أيها الإخوة المسلمون، تحدثنا في خطب سابقة عن النفاق والمنافقين، وكيف أنهم نجحوا في اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين، ووصلنا إلى مؤسس الرفض والروافض اليهوديّ عبد الله بن سبأ الذي أدرك أن لا فائدة سريعة من اغتيال الخلفاء ما دام الإسلام لا يزال قويًا متماسكًا؛ لأنه كلما قُتل خليفة حلّ محله آخر بنفس الفكر الإسلامي الصحيح، فقرر هو وأتباعه بثَّ التفرقة والإشاعات بين المسلمين، وجمع خزعبلات وتناقضات من عدة أديان، وبدأ يقنع بها العوام، خاصةً ممن دخلوا الإسلام حديثًا والذين عادةً لا يُجيدون اللغة العربية، وكان من بين هذه الأفكار التي كان يقنع بها العوام الرجعة والإمامة والولاية والألوهية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يدعي حبَّه مع أنه كان من أكثر الناقمين عليه، وكيف ينسى ـ وهو يهودي ـ ما فعله عليّ رضي الله عنه عندما دَكَّ حصونهم في خيبر؟!
وقد أشعل هذا الخبيث فتنًا خطيرة بين المسلمين، أخرت الفتوحات زمنًا طويلاً؛ كموقعة الجمل وصفين وغيرها، وتولدت عن هذه الفتن والحروب والاختلافات عقيدة الرفض، وتفرعت بصور ومبادئ وأشكال ظلت تتنوّع وتتغير حتى يومنا هذا؛ مما حدا بالخلفاء والولاة إلى معاقبة أصحاب هذه العقيدة الخبيثة وقتلهم وتخليص المجتمعات المسلمة منهم.
ولما رأى أتباع هذه العقيدة العقاب تلو العقاب اتخذ لهم علماء السوء منهم مبدأ التقية، والتي أبعدت عنهم بعض العقاب الدنيوي، وظل هذا المبدأ ديدنهم في أوقات ضعفهم.
والتقية هي أن يتقي الرافضي خصمه أو محدّثه بأي طريقة ليسلم من العقاب، سواءً بالكذب أو بالموافقة على رأي الخصم وتأييده، ويرْوون أحاديث باطلة عن جعفر الصادق أنه قال: "تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له".
ولقد أخذ التشيّع منحنى آخر بعد استشهاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمحاولة الشيعة اختيار ابنه الحسن خليفة له، إلا أن الحسن ما كان راغبًا في ذلك، وعندما رأى اجتماع المسلمين على معاوية رضي الله عنه ذهب إليه وبايعه، ولقد حاولوا ثنيه عن ذلك فرفض، فطعنه أحدهم في فخذه وتوفى على إثر ذلك بعد أشهر؛ لينتهي أي دور له في خلافة معاوية رضي الله عنه.
وفي سنة ستين للهجرة بويع يزيد بن معاوية على الخلافة، ولكن أهل العراق ـ بالذات الكوفة ـ أرادوا أمرًا آخر، وهو أن تكون الخلافة للحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكتبوا له خمسين خطابًا أو يزيد يطلبون منه الحضور لمبايعته، عِلمًا بأن الحسين رضي الله عنه لم يبايع يزيد بن معاوية، ويرى أنه أولى منه بالخلافة، خاصة أن معاوية لم يترك أمر الخلافة شورى كما ذكر في شروط الصلح مع أخيه الحسن، فكانت فكرة أهل الكوفة مشجّعة، فأرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليستطلع الخبر ويتأكد من صحة الخطابات وأهلها، فاجتمع له خلق كثير يزيدون على عشرين ألف، فقاموا بحصار مقرّ إقامة عبيد الله بن زياد والي البصرة والكوفة، والذي أتته الأوامر من الخليفة يزيد بن معاوية بأن يمنع البيعة للحسين، وأن لا يتعرض للحسين بسوء، فقام عبيد الله بن زياد خطيبًا في الناس، وحذرهم من مساندة مسلم بن عقيل ومبايعة الحسين، وإلا تعرضوا للقتل والتعذيب من جيوش الشام أي: جيوش يزيد بن معاوية، فخاف الكوفيون وانفضّوا عن مسلم بن عقيل وتركوه وحيدًا، فقبض عليه عبيد الله بن زياد وقتله، وقبل قتله كتب مسلم رسالة للحسين يحذّره من المجيء إلى الكوفة؛ لأن أهلها خانوه وفروا عنه، ولكن الرسالة لم تصل للحسين إلا بعد خروجه ووصوله إلى كربلاء حيث حوصر رضي الله عنه، وقاتل بكل شجاعة هو ومن معه من أهل بيته حتى قتلوا جميعًا، وقام الخبيث شمر بن ذي الجوشن بطعن الحسين برمح، فسقط شهيدًا رضي الله عنه في يوم الجمعة العاشر من المحرم عام 60هـ في ملحمة عظيمة.
