أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون، نحن الآن في واحد من الأشهر الحرم، والتي قال الله عنها: مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.
ألا وإن من الإيمان تعظيم ما حرم الله، ومن الفجور والفساد انتهاك المحرمات والاعتداء على الحرمات وترويع الآمنين، فكيف إذا بلغ الحال إلى قتل الأنفس المعصومة والاعتداء على القرى الآمنة وإلحاق الأضرار بها؟!
إن ما صنعه الحوثيون في الأيام الماضية في المناطق الجنوبية من بلادنا من تسلل واعتداء وإزهاق للأنفس جريمة لا تغتفر، وإفساد في الأرض والله لا يحب المفسدين، واعتداء سافر، أيًا كانت أهدافُه ومن وراءه.
إن هذه الفئة المارقة عن الدين قامت بالاعتداء على أرض الحرمين الشريفين ومعقل الدعوة وحامية وراعية مقدسات المسلمين، سفكوا دما حراما، وجرحوا ما جرحوا بلا وجه حق، ومن هنا وجب قتال هؤلاء الضالين وردّ كيدهم في نحورهم وحماية المسلمين من شرهم.
والحوثيون قبيلة انتهجت منهجا شيعيًا، وتأسست في صعدة شمال اليمن، تُنسب لحسين بدر الدين الحوثي الذي أسسها قبل عام 2003م، وكانت تسمى قبل التمرد بحركة الشباب المؤمن، تطالب بإقامة دولة مستقلة عن النظام في اليمن, خاضت معها السلطات اليمنية خمس حروب بهدف القضاء عليها، وقد قتلت تلك الحروب المئات من الأبرياء وشرّدت الآلاف من الضعفاء ودمرت المنازل والطرق وخربت البلاد.
أما أسباب خروجهم عن النظام في اليمن فهي مطالبتهم للنظام اليمني بقيادة الرئيس اليمني بترك الحكم لهم أو الانفصال وإقامة دولة خاصة بهم يحكمها إمام من آل البيت أو نائب عنه. وهذه عقيدة عند الرافضة لا تتغير، مع أن الرئيس اليمني الحالي وكبار مسؤولي الدولة على المذهب الزيدي. وهذا يبين أن لهم أهدافا سيئة أخرى وتوجهات ذات أبعاد خطيرة لم تتضح بعد!
من يدعم جماعة الحوثيين؟ ومن صنعهم؟ الذي يدعم الحوثيين هو النظام الملالي في إيران (نظام الخميني)؛ بهدف تصدير الثورة وإقامة حركات انفصالية في قلب البلاد العربية على غرار لبنان والعراق، حيث تدعمهم إيران بالسلاح والمال والتدريب والإعلام والدعم السياسي.
فالمتتبع للأحداث لا يجد بالغ عناء في اكتشاف التواطؤ الإيراني ومحاولة زعزعة المنطقة ككل، وليس اليمن فقط، فاليمن والعراق جزء من مخطط فارسي كبير.
والصراع الذي يحدث في اليمن اليوم ما هو في الحقيقة إلا مخطط شيعي إيراني ينفذ بأيدي الحوثيين لنشر التشيع الرافضي في جزيرة العرب وطعن بلاد التوحيد في الظهر، والله سبحانه يقول: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ.
إخوة الإسلام، أصحاب المعتقد الرافضي ومنهم هؤلاء الحوثيون يختلفون عن أهل السنة والجماعة في أصول الدين وأركانه، وليس الخلاف معهم في الفروع والسنن، فلهم في القرآن معتقد فاسد، ولهم في السنة النبوية كذلك، كما لهم مواقف ومعتقداتٌ باطلة في صحابة رسول الله ، يشتمون ويسبون ويلعنون ويكفرون، بل وصلوا بتهمهم وأذيتهم رسول الله ، ولم تسلم أمهات المؤمنين من أذيتهم وتهمهم الفاجرة. وللقوم اعتقاداتٌ في أئمتهم تبلغ تفضيلهم على الأنبياء والملائكة المقربين. وما سبق موجز عن أصول مذهب الرافضة مع ما دخل عليهم من أصول الخوارج والمعتزلة.
وبهذا يتبين أن طائفة الشيعة الرافضة شر طوائف الأمة، وأشدهم عداوة وكيدًا لأهل السنة والجماعة؛ ولذلك يتدينون بلعن جميع أهل السنة الأولين والآخرين، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ.
ولهذا لم يزل الإسلام والمسلمون منهم في محنة؛ يكيدون لهم بأنواع المكايد مما به فساد دينهم ودنياهم، ويناصرون أعداء المسلمين عليهم كلما سنحت لهم الفرصة، وإذا كانت لهم دولة أذلّوا وتسلطوا على من في ولايتهم من أهل السنة كما عليه الحال في إيران والعراق. وهم يثيرون الفتن وأنواع من الفساد والدمار بالمسلمين وزعزعة الأمن في بلاد المسلمين كما حصل في عدد من الدول العربية والإسلامية، قال سبحانه: كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
ولسائل أن يقول: ما هي أسباب دخول السعودية في الحرب؟
السعودية دولة حكيمة في سياستها، ولا يمكنها أن تغامر مغامرة غير محسوبة، بل إنها تحاول قدر الإمكان أن تتعامل بالحوار وبالحلّ السلمي مع أيّ مشكلة وتتجنّب السجالات السياسة، فسعت السعودية منذ بزوغ هذه الحركة للتصدي لها لأنها تشكل خطرا على المملكة من حيث العقيدة والأمن، حيث لو أقيمت دولة حوثية في اليمن على الحدود سيشكل ذلك خطرًا على أمن المملكة وعلى عقيدتها الإسلامية، وسوف تكون هذه الدولة شوكة في خصر المملكة، وربما تكون أرضًا لقواعد دول لها أطماع في السعودية، خاصة إيران وأذنابها في الخليج؛ لذا فدخول السعودية في الحرب كما يقول المحلّلون والخبراء جاء للأسباب التالية:
1- فشل اليمن في القضاء على الحوثيين.
2- توسع دائرة القتال في القرب من الحدود السعودية.
3- دعم الحوثيين لتنظيم القاعدة وجعل مناطق يمنية مسكنًا لهم ومركزًا لإيوائهم.
4- التسلل الحوثي ودخوله الأراضي السعودية وقتله وأسرِه لجنود سعوديين.
وحيث اعتدى هؤلاء الحوثيون على حدود بلادنا وأفسدوا في الأرض، وأساؤوا إلى الآمنين، وعطلوا مساجد عن ذكر الله، فالتنديد بهم واجب شرعي، والدعاءُ عليهم بما كسبت أيديهم، كما ندعو بالتسديد والنصر للقوات التي تصدت لهم ومنعت شرورهم وكفت اعتداءهم، ولا تزال تتبع فلولهم وتتنبه لمداخلهم وتدك معاقلهم.
قال جل وعلا: الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا، وقال سبحانه: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
|