|
||
. |
||
الولاء والبراء: أولاً: تعريف وبيان: الصفحة السابقة الصفحة التالية (الصفحة الرئيسة) |
||
|
||
أولاً: تعريف وبيان: أ- تعريف الولاء والبراء لغة وشرعا: الولاء لغة: قال ابن فارس: "الواو واللام والياء: أصل صحيح يدل على قرب... من ذلك الولي: القريب... والولاء: الموالون، يقال: هؤلاء ولاء فلان"، ثم قال: "والباب كلّه راجع إلى القرب"[1]. وقال الخليل بن أحمد: "الولاء: مصدر الموْلى... والوالي: المعتق والحليف والولي... والموالاة: اتخاذ المولى"[2]. وقال الراغب: "الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد. والوَلاية: النصرة، والوِلاية: تولي الأمر، وقيل: الوِلاية والوَلاية نحو: الدِّلالة والدَّلالة"[3]. وقال ابن منظور: "قال ابن الأعرابي: الموالاة أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له في أحدهما هوىً فيواليه أو يحابيه. ووالى فلان فلاناً إذا أحبه... وقد تكرر ذكر (المولى) في الحديث، قال: وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب والمالك والسيد والمنعِم والمعتِق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والولاء في العتق، والموالاة من والى القوم، وقال: والولي: الصديق والنصير، ابن الأعرابي: الولي: المحب... والموالاة: ضدّ المعاداة، والولي: ضدّ العدو. وتولاه: اتخذه ولياً، وإنه لبيِّن الوِلاة والولية والتولي والولاء والوِلاية والوَلاية. والولي: القرب والدنو..."[4]. البراء لغة: قال ابن فارس: "فأمّا الباء والراء والهمزة فأصلان إليهما ترجع فروع الباب ـ ثم قال بعد ما ذكر الأصل الأول:ـ والأصل الآخر: التباعد من الشيء ومُزايَلَتُه، من ذلك البرء وهو السلام من السقم، يقال: برئت وبرأت... ومن ذلك قولهم: برئت إليك من حقك وأهل الحجاز يقولون: إنا براء منك، وغيرهم يقولون: أنا بريء منك"[5]. وقال الراغب: "أصل البُرء والبراءة والبَري: التقصّي مما يكره مجاورته، ولذلك قيل: بَرَأْتُ من المرض، وبِرئتُ من فلان وتبرّأت، وأبْرَأته من كذا، وبَرّأته، ورجل بَريء، وقوم برآء، وبريؤون"[6]. وقال ابن منظور: "قال ابن الأعرابي: برئ إذا تخلّص، وبرئ إذا تنزّه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: {بَرَاءةٌ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة:1] أي: إعذار وإنذار... وليلة البراء ليلة يتبرأ القمر من الشمس"[7]. قال الزبيدي: "وقال البيضاوي: أصل تركيب البرْء لخلوص الشيء من غيره، إما على سبيل التقصي، كبَرَأ المريض من مرضه، والمديون من دينه، أو الإنشاء، كبَرَأ الله آدم من الطين"[8]. إذن الولاء لغة يطلق على عدّة معان منها: المحبة، والنصرة، والاتباع، والقرب من الشيء، والدنو منه. والبراء لغة يطلق على عدة معان أيضاً منها: البعد، والتنزه، والتخلص، والعداوة. الولاء والبراءشرعا: عرّفها كثير من العلماء بقولهم[9]: الولاية هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطناً، والبراء: هو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار. قال شيخ الإسلام في أصل معنى الولاية والعداوة: "والولاية ضدّ العداوة، وأصل الولاية: المحبة والقرب، وأصل العداوة: البغض والبعد. وقد قيل: إنّ الولي سمّي ولياً من موالاته للطاعات، أي: متابعته لها، والأول أصح، والولي: القريب، يقال: هذا يلي هذا أي: يقرب منه"[10]. وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: "أصل الموالاة الحب، وأصل المعاداة: البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة، كالنصرة، والأنس، والمعاونة، وكالجهاد، والهجرة، ونحو ذلك من الأعمال. والوليّ ضدّ العدو"[11]. وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: "إن الموالاة هي الموافقة والمناصرة والمعاونة والرضا بأفعال من يواليهم، وهذه هي الموالاة العامة، التي إذا صدرت من مسلم لكافر اعتبر صاحبها كافراً، أما مجرّد الاجتماع مع الكفار، بدون إظهار تام للدين، مع كراهية كفرهم، فمعصية لا توجب الكفر"[12]. ب- علاقة الحب والبغض بالولاء والبراء: الحب والبغض هما أصلا الموالاة والمعاداة. قال شيخ الإسلام: "أصل الموالاة هي المحبة، كما أنّ أصل المعاداة البغض، فإن التّحابّ يوجب التقارب والاتفاق، والتباغض يوجب التباعد والاختلاف، وقد قيل: المولى من الولي: وهو القرب، وهو يلي هذا، أي: هو يقرب منه. والعدو من العدواء وهو البعد، ومنه العُدْوَة، والشيء إذا ولى الشيء ودنا منه وقرب إليه اتّصل به، كما أنه إذا عُدّى عنه، ونأى عنه، وبعد منه، كان ماضياً عنه"[13]. والموالاة لازم الحب وكذا المعاداة لازم البغض: قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((ووالى في الله)): "هذا بيان للازم المحبة في الله وهو الموالاة، فيه إشارة إلى أنه لا يكفي في ذلك مجرّد الحب، بل لا بد مع ذلك من الموالاة التي هي لازم الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً". وقال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((وعادى في الله)): "هذا بيان للازم البغض في الله وهو المعاداة فيه، أي: إظهار العداوة بالفعل، كالجهاد لأعداء الله والبراءة منهم، والبعد عنهم باطناً وظاهراً، إشارة إلى أنه لا يكفي مجرّد بغض القلب، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه"[14].
[1] مقاييس اللغة (6/141-142). [2] كتاب العين (ص 8/365). [3] مفردات ألفاظ القرآن (ص 885-887). [4] لسان العرب (1/400-407). [5] مقاييس اللغة (1/236-237). [6] مفردات ألفاظ القرآن (ص 121). [7] لسان العرب (1/354-356). [8] تاج العروس (1/145). [9] انظر: شرح الطحاوية (ص 403)، وتيسير العزيز المجيد (ص 480)، وكتاب الإيمان لنعيم ياسين (ص 256)، والولاء والبراء في الإسلام (ص 87-92)، والموالاة والمعاداة (ص 27-31). [10] الفرقان (ص 53). [11] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/325). [12] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/309)، وانظر: الموالاة والمعاداة (1/28). [13] قاعدة في المحبة (ص 198). [14] تيسير العزيز الحميد (ص 480). |
||
|
||
. |