارس وبقايا الإمبراطورية الفارسية التي أسقطها الإسلام قبل أربعة عشر قرناً من الزمان وكأنها كانت إمبراطورية من القش.
وعندما قامت الثورة الحالية، واشتغلت إيران في حربها مع العراق؛ ركب زعماء الثورة موجة الفارسية العاتية في مشاعر الإيرانيين، وراحوا يصبغونها بالإسلام، ويجعلون من هذا المزيج القوي دافعاُ يجعل الإيرانيين يتسابقون إلى ساحات القتال؛ رافعين الصور…
وحتى نتأكد أن ما جرى حول الحرم إنما هو مؤامرة، وأن الذين نفذوها لم يقدموا من أجل الحج؛ علينا أن ننظر إلى تلك الأعلام الكثيرة والسكاكين واللافتات وغيرها، بل لقد نشرت جريدة عكاظ في عددها الصادر يوم الأربعاء الثامن عشر من هذا الشهر (ذى الحجة)، نشرت صورة لبطاقة دعوة مطبوعة، وزعها عملاء في المشاعر، أنقل ما فيها لكم بنصها:
كتب في أعلاها: بسم الله تعالى؛ تعظيماً لشعائر الله، وإحياء لسنة رسول الله، ندعوكم أيها المؤمنون للاشتراك في مسيرة البراءة من المشركين، الزمان: يوم الجمعة السادس من ذي الحجة (1407 هـ)، الساعة الرابعة والنصف عصراً، المكان مكة المكرمة، ميدان المعابدة.
كتبوا بسم الله؛ ذراً للرماد في العيون، استخدموا اسم الله فى الدعوة إلى العدوان.
ثم إن مسيرة من المؤمنين تكون في بلاد المشركين،فانظر كيف يعبدون زعماءهم ويطيعونهم في تحليل ما حرم الله من انتهاك حرمة البلد في الأشهر الحرم في البيت الحرام، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباُ من دون الله.
ثم ادعوا باطلاً أن عملهم الإجرامي هو اتباع لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والرسول يقول فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: ((أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم،ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)).
وزعموا أن عملهم هذا تعظيم لشعائر الله؛ فمتى كان تعظيم شعائر الله بانتهاك حرمة بيته وحرمة أشهره الحرم وحرمة عباده المسلمين؟! إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
وليس الخبر كالعيان؛ فلقد نشرت الصحف صوراً لتلك الفتنة كاملة، صوراً تستفز المشاعر إلى أقصى درجة، تجمع هائل ملأ ساحات مكة المكرمة، وروعوا الآمنين، ودهسوا الأبرياء تحت أقدامهم، وأساءوا إلى قدسية المكان، من مكان تجتمع فيه القلوب، تتجه إلى الله العلي القدير بالدعاء وطلب المغفرة، تأتي إليه من كل فج عميق؛ ليحولوه إلى مشهد دام ومأساوي؛ فأي إيمان لمن فعل هذه الأفاعيل؟!
عباد الله!
إن أي عاقل لا يمكن إلا أن يدرك أن وراء هذا السيل الجارف من البشر خططا إرهابية وأهدافاً عدوانية ضد المسلمين ومقدساتهم.
عباد الله!
إن السؤال الذي يملأ نفس المسلم بالمرارة والأسى والذهول: أيمكن لمن يحرقون القرآن، ويكذبون على رسول الله ، ويسبون أصحابه، ويجعلون الكذب من دينهم؛ أيمكن لمن يقفون هذه المواقف أن يكونوا مسلمين؟!
عونك اللهم! فإن الجواب رهيب.
اللهم! آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة يا رب العالمين !
اللهم! ومن أراد المسلمين بسوء؛ فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره يا رب العالمين !
اللهم! أهلك سلائل المجوس، واجعل شر ما صنعت أيديهم في نحورهم يا رب العالمين!
اللهم! زلزل ملكهم، ودمرهم تدميراً.
اللهم! إن زرعهم قد نما؛ فقيض له يداً من الحق حاصدة
اللهم! ردنا إليك رداً جميلاً
اللهم! اهد ضال المسلمين
اللهم! أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً؛ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك سميع الدعاء.
اللهم! صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عباد الله!
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون .
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
|