|
||
. |
||
عقيدة اليهود: أولاً: عقيدة اليهود في الله تبارك وتعالى: الصفحة السابقة (عناصر البحث) الصفحة التالية |
||
|
||
أولاً: عقيدة اليهود في الله تبارك وتعالى: تعتقد اليهود بأن للقمر ضررًا وتأثيرًا على الناس؛ إذ يهيج بعض الأمراض العصبيّة كالجنون والصرع[1]، فسجدت له اليهود وعبدته. جاء في كتابهم: (ويبسطونها للشمس وللقمر ولكل جنود السموات التي أحبوها، والتي عبدوها وساروا وراءها، والتي استشاروها، والتي سجدوا لها)[2]. كما زعموا بأن الكواكب تنبئهم بالمستقبل ومعرفة الغيب، وكذا رأوا أن لها السلطة في إدارة الكون وحياة البشر أنفسهم حين وجدوا ما فيها من المظاهر الغريبة التي تستحق العبادة في نظرهم بدلاً من خالقها[3]. قال الله تعالى: {وَجَـٰوَزْنَا بِبَنِى إِسْرءيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَى ٱجْعَلْ لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَـٰطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف:138، 139]. وقال سبحانه: {وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَـٰلِمِينَ} [الأعراف:148]. وجاء في كتبهم: "فكان بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحيثيين والآموريين والفرزيين والحويين واليبوسين، واتخذوا بيتًا لهم لأنفسهم نساء وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم، فعمل بنو إسرائيل الشرّ في عيني الربذ، ونسوا الرب إلههم، وعبدوا البعليم والسواري فحمي غضب الرب على إسرائيل"[4]. 2- نسبة النقائص والعيوب إلى الله تعالى[5]: فاتهموا الله تعالى بالبخل، قال الله عنهم: {وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64]. ووصفوا الله سبحانه بالفقر، قال سبحانه: {لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} [آل عمران:181]. ووصفوه سبحانه بأنه ينام ويستيقظ، فجاء في كتبهم: (استيقظ، لماذا تتغافى يا رب؟! انتبه، لا ترفض إلى الأبد)[6]. وقالوا عنه سبحانه: إنه يتعب ويعيا ويحتاج إلى الراحة، فمن نصوصهم: (فأكملت السموات والأرض وكلّ جندها، وفرغ الله في اليوم السادس من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه؛ لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل)[7]. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق:38]، واللغوب: التعب والنصب. قال قتادة: قالت اليهود: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ففرغ من الخلق يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، فأكذبهم الله وقال: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}[8]. ووصفوه سبحانه بالحزن والندم والسقم: (من يفرج عني الحزن؛ قلبي في سقيم)[9]، (فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه)[10]، (فندم الرب على الشر الذي قال: إنه يفعله بشعبه)[11]. ووصفوه سبحانه بالألم، فجاء في كتبهم عن الرب جل وعلا: (أحشائي أحشائي توجعني، جدران قلبي يئنّ)[12]. ووصفوه سبحانه باللهو اللعب، فجاء في التلمود: (إن النهار اثنتا عشرة ساعة، في الثلاث الأولى منها يجلس الله ويطالع الشريعة، وفي الثلاث الثانية يحكم، وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم، وفي الثلاث الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك)[13]. ووصفوا الله تعالى بالبكاء والجزع واللطم، فجاء في التلمود: (يتندم الله على تركه اليهود في حالة التعاسة، حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم، فتسقط من عينيه دمعتان في البحر، فيسمع دويها من بدء العالم إلى أقصاه، وتضطرب المياه وترتجف الأرض في أغلب الأحيان، فتحصل الزلازل)[14]، وجاء أيضا في كتبهم: (يا ليت رأسي ماء، وعيني ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلاً قتلى بنت شعبي)[15]. ونسبوا إليه سبحانه الزوجة والحظيات[16]، (بنات ملوك بين حظياتك، جعلت الملِكَة عن يمينك بذهب أو فير، اسمعي يا بنت، وانظري وأميلي أذنك، وانسي شعبك وبيتَ أبيك، فيشتهي الملك حسنك؛ لأنه هو سيدك فاسجدي له)[17]. وفي ذلك يقول ابن حزم عن اليهود: "ما شاء الله، أنكرنا الأولاد، فأتونا بالزوجة والأختين، تبارك الله، فما نرى لهم على النصارى فضلاً أصلاً، ونعوذ بالله من الخذلان"[18]. كما نسبوا إليه سبحانه الولد، فقد زعمت فرقة الصدوقيين[19] أن العزيز ابن الله، ولعلهم هم الذين حكى الله سبحانه وتعالى قولهم: {وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ} [التوبة:30]. وجاء في سفر التكوين أن لله تعالى أولادًا من الذكور، وقد فتنهم جمال بنات الآدميين، فاتخذوهن خليلات، وولدن منهن نسلا امتاز ببسطة كبيرة في الجسم، وهم الجبابرة الذين سكنوا الأرض قبل الطوفان[20]: (وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا... وبعد ذلك دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادًا. هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم)[21]. وقيّدوا مشيئة الله تعالى وحجروا عليه في إرادته، فمنعوا نسخ الأحكام، قال ابن القيم: "ومن تلاعب الشيطان بهذه الأمة ـ أي: اليهود ـ أن ألقى إليهم أن الرب تعالى محجورٌ عليه نسخ الشرائع، فحجروا عليه أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وجعلوا هذه الشبهة الشيطانية ترسًا لهم في جحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرّروا ذلك بأن النسخ يستلزم