.

اليوم م الموافق ‏03/‏جمادى الثانية/‏1446هـ

 
 

 

الجهاد

669

العلم والدعوة والجهاد

القتال والجهاد

هاشم محمد علي المشهداني

الدوحة

الريان الكبير

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل الجهاد في سبيل الله. 2- غاية الجهاد الإسلامي. 3- الذل عاقبة ترك الجهاد والتشاغل عنه. 4- سمات المجاهدين الصادقين.

الخطبة الأولى

كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة:216].

القتال فريضة كفريضة الصلاة والصيام، ومن أعداء الله من لا يفقهون إلا لغة القتل والقتال وقد شرع الله تعالى الجهاد إعلاء واستعلاء لكلمة الله سبحانه، واستعلاء للمؤمن على ركام الأرض.

فما الجهاد؟ ولماذا تركت أمتنا الجهاد؟ وما سمات المجاهدين؟ وما الذي نحذره في جهادنا؟

أما الجهاد لغة: بذل الإنسان جهده وطاقته .

اصطلاحا: هو الإعلاء لكلمة الله تعالى والتمكين لدينه في الأرض.

الجهاد أفضل عمل يتقرب به العبد لربه لحديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله والجهاد في سبيله))([1]).

والرهبنة والاعتزال وترك الكفر يجول ويصول أمر لا يقره إسلامنا للحديث: مر رجل من أصحاب رسول الله بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته فقال :لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله فذكر ذلك لرسول الله فقال: ((لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة))([2]). والفواق: هو ما بين الحلبتين.

البعيد من الجهاد قريب من النفاق للحديث: ((من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق))([3]).

باب الجهاد باب مفتوح إلى الجنة للحديث: ((اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))([4]).

وكتب ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض من ساحات الجهاد بطرسوس والفضيل في رحاب البيت الحرام مقيم يقول له في سنة سبعين ومائة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا وهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب

فما زاد الفضيل إلا أن بكى وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني([5]).

وأما لماذا الجهاد؟ فلابد من الجهاد:

لأن إسلامنا إعلان لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، والمسلم مأمور بتبليغ دعوة الله إلى الناس كل الناس، وأي قوة تقف عقبة دون وصول هذا النور يجب أن تزال بالجهاد قال تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله [البقرة:193].

لأن الجهاد هو المحك الذي يتميز من خلاله الصادق من الكاذب، ومن جاء لآخرة ومن جاء لدنيا، وهذا الذي جعل الصف المسلم على عهد رسول الله متميزا واضحا، لا غبش فيه، فلا يرقى الأدعياء ولا صناع الكلام إلى درجة التوجيه والمسؤولية قال تعالى: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون [التوبة:126]. قال ابن كثير عن قتادة: (أي يختبرون بالغزو في السنة مرة أو مرتين)([6])، وفقدان الجهاد، وبعد الصف المسلم عنه، أفقد الصف المسلم صفاءه، ووضوحه، وتميزه وأصبح فيه من ليس أهلا بل هو سبة على الإسلام وأهله، وارتقاء الجبناء بعث للجبن والخور، ولكن كل هذا يحاط بالمبررات الشرعية، ومصلحة الإسلام، والحكمة التي لا يعلمها أحد سواهم .

وأما لماذا تركت أمتنا الجهاد؟

فإن منزلة الجهاد لا يرقى إليها إلا من عظمت الآخرة في قلوبهم وهانت الدنيا في أعينهم أما والحال قد انقلب، فعظمت الدنيا وهانت الآخرة في القلوب، وأصبح الحرص على الحياة أي حياة مهما كانت، وذلك هو الوهن وهو حب الحياة وكراهية الموت، الداء الذي انتشر في الأمة فأفقدها رجولتها، وغيرتها، ورغبتها إلى معالي الأمور وفي الحديث: ((إذا تبايعتم بالعينة (اشتغلتم بالبيع والشراء وقيل: نوع من البيوع المنهي عنها) وأخذتم أذناب البقر(أي اشتغلتم بالرعي والحرث والأعمال التجارية) ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا (ضعفا وامتهانا) لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))([7])، وهذا الذي حذر منه عمرو بن العاص في قوله عندما سأله رجل: من المرتد على عقبه؟ فقال: (رجل أسلم فحسن إسلامه وهاجر فحسنت هجرته، وجاهد فحسن جهاده ثم مضى إلى أرض يزرعها وترك جهاده فذلك هو المرتد على عقبه).

وكثيرون هم الذين لا يفهمون أن الجهاد والصبر على تكاليف الطريق لا يفرع مرا ولا حالا(ما معنى هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟).

ميوعة الصف المسلم وانطفاء جذوة الجهاد فيه، حيث أصبح الكثيرون يخضعون منهج الله لأهوائهم، فيأخذ منه ما يناسب هواه ويدع ما لا يناسبه كأن يأخذ الصلاة وقراءة القرآن ويدع الجهاد والإنفاق والدعوة إلى الله. وصدق الله العظيم: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون [البقرة:85].