فشعر الكوفيون بأنهم قد خانوا ابن بنت رسول الله رضي الله عنه، فاخترع لهم علماؤهم الضالون بأن يكفّروا عن جُرمِهِم هذا أو خيانتهم بعادة اللطم على الوجوه والرأس والضرب على الجسم بالسلاسل والسكاكين، والتي يمارسها الروافض الشيعة حتى يومنا هذا في يوم عاشوراء تكفيرًا وندمًا على خذلان الحسين في ذلك الموقف الذي اتكل عليهم فيه لكنهم تركوه وحيدًا حتى استشهد رحمه الله.
واستمر التبديل والتغيير والإضافة والحذف في هذا المذهب الرافضي بين متطرف ومغالي في محبة آل البيت، علمًا بأنهم هم الذين قتلوهم وهم الذين يدّعون اليوم محبته والدفاع عنه زورًا وبهتانًا.
وقد أخذت عقيدة الرفض تتشكل وتتبدل من عصر إلى عصر حتى وصلنا إلى عام 255هـ حيث ظهرت فرقة الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وهم القائلون بإمامة على الرضا وبالرجعة والغيبة وتحريف القرآن ومشاركة علي بن أبي طالب رضي الله عنه للرسول في النبوة والرسالة، ويزعمون بأن محمدا المهدي المنتظر ـ والذي ينتظرونه حتى الآن ـ سيخرج ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا، وقالوا بأنه غاب عنهم في سرداب سامراء وأنه سوف يرجع.
وفي عام 277هـ ظهرت فرقة القرامطة الرافضة الباطنية، وظاهرها التشيع لآل البيت وحقيقتها المتعة والإباحية والقضاء على الإسلام. ومن رجالهم سليمان بن بهرام والذي كان ينهب قوافل الحجاج ويحاصرهم حتى يموتوا جوعًا، وسار نحو مكة وقتل الحُجاج في الحرم وهدم زمزم وملأ المسجد الحرام بالقتلى ونزع كسوة الكعبة واقتلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى الأحساء حيث بقي هناك لأكثر من عشرين سنة.
وفي عام 358هـ استولى العبيديون الرافضة على مصر، وكان أبرز حكامها جوهر الصقلي، والذي قام بقتل العلماء المسلمين السنة، واستباح حرماتهم، وصادر أموالهم رغم الأمان الذي أعطاه لأهالي الإسكندرية عندما احتلها، ومنهم أيضا الحاكم بأمر الله الذي ادعى الألوهية وقرَّب اليهود ومكّنهم من المناصب المهمة في الدولة، كما خطّط لنقل قبر النبي مرتين، وقام أحد الذين أرسلهم بالنبش تحت الأرض ليصل إلى قبر النبي، لكنه اكتُشف وقتل، وكان الهدف من كل هذا هو إضفاء القدسية على عاصمته القاهرة. ولما يئس بنى مشهدا وادعى بأن رأس الحسين بن علي رضي الله عنه مدفون فيه.
وفي عام 568هـ انتهت هذه الدولة الباطنية الرافضية، وظهرت فرقة الدروز الباطنية الرافضية.
وفي عام 656هـ تحالف الرافضة مع التتار ودخلوا بغداد وأكثروا فيها الفساد والقتل بدعم ـ كما ذكرنا في خطب سابقة ـ من ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي الشيعيين الرافضيين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم...
|