البداء[22]"[23]. وذكر القرطبي بعض الأمثلة الواردة في التوراة على حصول النسخ ثم قال: "وليس هذا من باب البداء، بل هو نقل العباد من عبادة إلى عبادة، وحكم إلى حكم، لضربٍ من المصلحة، إظهارًا لحكمته وكمال مملكته، ولا خلاف بين العقلاء أن شرائع الأنبياء قُصد بها مصالح الخلق الدينية والدنيوية، وإنما كان يلزم البداء لو لم يكن عالمًا بمآل الأمور، وأما العالم بذلك فإنما تتبدّل خطاباته بحسب تبدّل المصالح، كالطبيب المراعي أحوال العليل، فراعى ذلك في خليقته بمشيئته وإرادته، لا إله إلا هو"[24]. وقالوا عنه سبحانه: إنه صارع يعقوب فغُلِب، فجاء في سفر التكوين: "ثم قام في تلك الليلة، وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر، وعبر مخاضة يبّوق، أخذهم وأجازهم الوادي، وأجاز ما كان له، فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حُقّ فخذه، فانخلع حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه، وقال: أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال: لا أطلقك إن لم تباركني، فقال له: ما اسمك؟ فقال: يعقوب، فقال: لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت، وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك، فقال: لماذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك"[25]. ووصفوه سبحانه بالأسر، وأن داود عليه السلام يخلّصه منه: (داود وجميع الشعب أخذوا تابوت الله الذي يسمّى ربّ الجنود الجالس على الكروييم، وجرّوا التابوت على عجلة، والربّ جالس في التابوت يتفرّج عليهم، وهم يرقصون فرحًا بعودته من الأسر من عند الفلسطينيين"[26]. ووصفوه سبحانه وتعالى بالرذالة ونقض العهود، فجاء في كتبهم: "لكنك رفضت ورذلت، غضبتَ على مسيحك، نقضتَ عهدَ عبدك، بخست تاجه في التراب"[27]. ونصوصهم في تشبيه الله تعالى وتمثيله بخلقه كثيرة، فتارة بالإنسان كرجل الحروب[28]، وتارة بالحيوانات كالأسد[29]. 3- التمرّد على أوامر الله تعالى والاستكبار على حكمه وتبديل شرعه: أخبرنا الله تعالى عن قولهم لموسى عليه السلام مستكبرين مستهزئين: {فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ} [المائدة:24]. وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: ((يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن))، وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:32]، قال: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه))[30]. عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمَّما مجلودا، فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: ((هكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟!)) قالوا: نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال: ((أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟!)) قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه))، فأمر به فرجم، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة:41]، يقول: ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47] في الكفار كلها[31].
[1] انظر: قاموس الكتاب المقدس (ص 743). [2] سفر أرمياء (8: 2). وانظر: سفر الملوك الثاني (23: 5). [3] انظر: قاموس الكتاب المقدس (ص 958-959). ونشأة اليهود لزكي شنوده (ص 487). وجهود الإمامين ابن تيمية وابن القيم في دحض مفتريات اليهود (ص 99). [4] سفر القضاة (3: 5-8). [5] انظر: نشأة اليهود (ص 304-368)، بنو إسرائيل وموقفهم من الذات الآلهية (1/330-346). [6] مزامير (44: 22). [7] تكوين (2: 1-3)، وانظر: الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم (ص 21). [8] أسنده الطبري في جامع البيان (22/376). [9] أرميا (8-18). [10] تكوين (6: 5-7). [11] خروج (32: 12-14). [12] أرميا (4: 19 – 20). [13] انظر: الكنز المرصود (ص 49). [14] انظر: الكنز المرصود (ص 50). [15] أرميا (9: 1). [16] انظر: الفصل في الملل والأهواء والنخل ج1 ص 206. [17] مز (45: 8-12). [18] الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/206). [19] انظر: للتعريف عنها (ص 66) من هذه الدراسة. [20] الأسفار المقدسة (ص 25) بتصرف. [21] تكوين (6: 1-5). [22] قال ابن منظور في لسان العرب (1/348): "هو استصواب شيء عُلم بعد أن لم يُعلم، وذلك على الله غير جائز". [23] إغاثة اللهفان (2/346). وانظر: هداية الحيارى له (ص 223). [24] الجامع لأحكام القرآن (2/63-64). وانظر: بذل المجهود في إفحام اليهود للحكيم السمؤل (ص 19) وما بعدها. [25] سفر التكوين (32/24-30)، وانظر: الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم (ص 21)، دراسة عن التوراة والإنجيل للكامل سعفان (ص 186-187)، جهود علماء المسلمين في الرد على النصارى للدكتور محمد منقذ السقار (ص 579 ـ رسالة علمية ـ). [26] انظر: سفر صموئيل إصحاح (12-16). وانظر أيضًا: الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم (ص 34). [27] مزمور (89: 38-39). [28] انظر: أشعيا (42: 12). [29] انظ: هوشع (13: 7-8). [30] أخرجه الترمذي في التفسير (3095)، وابن جرير في جامع البيان (10/114)، والبيهقي في الكبرى (10/116)، قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث"، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2471). [31] أخرجه مسلم في الحدود (1700). |
||
|
||
. |