لأن أعداء الله استطاعوا أن يفقدوا الإنسان المسلم في واقعنا الإحساس بأنه إنسان له كرامة وحقوق، وينبغي أن يحافظ عليها، لقد أصبح المسلم في واقعنا يتمنى أن يحظى بالاهتمام الذي كان يحظى به الحيوان في زمن عمر بن الخطاب إذ يقول: ((والله لو عثرت بغلة في أرض العراق لخشيت أن يسأل الله عنها ابن الخطاب لِمَ لم يعبّد لها الطريق ؟)).

والشاعر يقول:

القطيع بأرض طاب منهلـــــها وعشبها فاستقي من ماءها ورعى

فصاح راعيه هيا يا قطيع بنــا ننجو من الذئب إن الذئب قد طلعا

قال القطيع له: ما الفرق بينكما كلاكما يبـتغي من لحمنـــا شبعــــا

 وأما سمات المجاهدين :

أنهم يحتسبون جهادهم لله تعالى، فليسوا طلاب دنيا ولا يحرصون على منصب، لذا كان الرسول إذا مر (بآل ياسر) وهم يعذبون فلا يعدهم بجاه ولا انتصار وإنما يقول لهم: ((صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة))، تعليق القلوب بالجنة أمان لها من الملل واليأس والقلق والانتكاس والردة فيما إذا تعلقت بغاية وهدف عاجل قد يطول الوقت لتحققه، وهذا توجيه الله لرسوله في قوله: وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب [الرعد:40].

والمجاهدون الصادقون ليسوا هواة تغيير من باطل إلى باطل، ومن ضياع إلى ضياع ومن طاغوت يهودي إلى طاغوت عربي، وإنما هم آخذون بقول الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله [البقرة:191].

والمجاهدة الصادقون لا يتنازعون على المناصب، فالبناء واحد، والغاية واحدة فلم النزاع؟ ولم الدسائس لإزاحة إخوانك والساحة تتسع للجميع؟ وما أمامنا من عمل يحتاج إلى أضعاف، أضعاف ما عندنا من إمكانيات والموجود متمزق، تحكمه الفرقة والشتات، أين هذا العبث واللعب من الدور العظيم الذي ينبغي أن نتحسس ثقله وتبعاته ومسؤولياته مما يستلزم ضم كل الطاقات والجهود تحت شعار العالمية وإحياء دار الأرقم من جديد، فلا صلاح لنا إلا بما صلح به أولينا، وإلا فهو الاستبدال: وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد:38]. وكم كان موقف أبو عبيدة من عمرو بن العاص في غزوة (ذات السلاسل) كريما ومثلا يفتدي به، (حيث بعث رسول الله أبا عبيدة مددا (لعمرو) ولنجدته وقال له (لا تختلفا) فلما وصل أبو عبيدة قال له عمرو: إنما جئت مددا لي فأنا أميرك فقال له أبو عبيدة: يا عمرو إن رسول الله قال لي لا تختلفا وإنك إن عصيتني أطعتك)([8])، بهذا الفهم الكريم انتصر سلفنا، ولا نصر إلا بمثل هذا الفهم الكريم وإلا فهي المهزلة وشماتة أعداء الله بنا .

وأما الذي نحذره في جهادنا ؟

نحذر أن نكون أداة تنفيذية للعبة يهودية أو نصرانية، والدخول ضمن دائرة السياسات الدولية، والمعادلات الصعبة، والمسرحيات التي يراد بها تلميع وجوه منكرة، وطمس وجوه أخرى احترقت أوراقها قول النبي : ((لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن غيرهم))([9]).

نحذر أن يكون ثمرة جهادنا لقمة سائغة، سهلة لأعداء الله، يجنون ثمار جهادنا بعد أن يركبوا الموجة في آخرها وتأمل معي، من الذي أخرج المستعمر من ديارنا، (الاستعمار الإنجليزي والفرنسي والإيطالي) أليست هي حركات إسلامية القائمون عليها هم من الشيوخ والعلماء كعمر المختار، وعبد القادر الجزائري وغيرهما، ثم كانت ثمرة الجهاد لأعداء الله، حيث البديل، والوكيل عن المستعمر ممن خلفوا المستعمر في استعمار بلادنا ولعل هذا الدرس ما زالت الأمة تجد الصعوبة البالغة في فهمه والاحتياط له وفي حديث خذيفة بن اليمان وهو يسأل رسول الله : ((وهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها) قال: صفهم لنا يا رسول الله، قال: (هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا))([10]).

 



([1])رواه البخاري ومسلم.

([2])رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

([3])رواه مسلم.

([4])رواه الشيخان.

([5])مختصر ابن كثير مجلد 1 ص 353.

([6])مختصر ابن كثير مجلد 2 ص 180.

([7])رواه أبو داود.

([8])فقه السيرة ص 402 للغزالي.

([9])متفق عليه.

([10])رواه أحمد في مسنده.

الخطبة الثانية

لم ترد .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً