إن للأخلاق في الإسلام مكانة عالية، فقد مدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: وإنك لعلى خلق عظيم ، وأمرنا الله تعالى أن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل أموره، وهو الذي قال: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))، ولقد حث الإسلام على حسن الخلق، فجعل جزاء من حَسُنَ خُلُقُه الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا))، وحسن الخلق كلمة تجمع كل خلق حميد، كالأدب والإيثار والكرم والشجاعة والصدق والوفاء وغير ذلك، والمسلمون اليوم في أمس حاجة إلى هذه الأخلاق عامة وإلى الأدب خاصة، لأن ذلك من الإيمان، فأي نقص في الأخلاق دليل على نقص في الإيمان، وإن أولى من يجب على العبد أن يتحلى بالأدب معه هو الله تعالى، ومن ثم نبيه صلى الله عليه وسلم والوالدين وبعد ذلك المؤمنين والناس عامة.
فيجب على المسلم أن يستحيي من الله تعالى حق الحياء، فإن من الأدب أن لا تعصي الله وهو يراك، وأن لا تعصه على أرضه، وإن من الأدب مع الله تعالى، والذي لا يستقيم إيمان عبد بدونه، أن تؤمن بالقدر، وأن تسلم لأمر الله، فإن من تذمر من قضاء الله أو تشكى، أو قال: لماذا أنا من دون الناس؟ فقد أساء الأدب مع الله وكفر بالقدر، وإن من سوء الأدب مع الله تعالى أيضا ما يفعله البعض من تعجل إجابة الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي))، وإن من إساءة الأدب أن يرفع المرء صوته بالدعاء كما يفعل البعض في صلاة القيام والتراويح من صياح وصراخ بالتأمين وغيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم))، واعلموا عباد الله أن من أعظم أنواع إساءة الأدب مع الله تعالى أن يقدم العبد عقله ورأيه على أوامر الله تعالى وشرعه، فإن ذلك من جنس الكفر الذي وقع فيه إبليس، الذي أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، وكم من أشباه المسلمين اليوم من يقدم عقله السقيم ورأيه الوخيم على كلام رب العالمين وشرع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ، عباد الله: إن من أفتى بغير علم، أو رفض ورد أمرا من أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأنها تُخالف هواه وما تعود عليه، أو قدم أقوال أحد من البشر على قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم فقد وقع في المحظور الذي نهى عنه ربنا تعالى في قوله: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ، ولقد جعل الله تعالى رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم محبطا للعمل، فكيف بمن يرفع رأيه وذوقه وعقله فوق كلامه صلى الله عليه وسلم؟؟
وإن من إساءة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادى باسمه مجردا، كما يفعل ذلك بعض الكتاب، فيقول مثلا: ذهب محمد ابن عبد الله. إذ المشروع أن يقول المسلم: رسول الله أو نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وانظر إلى أدب العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلم؟فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله؟
وإن من إساءة الأدب معه أن تسمع من يستهزأ أو يطعن في سنته وأنت لا تدافع عنها ولا تذب عن دينك، كذلك من إساءة الأدب أن تعلم أن نبيك صلى الله عليه وسلم من سنته كذا وكذا، ثم أنت ترغب عن فعلها واتباعها، وتعرض عنها والعياذ بالله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
|