|
||
. | ||
صوم رمضان الحقيقة اللغوية والشرعية : ثانياً: رمضان قائمة محتويات هذا الملف |
||
|
||
2- رمضان: أ- لغة: قال ابن فارس: " الراء والميم والضاد أصلٌ مطرد يدل على حدّةٍ في الشيء من حرٍّ وغيره. ومنه: سكين رميض – أي حاد -، وكل حاد رميض، وخرج عن الأصل قول القائل: أتيتُ فلاناً فلم أجده، فرمضت عنده ترميضاً: أي انتظرته " ([1]).
قال الليث بن المظفر: " الرمض حرّ الحجارة من شدة حرّ الشمس،
والاسم وقال ابن السكّيت: " الرّمض: مصدر رمض الرجل يرمض رمضاً: احترقت قدماه من شدّة الحرّ، ورمض الفصال: أن تحترق الرمضاء – وهو الرمل – فتبرك الفصال من شدّ حرّها، وإطراقها أخفافها وفراسنها " ([3]).
قال الجوهريُّ: " وأرمضتني الرمضاء: أحرقتني، والترميض: صيد
الظبي في قال الراغب: " هو من الرّمض، أي: شدة وقع الشمس " ([5]). وقال السّمين الحلبي: " لموافقة فريضته في الزمان الأول – عند بعضهم – زمن الرمضاء، وهي شدّة الحرّ، وقيل لشدّة احتراق جوف الصائم بالعطش " ([6]). وقال القاضي أبو يعلى الفرّاء الحنبلي: " قيل: سُمّي رمضان لأنه يرمض الذنوب، أي: يحرقها ويهلكها " ([7]). روي في معنى ما قاله القاضي حديثان موضوعان ! أحدهما: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن شهر رمضان، فقال: ((أرمض الله فيه ذنوب المؤمنين فغفرها لهم )) ([8]).
والآخر: عن أنس رضي الله عنه، وفيه:
((وإنما سمي
رمضان لأنه يرمض وقد فصّل القول في اشتقاق " رمضان " شيخ الإسلام ابن تيمية وأتى فيه بما لا يوجد عند غيره([10]). ج- هل يصحّ إطلاق " رمضان " على شهر الصوم بدون لفظ " شهر " ؟ ذهب القاضي أبو يعلى إلى كراهة إطلاقه من غير قرينة تدلّ على أنّ المراد به الشهر؛ لأن الله يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ} [ البقرة:185] ([11]). وإلى ذلك ذهب أكثر الشافعية، فلا بأس عندهم أن يقال: صمنا رمضان – مثلاً – لكن يكره أن يقال: جاء رمضان، أو دخل رمضان ([12]). ونقل النووي عن أصحاب مالك كراهة إطلاق " رمضان " على الشهر مطلقاً، سواء كانت هناك قرينة أم لا، بل لا يقال إلاّ شهر رمضان ([13])، والذي في كتب المالكية على خلاف ما ذكر ([14]). ومستند الكراهة حديث لا يثبت، هو: (( لا تقولوا: جاء رمضان، فإن رمضان اسم الله، ولكن قولوا: جاء شهر رمضان )) ([15]). وقد ثبتت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في تسمية " رمضان " من غير ذكر شهر كقوله صلى الله عليه وسلم: (( إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة... )). وكقوله: ((من صام رمضان... )). ولذا فالصواب أنه لا كراهة في قول " رمضان " مطلقاً، لأنّ الكراهة إنّما تثبت بنهي الشرع، ولم يثبت نهي، وإلى هذا ذهب المحققون من أهل العلم ([16]). ([1]) المقاييس ( 2 / 440 ). ([2]) انظر: تهذيب اللغة ( 12 / 32 ). ([3])انظر: تهذيب اللغة ( 12 / 32 ). ([4]) الصحاح ( 3 / 1081 ). ([5]) المفردات ( رمض: 366 ). ([6]) عمدة الحفاظ ( ر م ض: 2 / 127 ). ([7]) شرح العمدة ( 1 / 35 – الصيام ) لشيخ الإسلام ابن تيمية. ([8]) أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب ( 2 / 380 )، وحكم عليه بالوضع العلاّمة المعلّمي في تعليقه على الفوائد المجموعة ( ص: 87 ) للشوكاني. ([9]) أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور ( 1 / 344 )، ومن طريقه الأصبهاني في الترغيب والترهيب ( 2 / 353 )، وفي إسناده راوٍ كذّاب. ([10]) انظر: شرح العمدة ( 1 / 35 – 36 الصيام ). ([11]) الفروع ( 3 / 4 ) لابن مفلح. ([12]) المجموع ( 6 / 248 ). ([13]) المجموع ( 6 / 248 ). ([14]) انظر: الذخيرة ( 2 / 486 )، المقدّمات والممهّدات ( 1 / 246، 252 ) لابن رشد، منح الجليل ( 1 / 384، 385، وغيرها )، لعليش. ([15]) أخرجه البيهقي في الكبرى ( 4 / 201 )، وابن عدي في الكامل ( 7 / 53 )، وأعلّه أبو حاتم كما في العلـل ( 1 / 149 – 150 )، وضعّفه ابن حجر في الفتح ( 4 / 135 )، وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع في الموضوعات ( 2 / 545 )، وقال الجورقاني في الأباطيل والمناكير ( 2 / 88 ): " هذا حديث باطل ". ([16]) انظر: شرح العمدة ( 1 / 31 – 34 الصيام )، بدائع الفوائد ( 2 / 104 )، الأذكار (331) للنووي، الإعلام ( 5 / 140، 159 ) لابن الملقن، معجم المناهي اللفظية ( ص: 644 – 645 ) لبكر أبو زيد، وذكر فيه مصادر أخرى. |
||
. |