.

اليوم م الموافق ‏03/‏جمادى الثانية/‏1446هـ

 
 

 

الأدب

594

الرقاق والأخلاق والآداب

مكارم الأخلاق

عاصم بن لقمان يونس الحكيم

جدة

30/3/1419

جامع جعفر الطيار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- مكانة الأخلاق في الإسلام 2- الأدب مع الله والحياء منه 3- أنواع من إساءة الأدب مع الله تعالى 4- الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم 5- الأدب مع الوالدين

الخطبة الأولى

 

إن للأخلاق في الإسلام مكانة عالية، فقد مدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:  وإنك لعلى خلق عظيم ، وأمرنا الله تعالى أن نتأسى بالنبي  صلى الله عليه وسلم في كل أموره، وهو الذي قال: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))، ولقد حث الإسلام على حسن الخلق، فجعل جزاء من حَسُنَ خُلُقُه الجنة، قال النبي  صلى الله عليه وسلم: (( أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا))، وحسن الخلق كلمة تجمع كل خلق حميد، كالأدب والإيثار والكرم والشجاعة والصدق والوفاء وغير ذلك، والمسلمون اليوم في أمس حاجة إلى هذه الأخلاق عامة وإلى الأدب خاصة، لأن ذلك من الإيمان، فأي نقص في الأخلاق دليل على نقص في الإيمان، وإن أولى من يجب على العبد أن يتحلى بالأدب معه هو الله تعالى، ومن ثم نبيه صلى الله عليه وسلم والوالدين وبعد ذلك المؤمنين والناس عامة.

 فيجب على المسلم أن يستحيي من الله تعالى حق الحياء، فإن من الأدب أن لا تعصي الله وهو يراك، وأن لا تعصه على أرضه، وإن من الأدب مع الله تعالى، والذي لا يستقيم إيمان عبد بدونه، أن تؤمن بالقدر، وأن تسلم لأمر الله، فإن من تذمر من قضاء الله أو تشكى، أو قال: لماذا أنا من دون الناس؟ فقد أساء الأدب مع الله وكفر بالقدر، وإن من  سوء الأدب مع الله تعالى أيضا ما يفعله البعض من تعجل إجابة الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي))، وإن من إساءة الأدب أن يرفع المرء صوته بالدعاء كما يفعل البعض في صلاة القيام والتراويح من صياح وصراخ بالتأمين وغيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم))، واعلموا عباد الله أن من أعظم أنواع إساءة الأدب مع الله تعالى أن يقدم العبد عقله ورأيه على أوامر الله تعالى وشرعه، فإن ذلك من جنس الكفر الذي وقع فيه إبليس، الذي أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، وكم من أشباه المسلمين اليوم من يقدم عقله السقيم ورأيه الوخيم على كلام رب العالمين وشرع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ، عباد الله: إن من أفتى بغير علم، أو رفض ورد أمرا من أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأنها تُخالف هواه وما تعود عليه، أو قدم أقوال أحد من البشر على قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم فقد وقع في المحظور الذي نهى عنه ربنا تعالى في قوله: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ، ولقد جعل الله تعالى رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم محبطا للعمل، فكيف بمن يرفع رأيه وذوقه وعقله فوق كلامه صلى الله عليه وسلم؟؟

وإن من إساءة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادى باسمه مجردا، كما يفعل ذلك بعض الكتاب، فيقول مثلا: ذهب محمد ابن عبد الله. إذ المشروع أن يقول المسلم: رسول الله أو نبي الله صلى الله عليه وسلم.

 وانظر إلى أدب العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلم؟فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله؟

 وإن من إساءة الأدب معه أن تسمع من يستهزأ أو يطعن في سنته وأنت لا تدافع عنها ولا تذب عن دينك، كذلك من إساءة الأدب أن تعلم أن نبيك صلى الله عليه وسلم من سنته كذا وكذا، ثم أنت ترغب عن فعلها واتباعها، وتعرض عنها والعياذ بالله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 عباد الله: لقد أمر ربنا عز وجل بالإحسان إلى الوالدين، وقرن حقهما مع حقه فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ،إلا أن الواقع الذي نراه يخالف ما أمر الله تعالى به، فأنت ترى من يرفع صوته على والديه ويشد نظره إليهما، ويدخل الحزن والأسى على قلوبهما، ويسيء معاملتهما ويمتن عليهما ولا يحسن إليهما، أو يعاملهما معاملة الند والصنو، بل إن من المسلمين من قد ينادي أباه أو أمه باسمه المجرد، وربما أشار إليهما بلفظ الشايب والعجوز، وهذا والله كله من العقوق.

 عباد الله: إن الآداب كثيرة، ولكن أثرَها ونفعَها كبير وعظيم في الدنيا والآخرة، فيجب على المسلم أن يتحلى بها كلها أو بمعظمها، ويجب على الصالحين الملتزمين بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذين يطبقون كل صغيرة وكبيرة في مظهرهم ولبسهم أن يُضيفوا إلى ذلك تطبيق السنة في تعاملاتهم، وأن يتحلوا بهذه الأخلاق والآداب، إذ هي أولى بلا شك من سنن اللباس والمظهر الخارجي، ولا يعني ذلك أبدا أن يستخف أو يستقل الإنسان بإعفاء اللحى أو بتقصير الثياب، فإن ذلك من الواجبات، ولكن من الواجبات أيضا أن يُحسن المرء أخلاقه وتعامله مع المسلمين وغير المسلمين، على ما كان عليه تعامل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ليس من الطبيعي أن ترى مسلما يكذب أو يشتم أو يخون العهد، وليس من الطبيعي أن ترى أحد الصالحين وهو يتشاجر في السوق أو الشارع ويتعارك بيده أو يشتم أخاه أو يغضب لأمر تافه دنيوي، فالواجب أولا أن يتبع المسلم أوامر الله ورسوله بحذافيرها، والواجب ثانيا أن يكون قدوة للعوام والجهلة الذين يتحججون ويتذرعون بأفعاله، عصمنا الله وإياكم من الزلل في الفعل والقول والعمل، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً